بسم الله الرحمن الرحيم
الخطبة الأولى:
أمّا بعد: فيا أيّها المسلمون، اتّقوا الله فإنّ تقواه أفضلُ زاد، وأحسنُ عاقبةٍ, في معاد، يا أَيٌّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مٌّسلِمُونَ\" [آل عمران: 102].
واعلموا أنّ الدّنيا حُلوة خضِرة جَميلة نضرة، نعيمٌ لولا أنّه عديم، ومحمودٌ لولا أنّه مفقود، وغِناء لولا أنّ مصيره الفنَاء، المستقِرٌّ فيها يزول، والمقيمُ عنها منقول، والأحوال تحول، وكلٌّ عبدٍ, مسؤول، من تعلّق بها التاط بشغلٍ, لا يفرغ عناه، وأملٍ, لا يبلغ منتهَاه، وحِرصٍ, لا يدرِك مداه، أيّامُها تسير في خبَب، وشهورُها تتتابع في عجَب، وزمانها انحدَر مِن صبَب، الدّنيا كلٌّها قليل، وما بقي منها إلا القليل، كالسَّغب شُرِب صفوُه وبقِي كدره، مخاطرُ ومعاثِر، وفتنٌ زوائِر، صغائر وكبائِر، والنّاس يتقلبون فيها مؤمن وكافر، وتقيّ وفاجِر، وناجٍ, وخاسِر، وسالمٌ وعاثر، فطوبى لمن حفِظ نفسَه وأولاده ونساءه وقِعاده، من موجبات السخط والذمّ، ووسائل الشر والهدم، \" وَمَن يَعتَصِم بِاللَّهِ فَقَد هُدِىَ إِلَى صِراطٍ, مّستَقِيمٍ, \" [آل عمران: 101].
أيّها المسلمون، أتاكم شهرُ المرابح بظلالِه ونوالِه وجمالِه وجلالِه، زائرٌ زاهر، وشهر عاطِر، فضلُه ظاهر، بالخيراتِ زاخر، أرفعُ من أن يُحَدَّ حسنُ ذاتِه، وأبدع من أن تُعدَّ نفحاتُه وتحصى خيراتُه وتستقصَى ثمراتُه، فحُثّوا حزمَ جزمِكم، وشدّوا لبَد عزمكم، وأروا الله خيرًا مِن أنفسكم، فبالجدّ فاز من فاز، وبالعزم جازَ مَن جاز، واعلَموا أنّ من دام كسله خاب أمله، وتحقَّق فشله، تقول عائشة - رضي الله عنها -: كان رسول الله يجتهِد في رمضانَ ما لا يجتهِد في غيره. أخرجه مسلم[1].
أيّها المسلمون، أتاكم شهرُ القبول والسّعود والعتقِ والجود والترقّي والصّعود، فيا خسارة أهلِ الرّقود والصّدود، فعن أنس - رضي الله عنه - قال النبيّ: ((قال الله - عز وجل -: إذا تقرب العبد إلي شبرًا تقرّبت إليه ذِراعًا، وإذا تقرّب مني ذراعًا تقرّبت منه باعًا، وإذا أتاني مشيًا أتيته هرولة)) أخرجه البخاري[2].
أيّها المسلمون، هذا نسيم القَبول هبّ، هذا سيلُ الخير صَبّ، هذا باب الخير مفتوح لمن أحبّ، هذا الشّيطان كبّ، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنّ رسول الله قال: ((إذا جاء رمضانُ فتِّحت أبوابُ الجنة، وغلقت أبواب النّار، وصفِّدت الشياطين)) متّفق عليه[3]، وعنه - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله: ((إذا كانت أوّلُ ليلة مِن رمضان صُفّدت الشياطين ومردة الجن، وغلِّقت أبوابُ النار فلم يفتَح منها باب، وفتِّحت أبواب الجنة فلم يُغلَق منها باب، ونادى منادٍ,: يا باغي الخير أقبل، ويا باغيَ الشرّ أقصِر، ولله عتقاء من النّار، وذلك كلَّ ليلة)) أخرجه ابن ماجه[4].
أيّها المسلمون، هذا زمانُ الإياب، هذا مغتسلٌ بارِد وشراب، رحمةً من الكريم الوهّاب، فأسرعوا بالمتَاب، فقد قرب الاغتراب في دار الأجداث والتّراب.
قرُب منا رمضان فكم قريب لنا فقدناه، وكم عزيز علينا دفنّاه، وكم حبيب لنا في اللحد أضجعناه. فيا من ألِف الذنوبَ وأجرمَا، يا مَن غدا على زلاّته متندِّمَا، تُب فدونك المنى والمغنمَا، والله يحبّ أن يجود ويرحمَا، وينيلَ التّائبين فضلَه تكرٌّمًا، فطوبَى لمَن غسل في رمضان درنَ الذّنوب بتوبة، ورجع عن خطاياه قبلَ فوت الأوبة.
يا من أوردَ نفسَه مشارعَ البوَار، وأسامَها في مسارح الخَسار، وأقامَها في مهواة المعَاصي والأوزار، وجعلها على شَفا جُرفٍ, هار، كم في كتابك من زَلل، كم في عملِك من خلَل، كم ضيّعتَ واجبًا وفرضًا، كم نقضتَ عهدًا محكمًا نقضًا، كم أتيتَ حرامًا صريحًا محضًا، فبادِر التّوبة ما دمتَ في زمن الإنظار، واستدرِك فائتًا قبل أن لا تُقال العِثار، وأقلِع عن الذنوب والأوزار، وأظهِر النّدم والاستغفار، فإنّ الله يبسُط يده بالنّهار ليتوبَ مسيء الليل، ويبسط يدَه باللّيل ليتوبَ مسيء النّهار.
يا أسيرَ المعاصي، يا سجينَ المخازي، هذا شهرٌ يُفَكّ فيه العاني، ويعتَق فيه الجاني، ويتجَاوَز عن العاصي، فبادِر الفرصَة، وحاذِر الفوتَة، ولا تكن ممّن أبى، وخرج رمضان ولم ينَل فيه الغفرانَ والمُنى، صعد رسول الله المنبَر فقال: ((آمينَ آمينَ آمين))، فقيل: يا رسول الله، إنّك صعدت المنبر فقلت: آمين آمين آمين!! فقال: ((إنّ جبريلَ - عليه السلام - أتاني فقال: مَن أدرك شهرَ رمضانَ فلم يُغفَر له فدخَل النار فأبعَده الله قل: آمين، قلت: آمين)) أخرجه ابن خزيمة وابن حبان[5].
أيّها المسلمون، احذَروا ما أعدّه لكم أهلُ الانحلال ودعاةُ الفساد والضّلال، من برامج مضِلّة ومشاهدَ مخِلّة، قومٌ مستولِغون لا يبَالون ذمًّا، وضمِنون لا يخافون لَومًا، وآمِنون لا يعاقََبون يومًا، ومجرِمون لا يراعون فطرًا ولا صومًا عدوانًا وظلمًا، جرَّعوا الشباب مسمومَ الشّراب، وما زادوهم غيرَ تتبيب، وتهييجٍ, وتشبيب، وتدميرٍ, وتخريب، مآربُ كانت عِذابا فصارت عَذابًا. فيا من رضِي لنفسه سوءَ المصير، وارتكب أسبابَ التفسيق والتّحقير، أخسِر بها من صفقة، وأقبِح بها مِن رفقة.
يا مطلقي النّواظر في محرّمات المنظور، قد أقبل خيرُ الشّهور، فحذارِ حذار من انتهاكِ حرمتِه، وتدنيس شرفِه، وانتقاصِ مكانتِه، يقول رسول الهدى: ((من لم يَدَع قولَ الزّور والعملَ به فليس لله حاجةٌ في أن يدعَ طعامَه وشرابه)) أخرجه البخاري[6].
يا طليقًا برَأي العَين وهو أسير، يا مُسامًا حياضَ الرّدى وهو ضرير، يا مَن رضي عن الصّفا بالأكدار، وقضى الأسحار في العارِ والشّنار، وكلَّ يومٍ, يقوم عن مثل جيفةِ حِمار، عجَبًا كيف تجتنب الطريقَ الواضح، وتسلك مسالكَ الرّدى والقبائِح؟! ما بالُ سمعك عليه سُتور؟! ما بال بصرِك لا يَرى النّور؟! وأنت في دبور، وغفلة وغرور، وما أنت في ذلك بمعذور. فبادِر لحظاتِ الأعمار، واحذَر رقدات الأغمار، ولا تكن ممّن يقذفون بالغيب من مكانٍ, بعيد، إذا قيل لهم: توبوا سوَّفوا ولا مجيب.
فطوبى لمَن تركوا شهوةً حاضِرة لموعدِ غيبٍ, في الآخرة، لم يرَوه ولكنهم صدَّقوا به، \" وَالَّذِي جَاء بِالصّدقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَـئِكَ هُمُ المُتَّقُونَ لَهُم مَّا يَشَاءونَ عِندَ رَبّهِم ذَلِكَ جَزَاء المُحسِنِينَ لِيُكَـفّرَ اللَّهُ عَنهُم أَسوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجزِيَهُم أَجرَهُم بِأَحسَنِ الَّذِي كَـانُوا يَعمَلُونَ \" [الزمر: 33- 35].
أيّها المسلمون، إنّ أولى ما قُضِيت فيه الأوقات وصُرفت فيه الساعات مدارسةُ الآيات وتدبّر البيّنات والعِظات، وقد كان جبريل - عليه السلام - يلقى رسولَ الله في كلِّ ليلة من رمضانَ فيدارسه القرآن. متّفق عليه[7].
شفاءٌ لما في الصّدور، وحَكَم عدلٌ عند مشتبِهات الأمور، قصصٌ باهرة، ومواعظ زاجِرة، وحكَم زاهرة، وأدلّة على التوحيد ظاهرة. أندى على الأكباد من قطر النّدى، وألذّ في الأجفان من سِنة الكرى، هو الرّوح إلى حياة الأبد، ولولا الروح لمات الجسد، فأقبِلوا عليه، واستخرجوا دُرَره، واستحلِبوا دِررَه، وتعلّموا أسبابَ التنزيل، وراجِعوا كتبَ التفسير والتأويل، ولا تقنعوا من تلاوته بالقليل، وحكِّموه في كلّ صغيرٍ, وجليل، فالسّعيد من صرف همّتَه إليه، ووقف فكرَه وعزمَه عليه، يرتَع منه في رِياض، ويكرَع منه في حِياض، لا يجفّ ينبوعها، ولا تنضَب فيوضها، \" شَهرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ القُرآنُ هُدًى لّلنَّاسِ وَبَيِّنَـاتٍ, مِّنَ الهُدَى وَالفُرقَانِ \" [البقرة: 185].
فكن ـ يا عبد الله ـ كالحالِّ المرتحِل، كلّما ختمه عادَ على أوّله يقرأ ويرتِّل، يقول رسول الهدى: ((الصّيام والقرآنُ يشفعان للعبد يومَ القيامة، يقول الصّيام: أي ربّ، منعتُه الطعامَ والشهوة فشفِّعني فيه، ويقول القرآن: منعتُه النومَ باللّيل فشفِّعني فيه، فيشفعان)) أخرجه أحمد[8].
أيّها المسلمون، أتاكم شهرُ الإنفاق والبذل والإشفاق، فيا من يتبجَّس بالرِّئم ويتبذّخ بالجِدة ويكاد ينشقّ بالغنى، تذكّروا الأكبادَ الجائعة، أهلَ الخصاصة والخماصة، الذين أصابتم البوائق الفالقة، والقوارعُ الباقعة، ممّن يعانون عُدمًا، ويعالجون سُقمًا، أعينوهم وأغنوهم، \" وَأَطعِمُوا القَـانِعَ وَالمُعتَرَّ \" [الحج: 36]، وأغيثوا الجائعَ والمضطرّ، وأنفقوا وانفَحوا وانضِحوا، ولا توكوا فيوكي الله عليكم، ولا تحصوا فيحصي الله عليكم، ولا تُوعوا فيوعي الله عليكم. وأصيخوا السمع ـ أيها الجمع ـ لقول المصطفى: ((يا ابنَ آدم، إنّك أن تبذلَ الفضلَ خير لك، وأن تمسكَه شرُّ لك، ولا تُلام على كفاف، وابدأ بمَن تعول، واليد العليا خير من اليد السفلى)) أخرجه مسلم[9]، وقوله: ((أفضل الصّدقة صدقة في رمضان)) أخرجه الترمذي[10]، وكان رسول الله أجودَ النّاس، وكان أجودَ ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل - عليه السلام -[11].
أيّها المسلمون، مواسمُ الخيرات أيّامٌ معدودات، مصيرها الزوال والفوَات، فاقصُروا عن التّقصير في هذا الشّهر القصير، وقوموا بشعائره التعبّدية وواجباتِه الشرعيّة وسننِه المرويّة وآدابه المرعيّة، و((لا يزال الناس بخير ما عجَّلوا الفِطر))[12]، و((فصلُ ما بين صيامِنا وصيام أهلِ الكتاب أكلةُ السحر))[13]، فتسحَّروا ولو بجرعة ماء، وكان رسول الله يُفطِر قبل أن يصلّي على رُطبات، فإن لم تكن رطبات فتمَيرات، فإن لم تكن تميرات حسا حسواتٍ, من ماء[14]، وكان إذا أفطَر قال: ((ذهب الظمأ، وابتلّت العروق، وثبتَ الأجر إن شاء الله))[15]. و((من أكلَ أو شرب ناسيًا فليتمّ صومه، فإنّما أطعمه ربٌّه وسقاه))[16]، ولا كفّارة عليه ولا قضاء، و((من ذرَعه القيء وهو صائم فليس عليه قضاءٌ، ومن استقاء فليقض))[17]، ويفطِر من استمنى لا منِ احتلم، و((من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه))[18]، و((من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفِر له ما تقدّم من ذنبه))[19]، و((من قام مع الإمام حتى ينصرف كُتب له قيام ليلة))[20]، و((مَن فطَّر صائِمًا كان له مثلُ أجره، غيرَ أنّه لا ينقُص من أجرِ الصائم شيء))[21]، ((وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يجهل، فإن امرؤ شاتمه أو قاتله فليقل: إني صائم، إني صائم))[22]، و((عمرةٌ في رمضان تعدِل حجّة مع النبيّ))[23].
أيّها المسلمون، احذَروا الفطرَ قبلَ تحلّة صومكم ووقتِ فطركم، واحذَروا انتهاكَ حرمة نهار شهركم بالفطرِ بلا عذرٍ, شرعيّ، فعن أبي أمامة الباهليّ - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله يقول: ((بينا أنا نائمٌ أتاني رجلان، فأخذا بضبعَيّ، فأتيا بي جبلاً وعرًا، فقالا: اصعد، فقلتُ: إني لا أطيقه، فقالا: إنّا سنسهِّله لك، فصعدتُ حتى إذا كنت في سواء الجبل إذا بأصواتٍ, شديدة، قلت: ما هذه الأصوات؟ ما هذه الأصوات؟ قالا: هذا عُواءُ أهلِ النار، ثمّ انطُلِق بي، فإذا أنا بقومٍ, معلَّقين بعراقيبهم، مشقّقة أشداقهم، تسيل أشداقهم دمًا، قلت: من هؤلاء؟ قال: الذين يفطِرون قبلَ تحلّة صومهم)) أخرجه ابن خزيمة وابن حبان[24].
وعلى المرأة المسلمة إذا شهدت العشاء والتراويحَ أن تجتنبَ العطورَ والبخور، وما يثير الفتنة من ملابسِ الزّينة المزخرفة أو غيرها، والتي تستميل نفوسَ ضعافِ الإيمان، وتغري بها أهلَ الشرّ والفساد، وتبلبِل من في قلبه مرضٌ. وعليها أن تجتنبَ الخَلوة بالسّائق الأجنبي لما في ذلك من النّتائج التي لا تُحمَد عقباها، ولا يُعرَف منتهاها، فعن زينب الثقفيّة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله: ((إذا شهِدت إحداكنّ العشاءَ فلا تتطيّب تلك الليلة))، وفي رواية: ((إذا شهدت إحداكنّ المسجدَ فلا تمسَّ طيبًا)) رواهما مسلم[25]، وعن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: لو أنّ رسول الله رأى ما أحدَث النساء لمنعهنّ المسجدَ كما مُنعت نساء بني إسرائيل، فقيل لعمرة: نساء بني إسرائيل مُنعن من المسجد؟ قالت: نعم. أخرجه مسلم[26].
وصلاتهنّ في قعر بيوتهنّ خيرٌ لهنّ، فعن ابن عمر - رضي الله عنهما - عن النبيّ قال: ((لا تمنَعوا نساءَكم المساجدَ، وبيوتهنّ خير لهنّ)) أخرجه أبو داود[27]، وعن أم سلمة - رضي الله عنها - عن رسول الله أنّه قال: ((خيرُ مساجدِ النّساء قعر بيوتهنّ)) أخرجه أحمد[28]، وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله: ((صلاةُ المرأة في بيتها أفضل مِن صلاتِها في حجرتها، وصلاتها في مخدَعِها أفضل من صلاتها في بيتها)) أخرجه أبو داود[29].
أيّها المسلمون، شفاءُ العِيِّ السؤال، فاسألوا عما أشكل، واستفتوا عما أقفَل، فمن غدا بغير علمٍ, يعملُ، أعماله مردودة لا تقبلُ.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كلّ ذنب وخطيئة، فاستغفروه إنّه هو الغفور الرحيم.
----------------------------------------
[1] أخرجه مسلم في الاعتكاف (1175) بلفظ: كان يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره.
[2] أخرجه البخاري في التوحيد (7536).
[3] أخرجه البخاري في الصوم (1899)، ومسلم في الصيام (1079) واللفظ له.
[4] أخرجه ابن ماجه في الصيام (1642)، وهو أيضا عند الترمذي في الصوم (682)، وأبي نعيم في الحلية (8/306)، والبيهقي في الكبرى (4/303)، وصححه ابن خزيمة (1883)، وابن حبان (3435)، والحاكم (1532)، وهو في صحيح سنن ابن ماجه (1331).
[5] أخرجه ابن خزيمة (1888)، وابن حبان (907)، وكذا البخاري في الأدب المفرد (646)، والبزار، وأبو يعلى (5922)، والطبراني في الأوسط (8131، 8994)، والبيهقي (4/304) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، قال الهيثمي في المجمع (10/167): \"فيه كثير بن زيد الأسلمي، وقد وثقه جماعة وفيه ضعف، وبقية رجاله ثقات\". وله شاهد من حديث مالك بن الحويرث - رضي الله عنه - أخرجه الطبراني (19/291)، وصححه ابن حبان (409)، قال الهيثمي في المجمع (10/166): \"فيه عمران بن أبان، وثقه ابن حبان، وضعفه غير واحد، وبقية رجاله ثقات\". وله شاهد آخر من حديث كعب بن عجرة - رضي الله عنه - أخرجه الطبراني (19/144)، والبيهقي في الشعب (1572)، وصححه الحاكم (7256)، قال الهيثمي في المجمع (10/166): \"رجاله ثقات\". وهذه الأحاديث الثلاثة صححها الألباني في صحيح الترغيب (995، 996، 997). وفي الباب أيضا عن عمار بن ياسر وجابر بن سمرة وجابر بن عبد الله وابن عباس وابن مسعود وأنس و عبد الله بن الحارث - رضي الله عنهم -، انظر: مجمع الزوائد (10/164-166).
[6] أخرجه البخاري في الصوم (1903) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
[7] أخرجه البخاري في بدء الوحي (4)، ومسلم في الفضائل (2308) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -.
[8] أخرجه أحمد (2/174)، وصححه الحاكم (2036)، وقال المنذري في الترغيب (2/84): \"رواه أحمد والطبراني في الكبير ورجاله محتج بهم في الصحيح، ورواه ابن أبي الدنيا في كتاب الجوع وغيره بإسناد حسن\"، وقال الهيثمي في المجمع (10/381): \"رواه أحمد وإسناده حسن على ضعف في ابن لهيعة وقد وثق\"، وصححه الألباني في صحيح الترغيب (984، 1429).
[9] أخرجه مسلم في الزكاة (1036) من حديث أبي أمامة - رضي الله عنه -.
[10] أخرجه الترمذي في الزكاة (663) من طريق صدقة بن موسى عن ثابت عن أنس - رضي الله عنه -، وقال: \"هذا حديث غريب، وصدقة بن موسى ليس عندهم بذاك القوي\"، وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (618).
[11] أخرجه البخاري في الصوم (1902)، ومسلم في الفضائل (2308) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -.
[12] أخرجه البخاري في الصوم (1957)، ومسلم في الصيام (1098) من حديث سهل بن سعد - رضي الله عنه -.
[13] أخرجه مسلم في الصيام (1096) من حديث عمرو بن العاص - رضي الله عنه -.
[14] أخرجه أحمد (3/164)، وأبو داود في الصوم (2356)، والترمذي في الصوم (696)، من حديث أنس - رضي الله عنه -، وقال الترمذي: \"هذا حديث حسن غريب\"، وصححه الدارقطني (2/185)، والحاكم (1575)، وحسنه الألباني في الإرواء (932).
[15] أخرجه أبو داود في الصوم (2357)، والنسائي في الكبرى (3329، 10131)، والبيهقي في الكبرى (4/239) من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -، وحسن إسناده الدارقطني (2/185)، وصححه الحاكم (1536)، وحسنه الألباني في الإرواء (920).
[16] أخرجه البخاري في الصوم (1933)، ومسلم في الصيام (1155) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - بنحوه.
[17] أخرجه أحمد (2/498)، وأبو داود في الصوم (2380)، والترمذي في الصوم (720)، والنسائي في الكبرى (3130)، وابن ماجه في الصيام (1176)، قال الترمذي: \"حديث حسن غريب، لا نعرفه من حديث هشام عن ابن سيرين عن أبي هريرة عن النبي إلا من حديث عيسى بن يونس، و قال محمد ـ يعني البخاري ـ: لا أراه محفوظا\"، وصححه ابن الجارود (385)، وابن خزيمة (1960، 1961)، وابن حبان (3518)، والحاكم (1/426-427)، ووافقه الذهبي، وصححه الألباني في الإرواء (930).
[18] أخرجه البخاري في الإيمان (38)، ومسلم في صلاة المسافرين (760) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
[19] أخرجه البخاري في الإيمان (37)، ومسلم في صلاة المسافرين (759) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
[20] أخرجه أحمد (5/159)، وأبو داود في الصلاة (1375)، والترمذي في الصوم (806)، والنسائي في قيام الليل (1605)، وابن ماجه في إقامة الصلاة (1327) من حديث أبي ذر - رضي الله عنه -، قال الترمذي: \"هذا حديث حسن صحيح\"، وصححه ابن الجارود (403)، وابن خزيمة (2206)، وابن حبان (2547)، والألباني في الإرواء (447).
[21] أخرجه أحمد (4/114-115)، والترمذي في الصوم (804) واللفظ له، والنسائي في الكبرى (3330)، وابن ماجه في الصيام (1746) من حديث زيد بن خالد الجهني - رضي الله عنه -، وقال الترمذي: \"هذا حديث حسن صحيح\"، وصححه ابن حبان (3429)، وهو في صحيح سنن الترمذي (647).
[22] أخرجه البخاري في الصوم (1904)، ومسلم في الصيام (1151) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
[23] أخرجه البخاري في الحج (1863)، ومسلم في الحج (1256) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - بنحوه.
[24] أخرجه ابن خزيمة كما في الترغيب (3/188)، وابن حبان (7491)، وكذا النسائي في الكبرى (3286)، والطبراني في الكبير (8/155-156)، والبيهقي في الكبرى (7796)، وصححه الحاكم (1568، 2837)، وقال الهيثمي في المجمع (1/76): \"رواه الطبراني في الكبير، ورجاله رجال الصحيح\"، وصححه الألباني في صحيح الترغيب (1005).
[25] أخرجهما مسلم في الصلاة (443).
[26] أخرجه مسلم في الصلاة (445).
[27] أخرجه أبو داود في الصلاة (567)، وكذا أحمد (2/76)، والبيهقي (3/131)، وصححه ابن خزيمة (1684)، والحاكم (755)، وابن عبد البر في التمهيد (23/395)، ونقل الشوكاني في النيل (3/95) تصحيح العراقي، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (530). وأصل الحديث في الصحيحين وليس فيه: ((وبيوتهن خير لهن)).
[28] أخرجه أحمد (6/297، 301)، وكذا أبو يعلى (7025)، وابن خزيمة (1683)، والطبراني في الكبير (23/313)، والحاكم (756)، والقضاعي في مسند الشهاب (1252)، والبيهقي (3/131)، قال المنذري في الترغيب (1/141): \"رواه أحمد والطبراني في الكبير وفي إسناده ابن لهيعة، ورواه ابن خزيمة في صحيحه والحاكم من طريق دراج أبي السمح عن السائب مولى أم سلمة عنها، وقال ابن خزيمة: لا أعرف السائب مولى أم سلمة بعدالة ولا جرح، وقال الحاكم: صحيح الإسناد\"، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب (341).
[29] أخرجه أبو داود في الصلاة (570)، والبزار (2060، 2063)، وابن خزيمة (1690)، والبيهقي في الكبرى (5144)، وابن عبد البر في التمهيد (23/298)، وتردد ابن خزيمة في سماع قتادة هذا الحديث من مورق، وصححه الحاكم (757)، وجود إسناده ابن كثير في تفسيره (3/483)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (533).
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانِه، والشّكر له على توفيقه وامتنانِه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أنّ محمّدًا عبده ورسوله الدّاعي إلى رضوانه، صلّى الله عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانِه، وسلّم تسليمًا كثيرًا.
أمّا بعد: فيا أيّها المسلمون، اتّقوا الله وراقِبوه، وأطيعوه ولا تعصُوه، \"يَـا أَيٌّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّـادِقِينَ\" [التوبة: 119].
أيّها المسلمون، إنّ ممّا يؤسِف الناظرَ ويُحزن الخاطِر ظاهرةً مقيتة وعادة قبيحَة سرت في صفوف بعض المسلمين، ألا وهي ظاهرة الإسراف في المآكل والمشارب في شهر رمضان، زيادة على قدر الحاجة، وإكثار على مِقدار الكفاية، نهمٌ مُعِرّ، وشرهٌ مضرُّ، بطنةٌ مورثة للأسقام، مفسدَة للأفهام، وبطَر وأشَر، حمل الكثيرَ إلى رمي ما زاد من الأكلِ والزاد في النّفايات والزّبالات مع المهملات والقاذورات، في حين أنّ هناك أكبادًا جائعة وأُسرًا ضائعة تبحث عمّا يسدّ جوعَها ويسكِّن ظمأها.
فاتّقوا الله عبادَ الله، فما هكذا تُشكَر النعم وتستدفَع النقم، \" وَلاَ تُسرِفُوا إِنَّهُ لاَ يُحِبٌّ المُسرِفِينَ \" [الأنعام: 141]، \" وَلاَ تُبَذّر تَبذِيرًا إِنَّ المُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخوانَ الشَّيَـاطِينِ وَكَانَ الشَّيطَـانُ لِرَبّهِ كَفُورًا \" [الإسراء: 26، 27]. فتوسّطوا فالتوسٌّط محمود، وأنفقوا باعتدال، ولا خيرَ في السّرف، ولا سرفَ في الخير، \" وَلاَ تَجعَل يَدَكَ مَغلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبسُطهَا كُلَّ البَسطِ فَتَقعُدَ مَلُومًا مَّحسُورًا \" [الإسراء: 29].
أيّها المسلمون، لكلِّ صائمٍ, في كلِّ يوم وليلة دعوةٌ مستجابة، تفتَح لها أبواب الإجابة، فعن أبي سعيد الخدريّ - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله: ((إنّ لكلّ مسلمٍ, في كلّ يوم وليلة دعوةً مستجابة)) أخرجه البزار[1]، وعن [عبد الله بن] عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله: ((إنّ للصّائم عند فطرِه لدعوةً ما تردّ)) أخرجه ابن ماجه[2].
فاستكثِروا مِن الدّعوات الطيّبات في شهر النّفحات، لأنفسكم وذويكم، وتوسَّلوا إلى الله بألوانِ الطّاعة، وارفَعوا أكفَّ الضّراعة، أن ينصرَ إخوانَكم المستضعفين والمشرَّدين، والمنكوبين والمأسورين، والمضطَهدين في كلّ مكان، فالأمّة تمرّ بأعتى ظروفها وأقسى أزمانها.
اللهم أنت المستعان، وعليك التّكلان، ولا حولَ ولا قوة إلا بك.
اللهم أعزَّ الإسلامَ والمسلمين، ودمِّر أعداء الدين من اليهود والنصارى والملحدين..
----------------------------------------
[1] أخرجه البزار كما في المجمع (3/143)، والطبراني في الأوسط (6401)، وأشار المنذري في الترغيب لضعفه، وقال الهيثمي: \"فيه أبان بن أبي عياش وهو ضعيف\"، وقال في موضع آخر (10/149): \"وهو متروك\".وأخرج نحوه أحمد (2/254) فقال: حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة أو عن أبي سعيد، الشك من الأعمش، ورواه أبو نعيم في الحلية (8/257، 9/319)، قال الهيثمي في المجمع (10/216): \"رجاله رجال الصحيح\". والحديثان صححهما الألباني في صحيح الترغيب (1002) وصحيح الجامع (2169).
[2] أخرجه ابن ماجه في الصيام (1753)، وكذا الحاكم (1535)، والبيهقي في الشعب (3904)، وفي سنده إسحاق بن عبد الله وقيل: ابن عبيد الله، اختلفوا فيه. وللحديث طريق آخر عند الطيالسي (2262)، والبيهقي في الشعب (3907) من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. والحديث ضعفه الألباني في الإرواء (921).
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد