بسم الله الرحمن الرحيم
الخطبة الأولى:
أما بعد...
أيها المؤمنون اتقوا الله - تعالى -بالإكثار من الطاعات والتخفف من المعاصي والسيئات فو الله ما أعمالكم إلا كشهركم هذا أطل هلاله ثم تكامل بدره ثم انصرم حبله وها هو يؤذنكم بالرحيل فلا إله إلا الله ما أسرع تصرم الليالي وانقضاء الأيام إن في هذا يا عباد الله لعبرة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكوراً فالرابح أيها المؤمنون في هذا العمر القصد من عمره بطاعة الله واستعمله في مرضاة مولاه فبادروا عباد الله بالأعمال الصالحات أعماركم وتزودوا فإن خير الزاد التقوى.
أيها المؤمنون إن شهركم قد آذن بالرحيل ربح فيه أقوام وخسر فيه آخرون فاحمدوا الله أيها المؤمنون الصائمون الذاكرون القائمون الراكعون الساجدون على ما وفقكم الله فيه من الأعمال الصالحات واجتهدوا في سؤال القبول فإن الله - تعالى -لا يتقبل إلا من المتقين الذين يؤتون ما أتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون وإياكم يا عباد الله والركون إلى أعمالكم واغترار بها والإعجاب فإنه لن يدخل أحد منكم عمله الجنة ولكن الله يجزي الإحسان على الإحسان (هَل جَزَاءُ الإحسَانِ إِلَّا الإحسَانُ)(1).
أيها المؤمنون إن من شعائر الدين التي يتعبد الله بها في نهاية هذا الشهر المبارك ذكره وشكره وتكبيره - جل وعلا - قال - تعالى -: (شَهرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ القُرآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ,)(2) ثم قال - جل وعلا - في آخر الآية: (وَلِتُكمِلُوا العِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُم وَلَعَلَّكُم تَشكُرُونَ)(3) فيسن للمسلمين أن يكبروا الله - تعالى -على ما هداهم وعلى ما أتم لهم من نعمة وإحسان ووقت هذا التكبير يبدأ من غروب شمس آخر يوم من رمضان ويستمر هذا التكبير إلى صلاة العيد، وهذا التكبير تكبير مطلق فيكبر في البيت وفي السوق وفي المسجد قبل الصلاة وبعدها وفي كل مكان الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد هذا أجود ما جاء في الصحيح عن الصحابة - رضي الله عنهم - فاحرصوا على الذكر والتكبير فإن فيه خيراً كثيراً.
عباد الله أيها المؤمنون إن من شعائر الدين في نهاية هذا الشهر الكريم زكاة الفطر التي فرضها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على العبد الحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين فرضها - صلى الله عليه وسلم - طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين فرضها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صاعاً من طعام وأمر بها - صلى الله عليه وسلم - أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة فاتقوا الله أيها المؤمنون وأدوا زكاة الفطر على الوجه الذي فرضه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أدوها صاعاً من غالب قوت البلد الذي تعيشون فيه وغالب قوت البلد عندنا الأرز فأخرجوا صاعاً من الأرز والصاع يعادل كيلوين وأربعين جراماً بالوزن الحديث.
أيها المؤمنون اعلموا أنه لا يجزئ إخراج هذه الزكاة نقوداً لأن النبي فرضها على صفة معينة فيجب التزام الصفة التي فرضها - صلى الله عليه وسلم - فعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: ((كنا نعطيها على زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صاعاً من طعام أو صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير أو صاعاً من زبيب))(4) فحدث في عهده - رضي الله عنه - بعض التغيير من بعض الناس فقال - رضي الله عنه -: أما أنا فلا أزال أخرجها كما كنت أخرجها في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فاتقوا الله أيها المؤمنون وإياكم ومحدثات الأمور ولا بأس أيها المؤمنون في توكيل من يشتريها ثم يوزعها عنكم إلا أنه ينبغي أن يتأكد من توزيعها قبل صلاة العيد فإنها قبل صلاة العيد زكاة مقبولة وهي بعد العيد صدقة من الصدقات.
الخطبة الثانية
أما بعد...
فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن من دلائل توفيق الله للعبد أن لا يدع العبد عمله الصالح وأن لا ينقطع عنه فإن الله - تعالى- أمرنا بإدامة الطاعة والعبادة فقال - تعالى -: ( وَاعبُد رَبَّكَ حَتَّى يَأتِيَكَ اليَقِينُ)(5) وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: ((أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قلّ))(6) وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: ((يا عبد الله لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل فترك قيام الليل))(7) فاحرصوا أصلح الله قلوبكم على أن لا يكون آخر عهدكم بالطاعة والإحسان ما قدمتموه في شهر رمضان بل صلوا ذلك وأديموه فإن الله - عز وجل - ما خلقكم إلا لتعبدوه.
أيها المؤمنون إن الله قد امتن عليكم بأن جعل لكم عيداُ تفرحون فيه وتشكرون الله فيه على أن هداكم للإيمان أيها المؤمنون إن العيد في هذه الشريعة المباركة عيدان عيد الفطر وعيد الأضحى فالأعياد في شريعة محكمة ليس لأحد أن يزيد فيها أو ينقص منها فعن أنس - رضي الله عنه - قال: قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((قد أبدلكم الله بهما خيراً منهما يوم الأضحى ويوم الفطر))(8) رواه أبوداود بسند صحيح فاخرجوا أيها المؤمنون إلى صلاة العيد حيث تصلى أخرجوا بأنفسكم وأولادكم وأهليكم إلى صلاة العيد البسوا أحسن ما تجدون من الثياب متطببين متطهرين مكبرين مهللين، مروا نساءكم بالحشمة والاحتجاب فإنكم تخرجون إلى شعيرة من شعائر الدين )ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّم شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقوَى القُلُوبِ)(9)
واعلموا أيها المؤمنون أن من السنة الأكل قبل الخروج إلى الصلاة فإن النبي كان لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات ومن السنة أيضاً مخالفة الطريق يوم العيد ومن السنة أيضاً أن يخرج أليها ماشياً.
----------------------------------------
(1) سورة: الرحمن: (60)
(2) سورة: البقرة: آية: (185)
(3) سورة: البقرة: آية(185)
(4) البخاري (1506)، مسلم (985).
(5) الحجر (99).
(6) متفق عليه: البخاري (6464)، ومسلم (2818).
(7) متفق عليه: البخاري (1152)، ومسلم (1159).
(8) أبو داود (1134)
(9) سورة:الحج: آية (32)
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد