بسم الله الرحمن الرحيم
االأضحية بضم الهمزة وكسرها وتشديد الياء ويقال لها أيضًا الضحية وتجمع على ضحايا وأضاحٍ,. وهي في الاصطلاح ما يذبح من النعم تقرٌّبًا إلى الله - تعالى -في أيام النحر..
وقد شرعت في السنة الثانية من الهجرة كالزكاة وصلاة العيدين..
أحكام الأضحية:
عند المالكية هي سنة مؤكدة وقيل هي سنة واجبة أي يجب العمل بها ولو تركها أهل بلد عمدًا قوتلوا عنها وهي سنة لغير الحاج(1).
وعند الأحناف أنها واجبة استدلوا بحديث أبي هريرة \"من كان له سعة ولم يضح فلا يقربن مصلانا\" رواه الإمام أحمد والحاكم والصحيح أنه موقوف وعند الحنابلة والشافعية أنها سنة ليست واجبة لحديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - \"أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يضحي بكبشين أقرنين أملحين ويسمي ويضع رجله على صفاحهما ويقول بسم الله ألله أكبر\" البخاري ومسلم، وحديث أم سلمة - رضي الله عنها - قالت إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: \"إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فيمسك عن شعره وأظفاره\".
وقوله (وأراد أحدكم) يدل على عدم الوجوب.
والأضحية من شعار الإسلام يجب على القادر أن لا يتهاون في فعلها فكثير من الناس في السودان يحافظ على العقيقة خاصة لأول مولود له ويفعلها ولو اقترض ويتهاون في الأضحية، والأضحية أوكد من العقيقة (السماية) وتكون واجبة إذا نذر أو اشتراها بنية الأضحية.
وهي إحياء لسنة إبراهيم وابنه إسماعيل - عليهما السلام - حين فدا الله إسماعيل بكبش، قال - تعالى -: (وفديناه بذبح عظيم) الصافات، والقدرة عليها بأن لا يحتاج إلى ثمنها في أيام العيد للضروريات وجاز عند المالكية أن يستدين لها وكذلك قال الحنابلة هو الذي يمكنه الحصول على ثمنها ولو بالدين إذا كان يقدر على وفاء دينه(3).
الأضحية وشروطها:
لا تصح الأضحية إلا من النعم وهي الإبل والبقر والماعز بنوعيها الضأن والشاة يشمل الذكور والإناث والخصي والفحل.
لقوله - تعالى -: (ولكل أمة جعلنا منسكًا ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام) الحج 34.
وقال المالكية: \"الأفضل الضأن ثم البقر ثم الإبل نظرًا لطيب اللحم ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - ضحى بكبشين ولا يفعل إلا الأفضل، ولو علم الله خيرًا منه لفدى إسماعيل به\"(4).
وعكس الشافعية والحنابلة فقالوا أفضل الأضاحي الإبل ثم البقر ثم الضأن ثم الماعز نظرًا لكثرة اللحم والقصد التوسعة على الفقراء ولحديث \"من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة... \" الحديث(5).
ويجزي من الضأن ما أكمل السنة وقيل ما أكمل ستة أشهر(6).
ومن الماعز ما أكمل السنة، والبقر ما أكمل السنتين، والإبل ما أكمل خمس سنوات(7).
ويجوز لمن أراد الأضحية أن يشرك أهل بيته في الأجر، لأن الثمن في الضأن والشاة ويجوز التشريك في الثمن في البقر والإبل كل سبعة في واحدة.
ويتجنب الذي يريد الضحية العيوب التي جاءت في حديث البراء بن عازب الذي قال: قام فينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال (أربع لا تجوز في الضحايا: العوراء البين عورها والمريضة البين مرضها العرجاء البين ضلعها والكبيرة التي لا تنقى... ) رواه الإمام أحمد الترمذي(8).
وقد قيس على هذه الأربع العيوب التي يؤثر في اللحم أو الثمن ومن ذلك:
العمياء ومقطوعة الساق أو الذنب ومكسورة القرن خاصة إن كان يدمي، ويستحب من ذلك الأكثر لحمًا وأكثر صحة وأسمن، والكبش الأقرن الأبيض مستحب وإن لم يجد فإناث الضأن أفضل من ذكور الماعز(9).
وما لا يعد عيبًا وبه تصح الأضحية.
1- (الجماء) وهي عديمة القرن.
2- الخصي وإن كان الفحل أفضل.
3- شق الأذن أو به علامة أو مقطوعة الأذن كاملاً فأشد كراهة.
4- البتراء التي لا ذنب لها أصلاً أو ذنبها قصيرً(10).
مندوبات الأضحية ومكروهاتها:
1- يندب لمن أراد الأضحية أن لا يأخذ من شعره ولا من أظفاره إذا دخل ذو الحجة للحديث السابق. وإن قص شعره أو قلم أظفاره فقد فعل مكروهًا وأضحيته صحيحة، ولكن لا يتعمد مخالفة السنة أو العمل بالحديث، ولكن من فعل ذلك نسيانًا أو جهلاً فلا شيء عليه.. وعند الشافعية لا يكره له إلا من بعد أن يشتري الأضحية أو أن يعين شاة من مواشيه(11).
2- يندب عند الأحناف ربط الأضحية قبل الأضحية بأيام، لما فيه من الاستعداد للقربة وإظهار الرغبة فيها، ويكون له فيها ثواب ويقلدها كالهدي ليشعر بتعظيمها قال - تعالى -: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب) الحج 32.
3- أن يتولى الذبح بنفسه إن قدر عليه، وإن لم يستطع جاز أن ينيب غيره، بشرط أن يكون الذي يتولى الذبح مسلمًا، وأن يذبح بعد صلاة العيد بعد الإمام.
4- أن يقسمها ثلاثًا: ثلث يأكله، وثلث يهدي لأصحابه من الأغنياء وغيرهم، وثلث للفقراء. وإن أكلها كلها مع أهل بيته فهي صحيحة.
5- الذبح في اليوم الأول أفضل من تاليه، وعند المالكية إن الذبح يوم النحر ويومان بعده إلى غروب شمس آخرها، والأفضل في اليومين التاليين ليوم النحر بعد طلوع الشمس، وإن ذبح قبل طلوع الشمس وبعد الفجر أجزاه(12).
ووقت الذبح والنحر عند الشافعية من اليوم الأول وهو يوم النحر بعد طلوع الشمس وصلاة الإمام، ويمتد إلى ثلاثة أيام بعد يوم النحر وكذا قال الأحناف والحنابلة لحديث (كل أيام التشريق ذبح)(13) رواه الإمام أحمد.
6- المستحب للذابح أن يتوجه للقبلة، وأن يضجع ذبيحته على جنبها الأيسر، ويقول بسم الله ألله أكبر اللهم هذا عني وعن أهلي أو أراد أن يشركهم في الأجر.
7- ويستحب للذابح كذلك أن يترك ذبيحته أن تشرب الماء إن كانت تريد ذلك، ويحد شفرته ويرح ذبيحته ويتركها حتى تبرد وتسكن أعضاؤها ثم يسلخ بعد ذلك. ولا يبيع شيئًا منها ولا يعطي الجزار الجلد ثمنًا لعمله، ولكن جاز أن يهديه لمن شاء وخاصة الفقراء وأهل الحاجة وما فيه فائدة للمسلمين.
ولحديث (من باع جلد أضحيته فلا أضحية له)(14).
ومن اشترى أضحية ثم هداها لأقاربه أو الفقراء جاز له ذلك أن علم أنهم يذبحونها أضحية(15).
ويجوز أن يطعم من أضحيته النصارى إن كانوا يعملون معه وينفق عليهم، وإن كانوا جيرانه من أهل الكتاب ومسالمون لا بأس أن يطعمهم منها كما في كتاب الأدب للبخاري أن ابن عمر - رضي الله عنه - ذبح شاة فقالوا أهدوا لجارنا اليهودي، وجاز أن يضحي القادر عليها ولو كان في سفر(16).
ويستحب لمن أراد أن يضحي أن يصبح يوم النحر صائمًا حتى يفطر من أضحيته.
----------------------------------------
(1) مواهب الجليل لشرح مختصر خليل لأبي عبد الله محمد بن محمد المعروف بالخطاب ج 4 ص 363.
(3) الفقه الإسلامي وأدلته: د. وهبة الزحيلي ج 4 ص 2708.
(4) الفقه الإسلامي وأدلته المرجع السابق ص 2720.
(5) المرجع السابق نفسه.
(6) مواهب الجليل ج 4 ص 264.
(7) الفقه الإسلامي مرجع سابق ص 2724 روضة العالمين للإمام النووي ج 2 ص 461.
(8) سبل الإسلام ج 4 ص 128.
(9) مواهب الجليل ج 4 ص 372.
(10) الفقه الإسلامي وأدلته ص 2730.
(11) روضة ال.... للإمام النووي ج 2 ص 492.
(12) مواهب الجليل ج 4 ص 369.
(13) كتاب سبل السلام ج 4 ص 127 والفقه الإسلامي ج 4 ص 2717.
(14) رواه الحاكم وقال صحيح الإسناد والبيهقي، الفقه الإسلامي المصدر السابق ص 2741.
(15-16) البيان والتحصيل لأبي الوليد ابن رشد القرطبي ج3 ص 399.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد