أصدر مجمع الفقه الإسلامي في دورته الثانية عشر التي عقدت في الرياض فتوى بشأن موضوع التضخم وتغير قيمة العملة أكد فيها أن « العبرة في وفاء الديون الثابتة بعملة ما. هي بالمثل وليس بالقيمةº لأن الديون تقضي بأمثالها فلا يجوز ربط الديون الثابتة في الذمة، أيا كان مصدرها بمستوى الأسعار».
ويمكن في حالة توقع التضخم التحوط عند التعاقد بإجراء الدين بغير العملة المتوقعة هبوطها وذلك بأن يعقد الدين بمايلي: الذهب والفضة، وسلعة مثلية، وسلعة من السلع المثلية، وعملة أخرى أكثر ثباتا وسلعة عملات. ويجب أن يكون بدل الدين في الصور السابقة بمثل ما وقع به الدينº لأنه لايثبت في ذمة المقترض إلا ما قبضه فعلاً.
وتختلف هذه الحالات عن الحالة الممنوعة التي يحدد فيها العاقدان الدين الآجل بعملة ما مع اشتراط الوفاء بعملة أخرى(الربط بتلك العملة) أو بسلعة العملة. ولا يجوز شرعا الاتفاق عند إبرام العقد على ربط الديون الآجلة بشيء ممايلي: الربط بعملة حسابية، والربط بمؤشر تكاليف المعيشة أوغيره من المؤشرات، والربط بالذهب أو الفضة، والربط بسعر سلعة معينة، والربط بمعدل نمو الناتج القومي، والربط بعملة أخرى، والربط بسعر الفائدة والربط بمعدل أسعار سلعة من السلع.
وذلك لما يترتب على هذا الربط ضرر كثير وجهالة فاحشة، بحيث لا يعرف طرف ماله وما عليه فيختل شرط المعلومية المطلوب لصحة العقود.
وإذا كانت هذه الأشياء المربوط بها تنحو منحنى التصاعد فإنه يترتب على ذلك عدم التماثل بين ما في الذمة وما يطلب أداؤه، ومشروط في العقد فهو ربا، وأوصى المجمع بالالتزام الكامل بالقيم الإسلامية في الاستهلاكº لتبعد مجتمعاتنا الإسلامية عن أشكال التبذير والترف والإسراف التي هي من النماذج السلوكية المولدة للتضخم.
وزيادة التعاون الاقتصادي بين البلدان الإسلامية وبخاصة في ميدان التجارة الخارجية، والعمل على إحلال مصنوعات تلك البلاد محل مستورداتها من البلدان الصناعية، والعمل على تقوية مركزها التفاوضي والتنافسي تجاه البلدان الصناعية، وإجراء دراسات على مستوى البنوك الإسلامية لتحديد آثار التضخم على موجوداتها واقتراح الوسائل المناسبة لحمايتها وحماية المودعين والمستثمرين لديها من آثار التضخم، وكذلك دراسة واستحداث المعايير المحاسبية لظاهرة التضخم على مستوى المؤسسات المالية الإسلامية.
وإجراء دراسة حول التوسع في استعمال أدوات التمويل والاستثمار الإسلامي على التضخم وما له من تأثيرات ممكنة على الحكم الشرعي ودراسة مدى جدوى العودة إلى شكل من أشكال ارتباط العملة بالذهب، كأسلوب لتجنب التضخم.
وأوصى المجمع بدعوة حكومات الدول الإسلامية للعمل على توازن ميزانياتها العامة (بما فيها جميع الميزانيات العادية والإنمائية والمستقلة التي تعتمد على الموارد المالية في تمويلها) وذلك بالالتزام بتقليل النفقات وترشيدها وفق الإطار الإسلامي. وإذا احتاجت الميزانيات للتمويل فالحل المشروع هو الالتزام بأدوات التمويل الإسلامية القائمة على المشاركات والمبايعات والإجارات، ويجب الامتناع عن الاقتراض الربوي، سواء من المصارف والمؤسسات المالية، أم عن طريق إصدار سندات الدين.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد