فضح اليهود والطبيعة اليهودية


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الخطبة الأولى:

أما بعد:

فيا عباد الله: إن الله - تعالى- يقول: (( قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت أولئك شر مكاناً وأضل عن سواء السبيل )).

لـم تجتمع كل هذه الصفات إلا في اليهود - قاتلهم الله -، فقد لعنهم - سبحانه - أي: طردهم من رحمته، وغضب عليهم مبالغة وتأكيداً على جرمهم، بل مسخهم إلى قردة وخنازير، و هؤلاء عبدوا الطاغوت - وهو كل ما عبد من دون الله من بشر أو شجر أو حجر أو هوى نفس أو مادة أو نساء أو غرض دنيوي زائل -، وختم - سبحانه - الآية بقوله: (( أولئك شر مكاناً وأضل عن سواء السبيل ))[المائدة: 60]، أي أدنى منزلة من غيرهم، وأبعد الناس عن طريق الهدى، قد يأتي سائل فيقول: ماذا فعل اليهود حتى استحقوا كل هذه الأوصاف الدنيئة والعاقبة الفظيعة؟

فأقول وبالله التوفيق:

إن بني إسرائيل ما تركوا جريمة منكرة إلا وفعلوها، ولا ضلاله إلا اتبعوها، والآيـات الكريمة في كتـاب الله الـذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه في وصفهم، وبيان ما فعلوه كثيرة، حتى إنها لتصور جرائمهم أبلغ تصوير، فهم الذين عبدوا العجل لما ذهب موسى - عليه السلام - لميقات ربه ليلقي إليه الألواح التي فيها شرائعهم وعقائدهم (( وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون ))[البقرة: 51]، ولما أنزل الله عليهم المن والسلوى - وهما من أطيب أنواع الطعام -، وجعـل السحاب والغمام ساتراً لهم من حرارة الشمسº جحدوا نعمة الله عليهم، وقالوا: (( يا موسى لن نصبر على طعام واحد ))[البقرة: 61]، وطلبوا العدس، والبصل، والثوم وغير ذلك.

ولما أمرهم بدخول القرية المقدسة وهي أرض آبائهم وأجدادهم ماذا كان موقفهم؟ لنستمع سوياً للسياق القرآني في ذلك: (( وإذ قلنا ادخلوا هذه القريـة فكلـوا منها حيث شئتم رغداً وادخلوا الباب سجداً وقولوا حطة نغفـر لكم خطاياكـم وسنزيد المحسنين فبدل الذين ظلموا قولاً غير الـذي قيل لهم فأنزلنا على الذين ظلموا رجزاً من السماء بما كانوا يفسقون ))[البقرة: 58-59].

ومعنى: (( فبدل الذين ظلموا قولاً غير الذي قيل لهم )) أي: بدل أن يقولـوا حطـة ومعناهـا: اللهم احطط عنا خطايانا وذنوبنا، قالوا: حبة حنطة في حبـة شعير!!

فهل رأيتـم معشر المؤمنين كيف استهزؤوا بأوامر الله - سبحانه وتعالى-، وبأوامر رسولـه موسى - عليه الصلاة والسلام -؟!.

ولـم يرسل إلى أمة من الأمم مثلما أرسـل إلى بني إسرائيل من الأنبياء والمرسلين وذلك لكثرة تكذيبهـم، ولحقـارة ودنـاءة نفوسهم، بل لقد كانوا يقتلون أنبياءهم، ويقدمون رؤوس بعضهم مهـراً للبغايـا من بنات الهوى عندهم.

ولتعلموا معي معشر المؤمنين عظم جرمهم، فاسمعوا ماذا يقـول لكم الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: (كانـت بنـو إسرائيـل في اليـوم تقتـل ثلاثمائـة نبي ثـم يقيمون سوق بقلهم في آخر النهار ) أي يبيعون ويشترون وكأن الأمر لا يعنيهـم، والرسـول يقـول: ( أشـد النـاس عذابـاً يوم القيامـة رجل قتلـه نبي أو قتـل نبيـاً، وإمام ضلالـة، وممثل من الممثلين )(1) رواه أحمد.

لقد حاول اليهود كذلك قتل النبي لما ذهب إلى يهود بني النضير ليستعين بهم على قضاء ديتين كانتا على المسلمين، أجلسوه تحت جدار، وأرادوا أن يلقوا علـى رأسـه حجراً ليقتلوه - بأبي هو وأمي - فأتاه الخبر بذلك سريعاً، وأمر بإجلائهـم وإخراجهم من المدينـة المنورة، وسورة الحشر تبين قصتهم ومكرهم ومكر الله بهـم.

ولقد سمت النبي يهودية، إذ سألت من أي موضع من الشاة يحب أكلـه، فأخبرت بأنـه الـذراع، فسممت ذراع الشاة وقدمتها له هدية فأكـل، ولـم يستسغه فتفلـه، وقال: ( إن هذه الشاة تخبرني أنها مسمومة ) أو كمـا قـال، وأكل معـه صحابي جليل فمات - رضي الله عنه -.

ولما حضرت النبـي الوفـاة كـان يعـاني من أثر السـم كما أخبر هو بذلك، ولقد بلـغ اليهـود رتبـة أسفـل ومنزلة أخس من الدنـاءة، إذ قد سبوا الله - سبحانه وتعالى الله علـواً كبيـراً -: (( وقالـت اليهـود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالـوا بـل يـداه مبسوطتان ينفـق كيف يشاء ))[المائدة: 64].

واليهـود هـم أعدى أعداء المسلمين، وعداوتهم لنا تاريخية قديمة قدم التاريخ نفسـه، ويشهـد بذلـك ربنـا ولا أعظم شهادة من الله إذ يقول: (( لتجدن أشـد الناس عـداوة للذيـن آمنـوا اليهـود والذيـن أشركـوا ))[المائدة: 82]، ويصفهم الله بوصـف قبيـح فيقـول: (( ويسعون في الأرض فساداً والله لا يحب المفسدين ))[المائدة: 64]، أي يجتهـدون في نشر الفساد بكل أنواعه في الأرض التي خلقها الله ومن عليها لتعمر بشرع الله ولتحكم بحكم الله: (( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ))[الذاريات: 65].

وهم في سبيل نشر الفساد الخلقي أو العقائدي، أو في مجال نقض العهود - ونقض العهود من سماتهم وصفاتهم المتأصلة في طيات نفوسهم  -، يتوارثون هذه الصفة كابراً عن كابر، وأباً من جد.

لقد نقضوا عهود موسى وعيسى وسيدنا محمد، فقد خذلوا المسلمين في غزوة الأحزاب وذلك بالمفاهمة مع المشركين، والاتفاق معهم أن يطبقوا على النبي من الجهتين، المشركون من جهة واليهود من خلف المسلمين، فقتل النبي مقاتلهم وكل من أنبت منهم، وسبى ذراريهم ونساءهم، ويحكي الله قصتهم مع موسى فيقول: (( وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيـه لعلكـم تتقون ثم توليتم من بعد ذلك فلولا فضل الله عليكم ورحمتـه لكنتم من الخاسرين ))[البقرة: 63-64]، هذا ديدنهم، وهذه طبيعتهم: نقض العهود والمواثيق (( أو كلما عاهدوا عهداً نبذه فريق منهم بل أكثرهم لا يؤمنون ))[البقرة: 100].

ومن هنا يجب على المسلمين ألا يطمعوا في ود بني إسرائيل في يوم من الأيام أو في مسالمتهم، فهذا حكم القرآن فيهم، وهذا وصف الله لهم (( ومن أصدق من الله قيلاً ))[النساء: 122].

 

الخطبة الثانية:

الحمد لله وحده، وأشهد أن لا إله إلا الله، نصر عبده، وأعز جنده، وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله، أيده الله ورفع شأنه - صلى الله عليه وسلم - تسليماً كثيراً.

أما بعد:

يقول - تعالى- عن اليهود (( ضربت عليهم الذلة أين ما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس وباؤوا بغضب من الله وضربت عليهم المسكنة ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون الأنبياء بغير حق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون ))[سورة آل عمران: 112]، إن في الآية حكماً عليهم بالصغار والهوان إلى يوم القيامة.

وهنا يأتي السائل الأول فيقول: كيف ضربت عليهم الذلة والمسكنة وأخبارهم تنقـل إلينا كـل يوم عدوانا جديداً؟!! كيف ضربت عليهم الذلة والمسكنة وتسلطهم اليوم في مصير المسلمين ظاهر، وتبجحهم علينا في كل محفل من المحافل واضح؟!!.

كيف ضربت عليه الذلة والمسكنة وبالأمس القريب قتلوا العشرات من بني الإسلام في عقر ديار المسلمين؟!!

فأجيب بعون الله من يسـأل وأقـول له: هـون عليك يا أخي، وارجع إلى الآية السابقة فالله يقـول: (( ضربت عليهـم الذلـة أين ما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس))، ومعنى بحبل من الله وحبل من الناس: أي بعهد الله لهم كأن يكونوا أصحاب ذمة تحت حماية المسلمين في الدولة الإسلامية، ويمكن أن يكون معنى (حبل من الناس) أي عهد من الناس أو اتفاق يكون فيه ذل غير اليهود، فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، ويمكن أن يكون معنى (حبل من الناس) أي وسيلة تؤدي إلى عز اليهود، وذل المسلمين، كابتعادهم عن دينهم، وتفرقهم وتشتتهم فيما بينهم، وتركهم للجهاد، مما يمكن اليهود من التوسع في نشر الفساد الذي تنقل إلينا أخباره، فمن أقام دور السينما العالمية، وركز على إخراج المرأة واستخدامها أداة إضلال وتضليل؟ ومن أقام نوادي الدعارة السرية وأمدها بالمال؟ ومن نشر المخدرات بين أبناء المسلمين، وسعى في سبيل إفساد الجيل المحمدي بأبهض النفقات إلا اليهود قاتلهم الله.

إني لا أحب أن أصور اليهود بأنهم العدو الذي لا يقهر، والعدو الذي لا يهزم، فهم يسعون إلى بث هذا التصور بين أبناء المسلمين لتحطيمهم معنوياً ومادياً، وإنما أدعو بني قومي إلى رجعة صادقـة إلى تعاليم القـرآن، وإلى سنة رسول الرحمن، إن مقدسات المسلمين وديارهم لا يعيدها إلا جهاد صادق في سبيل الله، وإلا فلا نصر ولا كرامة ولا عزة ولا هيمنة قال رسول الله: (إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهادº سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم)(2)رواه أحمد وأبو داود وصححه الحاكم.

----------------------------------------

(1) المسند 12/407.

(2) المسند 2/ 84.وسنن أبي داود:كتاب البيوع باب في النهي عن العينة. 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply