بسم الله الرحمن الرحيم
من الشائع أن التمجيد والتقديس يقابل بالتسبيح، كما يقابل الدعاء بالتأمين.
ولكن هل لذلك أصل؟ وما حكمه في الصلاة؟
نلاحظ أن الإمام إذا قانت فقال: إنه لا يعز من عاديت ولا..قال الناس (سبحانك)! فما هو الأصل في ذلك؟
وما هو حكم رفع الصوت به؟
وإن لم يكن له أصل فما حكم صلاة المسبح؟
معلوم أن التسبيح من جنس الصلاة، هذا من حيث الأصل، ويدل لهذا الأصل حديث معاوية بن الحكم - رضي الله عنه - المشهور، وفيه (إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هي التسبيح والتكبير وقراءة القرآن) خرجه مسلم في صحيحه.
فالمسبح لم يحدث في الصلاة شيئا من غير جنسها.فإن كان قد أتى بالتسبيح لسبب صحيح، كان فعله مشروعا، كما لو مر بآية فيها تعظيم للرب - سبحانه -، يدل لذلك: حديث حذيفة - رضي الله عنه - في صلاته مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة، وفيه أنه إذا مر بآية فيها تسبيح سبح... الحديث، وهو عند أحمد ومسلم والنسائي، وهذا عام في الإمام والمأموم والمنفرد على الصحيح من قولي أهل العلم.
وكما لو نابه شيء في صلاته، وفيه أحاديث منها حديث سهل بن سعد - رضي الله عنه - مرفوعا (من نابه شيء في صلاته فليسبح، فإنما التصفيق للنساء) رواه الشيخان في حديث طويل، وفي الباب عن علي وأبي هريرة - رضي الله عنهما -. ويمكن أن يقال هنا: إذا كان يشرع للمصلي قول: \" سبحان الله \" فيما إذا نابه شيء في صلاته، مع أن هذا ليس له علاقة قوية بمعنى التسبيح، فلأن يقول: \" سبحان الله \" عندما يسمع الثناء على الله أولى وأحرى.
ولهذا يشرع للمأموم التسبيح في حال قراءة إمامه أو دعائه، إذا مر بتعظيم لله - سبحانه - أو ثناء عليه، فهذا هو الموافق للأصول، وظاهر السنة المطهرة، على أن يخفض المأموم بذلك صوته، والله أعلم.
فإن قيل إن هذا لم يرد منصوصا بعينه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ونحن متبعون لا مبتدعون، فالجواب أن يقال: بل قد جاءت النصوص بمشروعيته، أو ما هو من جنسه، وقد سبقت الإشارة إلى شيء منها، ومنها أيضا حديث رفاعة بن رافع، لما صلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، فعطس، فقال: الحمد لله، حمدا كثيرا طيبا مباركا عليه، كما يحب ربنا ويرضى، وأقره النبي - صلى الله عليه وسلم - \" بمعناه، رواه أبو داود، والنسائي، و الترمذي وقال: حديث حسن، فهذا رفاعة - رضي الله عنه - يأتي بذكر يتصل بما لا علاقة له بصلاته ـ وهو العطاس ـ، ولكنه لما كان من جنس الصلاة، وله سبب صحيح أقره.
ومما يؤيد هذا أنه يشرع للمأموم أن يؤمن على دعاء إمامه في القنوت، لوجود سببه الشرعي، وهكذا يقال في التسبيح عند الثناء على الله - سبحانه -، فهو ذكر يسير، جاء سببه الشرعي، و لا يمنع الإنصات فجرى مجراه.
وقد سئل الإمام أحمد - رحمه الله - عن الإمام يقول: \" لا إله إلا الله \"º فيقول من خلفه: \" لا إله إلا الله \"، يرفعون بها أصواتهم، قال: يقولون، ولكن يخفون ذلك في أنفسهم، قال ابن قدامة - رحمه الله -: وإنما لم يكره أحمد ذلك، كما كره القراءة خلف الإمام لأنه يسير لا يمنع الإنصات فجرى مجرى التأمين، (المغني 1/ 710).
والعلم عند الله - تعالى -.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد