بسم الله الرحمن الرحيم
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -:
((وقولهم مسائل الخلاف لا إنكار فيها ليس بصحيح فإن الإنكار إما أن يتوجه إلى القول بالحكم أو العمل. أمّا الأول فإذا كان القول يخالف سنة أو إجماعاً قديماً وجب إنكاره وفاقاً. وإن لم يكن كذلك فإنه يُنكر بمعنى بيان ضعفه عند من يقول المصيب واحد وهم عامة السلف والفقهاء. وأما العمل فإذا كان على خلاف سنة أو إجماع وجب إنكاره أيضاً بحسب درجات الإنكار. أما إذا لم يكن في المسألة سنة ولا إجماع وللاجتهاد فيها مساغ لم ينكر على من عمل بها مجتهداً أو مقلداً. وإنما دخل هذا اللبس من جهة أن القائل يعتقد أن مسائل الخلاف هي مسائل الاجتهاد، كما اعتقد ذلك طوائف من الناس. والصواب الذي عليه الأئمة أن مسائل الاجتهاد ما لم يكن فيها دليل يجب العمل به وجوباً ظاهراً مثل حديث صحيح لا معارض له من جنسه فيسوغ إذا عدم ذلك فيها الاجتهاد لتعارض الأدلة المتقاربة أو لخفاء الأدلة فيها))
وقال ابن القيم - رحمه الله -:
((وقولهم \"إن مسائل الخلاف لا إنكار فيها\" ليس بصحيحº...، وكيف يقول فقيه لا إنكار في المسائل المختلف فيها والفقهاء من سائر الطوائف قد صرحوا بنقض حكم الحاكم إذا خالف كتاباً أو سنة وإن كان قد وافق فيه بعض العلماء؟ وأما إذا لم يكن في المسألة سنة ولا إجماع وللاجتهاد فيها مَسَاغ لم تنكر على مَن عمل بها مجتهداً أو مقلداً. وإنما دخل هذا اللبس من جهة أن القائل يعتقد أن مسائل الخلاف هي مسائل الاجتهاد، كما اعتقد ذلك طوائف من الناس ممن ليس لهم تحقيق في العلم. والصواب ما عليه الأئمة أن مسائل الاجتهاد ما لم يكن فيها دليل يجب العمل به وجوباً ظاهراً مثل حديث صحيح لا معارض له من جنسه فيسوغ فيها - إذا عدم فيها الدليل الظاهر الذي يجب العمل به- الاجتهاد لتعارض الأدلة أو لخفاء الأدلة فيها))
وقال الشوكاني - رحمه الله -:
((هذه المقالة - لا إنكار في مسائل الخلاف- قد صارت أعظم ذريعة إلى سدّ باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهما بالمثابة التي عرَّفناك، والمنـزلة التي بيَّناها لك، وقد وجب بإيجاب الله - عز وجل -، وبإيجاب رسوله - صلى الله عليه وسلم - على هذه الأمة، الأمر بما هو معروف من معروفات الشرع، والنهي عما هو منكر من منكراته: ومعيار ذلك الكتاب والسنة، فعلى كل مسلم أن يأمر بما وجده فيهما أو في أحدهما معروفاً، وينهى عما هو فيهما أو في أحدهما منكراً. وإن قال قائل من أهل العلم بما يخالف ذلك، فقوله منكر يجب إنكاره عليه أولاً، ثم على العامل به ثانياً. وهذه الشريعة الشريفة التي أُمِرنا بالأمر بمعروفها، والنهي عن منكرها، هي هذه الموجودة في الكتاب والسنة))
----------------------------------------------------------
انظر:[بيان الدليل على بطلان التحليل لابن تيمية (ص 210)] و [إعلام الموقعين لابن القيم (3/ 300)] و [السيل الجرّار للشوكاني (4/588)]
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد