بسم الله الرحمن الرحيم
الخطبة الأولى:
أما بعد:
ما هو التبرج: ذكر العلماء أن التبرج هو كل زينة أو تجمل تقصد المرأة بإظهاره أن تحلو في أعين الأجانب ، حتى القناع الذي تستتر به المرأة إن كان من الألوان البارقة ، والشكل الجذاب لكي تلذ به أعين الناظرين ، فهو من مظاهر تبرج الجاهلية الأولى.
والتبرج معصية لله ورسوله فعن ابن مسعود أن نبي الله ((كان يكره عشر خصال)) وذكر منها: ((التبرج بالزينة لغير محلها)).
قال السيوطي: \"والتبرج بالزينة أي إظهارها للناس الأجانب وهو المذموم، فأما للزوج فلا وهو معنى قوله ((لغير محلها)) بل إن التبرج كبيرة موبقة في الدنيا والآخرة، فقد جاءت أميمة بنت رقيقة إلى رسول الله تبايعه على الإسلام فقال: ((أبايعك على ألا تشركي بالله، ولا تسرقي ولا تزني ولا تقتلي ولدك ولا تأتي ببهتان تفترينه بين يديك ورجليك ولا تنوحي، ولا تتبرجي تبرج الجاهلية الأولى)).
بل إن التبرج يجلب لصاحبته اللعن والطرد من رحمة الله ، فعن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله: ((يكون في آخر أمتي نساء كاسيات عاريات على رؤوسهن كأسنمة البخت العنوهن فإنهن ملعونات)).
كما أن التبرج من صفات أهل النار ((صنفان من أهل النار لم أرهما. قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا)) [مسلم].
كذلكم اعتبر الشرع التبرج نفاقًا، وتعلمون ما قال الله في المنافقين والمنافقات ((شر نسائكم المتبرجات المتجملات، وهن المنافقات، لا يدخل الجنة منهن إلا مثل الغراب الأعصم)). والغراب الأعصم: أحمر المنقار والرجلين، وهذا الوصف في الغربان قليل.
بل إن التبرج تهتك وفضيحة واستجلاب لغضب الله ((ثلاثة لا تسأل عنهم: رجل فارق الجماعة وعصى إمامه فمات عاصياً ، وأمة أو عبد أبق من سيده فمات ، وامرأة غاب عنها زوجها وقد كفاها مؤنة الدنيا ، فتبرجت بعده ، فلا تسأل عنهم)) سبحان الله كانت المرأة الخائنة تنتظر غياب زوجها حتى تتبرج. فما عسانا نقول في نساء اليوم، وهن يرتكبن أقبح أنواع التبرج وأفحشها على مرأى ومسمع، بل ورضا من أزواجهن.
إن الأمر المؤسف الآن أن بعض النساء صرن يظهرن أمام الناس بصورة لم تكن موجودة من قبل، وأخطر ما في القضية مسألة كشف الوجه، وللعلم فأول الطريق نحو الفساد والدمار يبدأ من كشف المرأة لوجهها. صحيح أن بعض الفقهاء قد أجاز كشف الوجه ، لكن علماء الأمة ومنهم هؤلاء الفقهاء أيضاً متفقون جميعاً على وجوب تغطية الوجه عند حصول الفتنة ، وهو ما يحدث الآن بالضبط في هذا العصر ، ولنا في بعض بلدان العالم الإسلامي عبرة وعظة عندما نادى المنادون بسفور المرأة ، فبدأ الأمر بكشف الوجه ثم تطور إلى الرأس ثم إلى الذراعين ثم إلى الساقين ثم إلى الصدر والظهر ، ثم فلت الحبل ، وإخواننا هناك الآن يبكون الدم على ما حدث لهم، ويحذروننا من أن نقع في نفس الخطأ الذي وقعوا فيه وصدق من قال \"السعيد من وعظ بغيره\".
وهناك من النساء من لم يصلن بعد إلى كشف الوجه ولكنهن في الطريق فقد صار بعضهن يزين رؤوسهن بأغطية وطرح مزركشة وملونة، وتفنن في ربطها وإضافة الحلي إليها لتلفت الأنظار ، فمنهن من ترفعها إلى ركبتيها ، ومنهن من ترفعها إلى نصف جسمها، أو تضمها حتى تلتصق بجسدها، وتحدد أجزاء جسمها ، وقد ترتدي إحداهن فتساناً طويلاً ولكنه منقوش ومزين ، يلفت أنظار الناس أو ترتدي فستاناً آخر يحدد من شكل صدرها وخصرها ، والمصيبة العظمى في وجود الفتحات في اليمين أو اليسار أو الخلف ، والمصيبة الأعظم من ذلك أنها تظن بأنها متحجبة ، وهي فعلاً متحجبة ولكن عن الخير والعفة والحياء وصدق الله \"أَفَمَن زُيّنَ لَهُ سُوء عَمَلِهِ فَرَءاهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلٌّ مَن يَشَاء وَيَهدِى مَن يَشَاء \" [فاطر: 8].
والأسوأ من ذلك كله أن أنصار التبرج ، يحاولون الآن أن يجعلوا من الحجاب موضة وزياً من الأزياء حتى يجعلوه عرضة للتغيير والتنويع كلما أرادوا.
ومن أمثلة ذلك حجاب مصطنع يغطي جميع أجزاء جسم المرأة بما في ذلك الوجه ، ولكنه ضيق وقصير ويبدي قدمي المرأة وأسفل ما فيها، وقد تقوم المرأة بتغطيته ، ولكن بجوارب رقيقة وشفافة ومن نفس لون الجسم ، فبالله أهكذا يكون الحجاب أم هو التبرج بعينه؟
ومن صور التبرج أيضاً: خروج النساء وهن متعطرات أو قيام البعض منهن بتعطير ضيفتها أو بتبخيرها إكراماً لها، وهذا محرم ولا يجوز لأن النبي قال: ((أيما امرأة استعطرت ثم خرجت فوجد الناس ريحها فهي كذا وكذا)) يعني أنها في حكم الزانية ، لأنها سمحت للرجال بالتمتع برائحتها... لقد قال رسول الله هذا الكلام في التي تخرج من منزلها وهي متعطرة فكيف بالتي تذهب إلى محلات العطور وتتعطر وتختار بنفسها بعد أن تجرب الأنواع المختلفة في يديها.
ومن صور التبرج ما تفعله بعض المنافقات من التزام بالحجاب في البيئات المحافظة حتى إذا وجدت فرصة للانفلات استغلتها فوراً ، كمثل اللاتي تراهن في المطارات ملتزمات بالحجاب حتى إذا ركبن الطائرة وطارت بهن في الجو ، طارت العباءة ، وكشف الوجه والشعر وبدأت الزينة وقد يكون معهن من أشباه الرجال من أوليائهن، ولكنهم لا يحركون ساكنًا، وكأن الأمر لا يعنيهم وصدق الله \" قُل إِنَّ الخَـاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُم وَأَهلِيهِم يَومَ القِيَـامَةِ أَلاَ ذَلِكَ هُوَ الخُسرَانُ المُبِينُ \" [الزمر: 15].
ومن أخطر صور التبرج تبرج النساء في الأسواق وعرض أجسامهن أمام الرجال متأنقات ومتعطرات ، وقد يضعن على وجوههن أغطية شفافة من باب المخادعة ، أي البراقع ، مع تزيين الأعين بالكحل وتوسيع فتحة الأعين لتشمل جزء من الوجنتين ، وكثير منهن يكشفن عن وجوههن وأذرعهن أمام أصحاب معارض القماش والصاغة والخياطين ومحلات العطور ، وكأن هؤلاء محارم لهن، ناهيك عن التبرج بالكلام والضحك، وكأن الله لم يقل لهن \" فَلاَ تَخضَعنَ بِالقَولِ فَيَطمَعَ الَّذِي فِي قَلبِهِ مَرَضٌ \" [الأحزاب: 32].
لكن الأغرب من ذلك كله هو موقف الرجال الذين تركوا الحبل على الغارب للنساء حتى أصبحت المرأة تلبس ما تشتهي، وتخرج متى تشتهي، وتظهر على الناس كما تشتهي، والرجل ليس له حول ولا قوة، إنه لأمر عجيب
وما عجب أن النساء ترجلت ولكن تأنيث الرجال عجاب
ثم إن الأغرب من ذلك أنك لو لاحظت ملاحظة على المرأة المتبرجة وهمست في أذن زوجها، أو قريبها كأبيها أو أخيها بأن يلزمها الحجاب الشرعي والبعد عن التبرج ، فإنه سيقول لك: ماذا تقصد بذلك، زوجتي وابنتي وأختي يخرجن شريفات، ويرجعن شريفات \" وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَـادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيرِ عِلمٍ, وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيطَـانٍ, مَّرِيدٍ,\" [الحج: 3]. من قال لك أيها المسكين أنهن لسن شريفات. لكن هل الشرف أن تحتفظ الفتاة بعذريتها حتى ليلة الزفاف فقط ، أم أن الشرف هو الحجاب والعفة والخجل والحياء كما قال - تعالى – \" ذالِكُم أَطهَرُ لِقُلُوبِكُم وَقُلُوبِهِنَّ \" [الأحزاب: 53].
أو يقول لك أحدهم: أنا لا أحجب نسائي، لأني أثق بهن - سبحان الله! - ومن قال لك أيها الذكي جداً أن الحجاب شرع من أجل نوع الثقة من النساء. إن الحجاب ليس الهدف منه تخوين المرأة ، أو نزع الثقة منها ، أو الشك في الأقارب والأصحاب ، أبداً.
إن الهدف الأساسي من الحجاب هو المحافظة على عفة الرجال الذين تقع أبصارهم على النساء لأن بلاء الشباب والرجال والمراهقين ، ناتج عن ما يرونه من تبرج النساء وفسقهن في كل مكان.
إننا كثيراً ما نسير في الطرق العامة والأسواق ، فنرى ما يدمي قلوبنا ويملأها بالحسرة. وإنه ليحق لنا أن نطرح هذا السؤال المهم وهو: لماذا كل هذا التبرج من النساء ، ولمن، إنه ليس للزوج أبداً لأنه إذا كانت هذه المرأة المتبرجة متزوجة، فهل مكان التبرج للزوج هو المنزل، أم السوق أو الشارع؟ هذا إن كانت متزوجة مع أنه من المؤكد أنها لا تتزين لزوجها كما تتزين عندما تخرج إلى الأسواق. هذه إن كانت متزوجة، وإن كانت غير متزوجة فلمن تتبرج، ولمن تتزين، إنه طبعاً للعيون النهمة والذئاب المفترسة، ثم هؤلاء وحدهم هذا التبرج والإغراء. لقد حدد الله - سبحانه وتعالى- لنا من هم الذين يجوز للمرأة أن تكشف زينتها ووجهها أمامهم كما قال - تعالى – \" وَقُل لّلمُؤمِنَـاتِ يَغضُضنَ مِن أَبصَـارِهِنَّ وَيَحفَظنَ فُرُوجَهُنَّ وَلاَ يُبدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنهَا وَليَضرِبنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلاَ يُبدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَو ءابَائِهِنَّ أَو ءابَاء بُعُولَتِهِنَّ [النور: 31]. وهو العم والد الزوج أَو أَبنَائِهِنَّ أو الابن أَو أَبنَاء بُعُولَتِهِنَّ ابن الزوج أَو إِخوَانِهِنَّ الأخ أَو بَنِى إِخوَانِهِنَّ ابن الأخ أَو بَنِى أَخَواتِهِنَّ ابن الأخت أَو نِسَائِهِنَّ المسلمات أما الكافرات فلا أَو مَا مَلَكَت أَيمَـانُهُنَّ العبد المملوك لها أَوِ التَّـابِعِينَ غَيرِ أُولِى الإِربَةِ مِنَ الرّجَالِ: التابع لأهل البيت من شيخ هرم أصابه الخرف، وعنين، ومعتوه.
\" أَوِ الطّفلِ الَّذِينَ لَم يَظهَرُوا عَلَى عَوراتِ النّسَاء\" كالطفل الصغير دون البلوغ ممن لا حاجة له في النساء لعدم الشهوة عنده.
\" وَلاَ يَضرِبنَ بِأَرجُلِهِنَّ لِيُعلَمَ مَا يُخفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أيٌّهَا المُؤمِنُونَ لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ\".
هؤلاء فقط هم الذين يجوز للمرأة أن تظهر بزينتها أمامهم، فهل منهم السائق أو الخادم، أو البائع أو الخياط أو الطبيب لغير ضرورة ، هل ذكر هؤلاء في الآية. إن الأمر واضح وضوح الشمس لمن أراد لنفسه النجاة في الدنيا والآخرة.
ترى ما هي أسباب التبرج وانتشاره ، والجواب: إن لذلك أسباباً كثيرة من أهمها الجهل بالله ، وضعف الوازع الديني الذي تسبب في تمرد كثير من النساء على شرع الله وجعلهن يقلدن ويمشين وراء كل ناعق يقول الله \"وَليَضرِبنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ \". وعندما نزلت هذه الآية قالت أم المؤمنين عائشة: \"والله ما رأيت أفضل من نساء الأنصار، أشد تصديقًا لكتاب الله وإيماناً بالتنزيل. فعندما نزلت الآية وتلى رجالهن الآية عليهن ، ما منهن امرأة إلا قامت إلى مرطها فأصبحن يصلين الصبح معتجرات، كأنَّ على رؤوسهن الغربان ، ولكم أن تقارنوا هذا الموقف بما يحدث من بعض نساء اليوم، فهذه لا شيء كالذي يأمرها بالحجاب والستر ، وتلك تدعي أنها متحضرة وأن الحجاب تزمت ، وأخرى تدعي أنها لم تقتنع بالحجاب بعد ، وأخرى تحتج بسلوك بعض المحجبات، وأخرى تقول: المهم الأخلاق. ولا يدرين كيف تكون المتبرجة صاحبة خلق ، إلى غير ذلك من الأعذار التافهة والتي لن تغني عنهن من الله شيئاً يوم يقفن أمامه، لأن الله يقول: \"وَمَا كَانَ لِمُؤمِنٍ, وَلاَ مُؤمِنَةٍ, إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِن أَمرِهِم وَمَن يَعصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَد ضَلَّ ضَلَـلاً مٌّبِيناً \" [الأحزاب: 36].
أما السبب الثاني والثالث والعاشر أيضاً فنحن الرجال، نعم الرجال إن الله - سبحانه - يقول: \"الرّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعضَهُم عَلَى بَعضٍ, وَبِمَا أَنفَقُوا مِن أَموالِهِم [النساء: 34]. ومعنى أن الرجل قيم على المرأة أي هو رئيسها وكبيرها والحاكم عليها ومؤدبها إذا اعوجت ، بدون تسلط أو استبداد. هذه هي الرجولة.
أما الذين يظنون أنفسهم رجالاً وهم يساعدون نساءهم على التبرج فهم أبعد الناس عن صفة الرجولة. إنك تتعجب من أحوال هؤلاء فعندما تخرج نساؤهم، ألا ينظرون إليهن ، ألا يرون كيف يلبسن ، ألا يرون كيف يخرجن! وبعضهن من أهل المساجد وقد تراه ذا صورة وذا هيبة، ثم تفاجأ بأنه يمشي مع زوجته المتبرجة كالقط الأليف.
وقد يُظن أن الحجاب هو بتغطية الوجه فقط، وهذا غير صحيح فبالإضافة إلى تغطية الوجه وحتى لا تكون المرأة متبرجة فيجب أن يكون الحجاب مغطياً لجميع جسد المرأة وأن لا يكون فيه نوع من الزينة أو الزخرفة ، وأن لا يكون شفافاً بل سميكاً ، وأن لا يكون ضيقاً بل واسعاً، وألا يصدر عنه رائحة طيبة وأن لا يكون شبيهاً بملابس الكافرات وألا يكون ثوب شهرة.
فهل هناك من الرجال من يلاحظ هذه الأمور المهمة الآن ، يوجد، ولكن قليل ما هم.
ومما يساعد على انتشار التبرج كثرة خروج النساء لأقل سبب، والسبب في ذلك أيضاً الرجال، تصوروا أن كثيراً من الرجال ترك كل ما يتعلق بالبيع أو الشراء للمرأة ، فتخرج لأقل سبب لوحدها ، لماذا؟ لأن حضرته مشغول حتى صرنا نرى النساء في أسواق الخضار والفاكهة وكأن الرجل لا يعرف كيف يشتري الخضار والفاكهة.
والغريب أن أمثال هؤلاء يسمح لزوجته بالخروج إلى كل مكان، فإذا قالت المرأة: أريد الذهاب إلى المسجد ، ظهرت رجولته فجأة، وقال لها يقول : ((أفضل الصلاة للمرأة في بيتها))، ولو قلت له: هذا حق، ولكن لماذا لا تسمح لها بحضور المحاضرات والدورات والخطب؟ فإنه سيجيبك قائلاً: أنا لا أسمح بخروجها للمسجد منعاً للفتنة. - سبحان الله - إنك تسمح لها بالذهاب إلى الأسواق والحدائق والشوارع ، وقد تكون لوحدها أليست هذه فتنة إنك تحضر لها المجلات السخيفة التي تعامل المرأة معاملة جواري ألف ليلة وليلة بما فيها من الصور الخليعة والعناوين المثيرة (سيدتي ماذا تلبسين في رحلة بحرية) أو تتعلم منها بأن هناك فستاناً لفترة الصباح، وتسريحات لبعد الظهر، وأخرى للسهرة ، أليست هذه فتنة؟
إنك تحضر لها القصص الغرامية والأفلام الخليعة وقنوات البث الفضائية وغيرها من الوسائل التي تساهم في تعليم النساء التبرج والانحلال ، أليست هذه فتنة؟ ثم تأتي بعد ذلك وتقول لها: لا تذهبي إلى المسجد منعاً للفتنة ، وصدق الله \"وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعجِبُكَ قَولُهُ فِي الحَيَاةِ الدٌّنيَا وَيُشهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلبِهِ وَهُوَ أَلَدٌّ الخِصَامِ [البقرة: 204].
نعم إنه يتكلم بالإسلام وهو أبعد الناس، هذه يا أخوة بعض صورة التبرج وبعض أسبابها (وللعلم فلن ينصلح حال كثير من النساء إلا إذا قام الرجال بدورهم الصحيح في توجيه النساء وتربيتهن) والحقيقة أن أقسام الناس في استيعاب هذا الكلام اليوم ، لا يخرج عن أقسام ثلاثة:
القسم الأول: فهم واتعظ وأخذ وعداً على نفسه بأن يبدأ من الآن في معالجة هذه الظواهر السلبية إن كانت موجودة في منزله وبين أهله. ويحرص على أن ينتفع بما سمعه وعلمه، وهو ظننا بكم إن شاء الله، أنكم من هذا القسم.
أما القسم الثاني: قسم يسمع الكلام ويفهم، ولكنه لا يزيد على أن يقول: نسأل الله السلامة، ثم يهز رأسه، ويقول: الله لا تبتلينا ثم لا يزيد على هذا شيئاً ، لا يفتش في أحواله لا يتأكد من وضع أبنائه وبناته ، وأنا أريد أن قول شيئاً: إذا كنت تقول (الله لا يبتلينا) ثم لا تفعل شيئاً، وأنا أقول نفس الكلام ولا أفعل شيئاً، والآخر يقول نفس الشيء ولا يفعل شيئاً، فإذا كان هذا موقفنا فما هو الذي يحدث الآن في الأسواق والشوارع؟ من أين أتين هؤلاء النسوة؟ من المريخ أم من القمر؟ ألسن قد خرجن من منازلنا وبيوتنا، فهذا المجتمع يتكون مني ومنك ومن الآخرين فإذا صار الكل يتبرأ ويرمي بالخطأ على غيره، فأين هو المخطئ؟ إذن لهذا من كان منكم من هذا النوع فليراجع حساباته من جديد.
وهناك قسم ثالث أعاذني الله وإياكم أن نكون منهم وهم صنف من الرجال والنساء لا يحلون حلالاً ولا يحرمون حراماً ، ويزعمون أنما هي حياتهم الدنيا فقط وينكرون القيم والمبادئ الدينية بل ويصدون عن سبيل الله ولن يزيدهم كلامي هذا إلا عناداً وفسوقًا، بل سيخرجون من المسجد كما أتوا لأنه لا يفيد الكلام معهم شيئاً وأقول لهذا الصنف الذي لا ينفع معه الكلام. أنه ما عليهم سوى الانتظار زمناً قد لا يكون كبيراً ، حتى يوضعوا في أول منازل الآخرة وهو القبر حيث يرون ما لم يروه قط ويلاقون ما وعدهم ربهم حقاً. يقول - تعالى – \" وَلَقَد ذَرَأنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مّنَ الجِنّ وَالإِنسِ لَهُم قُلُوبٌ لاَّ يَفقَهُونَ بِهَا وَلَهُم أَعيُنٌ لاَّ يُبصِرُونَ بِهَا وَلَهُم ءاذَانٌ لاَّ يَسمَعُونَ بِهَا أُولَـئِكَ كَالأنعَـامِ بَل هُم أَضَلٌّ أُولَـئِكَ هُمُ الغَـافِلُونَ\" [الأعراف: 179].
ويقول \"وَيلٌ لّكُلّ أَفَّاكٍ, أَثِيمٍ, يَسمَعُ ءايَـاتِ اللَّهِ تُتلَى عَلَيهِ ثُمَّ يُصِرٌّ مُستَكبِراً كَأَن لَّم يَسمَعهَا فَبَشّرهُ بِعَذَابٍ, أَلِيمٍ,\" [الجاثية: 7، 8].
فهل يتنبه هؤلاء، هذا ما نرجوه ونتمناه.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد
التعليقات ( 1 )
كشف المراة وجهها من التبرج باجماع اهل الشريعة واللغة
03:15:52 2020-06-04