إصلاح ذات البين


 

بسم الله الرحمن الرحيم

  

لا ريب أن الشقاق والخلاف من أخطر أسلحة الشيطان الفتاكة الَّتي يوغر بها صدور الخلق، لينفصلوا بعد اتحاد، ويتنافروا بعد اتفاق، ويتعادوا بعد أُخوَّة، وقد اهتمَّ الإسلام بمسألة احتمال وقوع الخلاف بين المؤمنين وأخذها بعين الاعتبارº وذلك لأن المؤمنين بَشَر يخطئون ويصيبون، ويعسر أن تتَّفق آراؤهم أو تتوحَّد اتجاهاتهم دائماً، ولهذا عالج الإسلام مسألة الخلاف على اختلاف مستوياتها بدءاً من مرحلة المشاحنة والمجادلة، ومروراً بالهجر والتباعد، وانتهاءً بمرحلة الاعتداء والقتال، والإسلام دين يتشوّف إلى الصلح ويسعى له وينادي إليه، وليس ثمة خطوة أحب إلى الله - عز وجل - من خطوة يصلح فيها العبد بين اثنين ويقرب فيها بين قلبين، فبالإصلاح تكون الطمأنينة والهدوء والاستقرار والأمن وتتفجر ينابيع الألفة والمحبة.

 

أهمية الإصلاح:

1. الإصلاح عبادة جليلة, وخلق جميل يحبه الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، وهو خير كله { والصلح خير } [النساء: 128]

2. بالإصلاح تكون الأمة وحدة متماسكة، يعز فيها الضعف, ويندر فيها الخلل, ويقوى رباطها ويسعى بعضها في إصلاح بعض.

3. بالإصلاح يصلح المجتمع وتأتلف القلوب, وتجتمع الكلمة, وينبذ الخلاف وتزرع المحبة والمودة.

4. الإصلاح عنوان الإيمان في الإخوان { إِنَّمَا المُؤمِنُونَ إِخوَةٌ فَأَصلِحُوا بَينَ أَخَوَيكُم } [الحجرات: 10]

5. إذا فقد الإصلاح هلكت الشعوب والأمم, وفسدت البيوت والأسر, وتبددت الثروات وانتهكت الحرمات وعم الشر القريب والبعيد.

6. الذي لا يقبل الصلح ولا يسعى فيه رجل قاسي القلب, قد فسد باطنه وخبثت نيته, وساء خلقه, وغلظت كبده فهو إلى الشر أقرب وعن الخير أبعد.

7. المصلح قلبه من أحسن القلوب وأطهرها، نفسه تواقة للخير مشتاقة، يبذل جهده ووقته وماله من أجل الإصلاح.

 

 الله يصلح بين المؤمنين:

ومن عظيم بركة الرب وعفوه ورحمته أنه يصلح بين المؤمنين يوم القيامة، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: بينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس إذ رأيناه ضحك حتى بدت ثناياه، فقال له عمر: ما أضحكك يا رسول الله! بأبي أنت وأمي؟ فقال: (رجلان من أمتي جثيا بين يدي رب العزة، فقال أحدهما: يا رب خذ لي مظلمتي من أخي، فقال الله - تبارك وتعالى- للطالب: فكيف تصنع بأخيك ولم يبق من حسناته شيء؟ قال: يا رب فليحمل من أوزاري، قال: وفاضت عينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم – بالبكاء, ثم قال: إن ذاك اليوم يحتاج الناس إلى من يُحمل عنهم من أوزارهم، فقال الله - تعالى -للطالب: ارفع بصرك فانظر في الجنان، فرفع رأسه فقال: يا رب أرى مدائن من ذهب, وقصور من ذهب مكللة باللؤلؤ لأي نبي هذا؟ أو لأي صديق هذا؟ أو لأي شهيد هذا؟ قال: هذا لمن أعطى الثمن، قال: يا رب ومن يملك ذلك؟ قال: أنت تملكه، قال: بماذا؟ قال: بعفوك عن أخيك، قال: يا رب فإنى قد عفوت عنه، قال الله - عز وجل -: فخذ بيد أخيك فأدخله الجنة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند ذلك: (اتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم، فإن الله يصلح بين المؤمنين) [رواه الحاكم وقال: صحيح الإسناد]

 

 ميادين الإصلاح:

1. في الأفراد والجماعات، عَن سَهلِ بنِ سَعدٍ, - رضي الله عنه - أَنَّ أَهلَ قُبَاءٍ, اقتَتَلُوا حَتَّى تَرَامَوا بِالحِجَارَةِ فَأُخبِرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِذَلِكَ فَقَالَ: (اذهَبُوا بِنَا نُصلِحُ بَينَهُم ) [رواه البخاري]

2. في الأزواج والزوجات، جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيتَ فَاطِمَةَ فَلَم يَجِد عَلِيًّا فِي البَيتِ فَقَالَ: أَينَ ابنُ عَمِّك؟ قَالَت: كَانَ بَينِي وَبَينَهُ شَيءٌ فَغَاضَبَنِي فَخَرَجَ فَلَم يَقِل عِندِي، فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لإِنسَان: انظُر أَينَ هُوَ فَجَاءَ فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ! هُوَ فِي المَسجِدِ رَاقِدٌ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ مُضطَجِعٌ قَد سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَن شِقِّهِ وَأَصَابَهُ تُرَابٌ فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَمسَحُهُ عَنهُ وَيَقُولُ: قُم أَبَا تُرَابٍ,، قُم أَبَا تُرَابٍ, ) [رواه البخاري] .

3. بين المتداينين، عن كَعبٍ, بن مالك أَنَّه تَقَاضَى ابنَ أَبِي حَدرَدٍ, دَينًا كَانَ لَهُ عَلَيهِ فِي عَهدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي المَسجِدِ فَارتَفَعَت أَصوَاتُهُمَا حَتَّى سَمِعَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ فِي بَيتٍ,ه فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَيهِمَا حَتَّى كَشَفَ سِجفَ حُجرَتِهِ فَنَادَى كَعبَ بنَ مَالِكٍ, فَقَالَ: يَا كَعبُ فَقَالَ: لَبَّيكَ يَا رَسُولَ اللَّه!، فَأَشَارَ بِيَدِهِ أَن ضَع الشَّطرَ فَقَالَ كَعب: قَد فَعَلتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: قُم فَاقضِه ) [رواه البخاري].

4. في الأقارب والأرحام، حُدِّثَت عَائِشَةَ - رضي الله عنها - أَنَّ عَبدَ اللَّهِ بنَ الزٌّبَيرِ قَالَ فِي بَيعٍ, أَو عَطَاءٍ, أَعطَتهُ عَائِشَةُ: وَاللَّهِ لَتَنتَهِيَنَّ عَائِشَةُ أَو لأحجُرَنَّ عَلَيهَا فَقَالَت أَهُوَ قَالَ هَذَا؟ قَالُوا: نَعَم. قَالَت: هُوَ لِلَّهِ عَلَيَّ نَذرٌ أَن لا أُكَلِّمَ ابنَ الزٌّبَيرِ أَبَدًا، فَاستَشفَعَ ابنُ الزٌّبَيرِ إِلَيهَا حِينَ طَالَت الهِجرَةُ فَقَالَت: لا وَاللَّهِ لا أُشَفِّعُ فِيهِ أَبَدًا وَلا أَتَحَنَّثُ إِلَى نَذرِي فَلَمَّا طَالَ ذَلِكَ عَلَى ابنِ الزٌّبَيرِ كَلَّمَ المِسوَرَ بنَ مَخرَمَةَ وَعَبدَ الرَّحمَنِ بنَ الأسوَدِ بنِ عَبدِ يَغُوثَ وَهُمَا مِن بَنِي زُهرَةَ وَقَالَ لَهُمَا أَنشُدُكُمَا بِاللَّهِ لَمَّا أَدخَلتُمَانِي عَلَى عَائِشَةَ فَإِنَّهَا لا يَحِلٌّ لَهَا أَن تَنذِرَ قَطِيعَتِي، فَأَقبَلَ بِهِ المِسوَرُ وَعَبدُ الرَّحمَنِ مُشتَمِلَينِ بِأَردِيَتِهِمَا حَتَّى استَأذَنَا عَلَى عَائِشَةَ فَقَال: السَّلامُ عَلَيكِ وَرَحمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ أَنَدخُل؟ قَالَت عَائِشَة: ادخُلُوا، قَالُوا كُلٌّنَا. قَالَت: نَعَم ادخُلُوا كُلٌّكُم. وَلا تَعلَمُ أَنَّ مَعَهُمَا ابنَ الزٌّبَيرِ فَلَمَّا دَخَلُوا دَخَلَ ابنُ الزٌّبَيرِ الحِجَابَ فَاعتَنَقَ عَائِشَةَ وَطَفِقَ يُنَاشِدُهَا وَيَبكِي وَطَفِقَ المِسوَرُ وَعَبدُ الرَّحمَنِ يُنَاشِدَانِهَا إلاَّ مَا كَلَّمَتهُ وَقَبِلَت مِنهُ وَيَقُولانِ إِنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَمَّا قَد عَلِمتِ مِن الهِجرَةِ فَإِنَّهُ لا يَحِلٌّ لِمُسلِمٍ, أَن يَهجُرَ أَخَاهُ فَوقَ ثَلاثِ لَيَالٍ, فَلَمَّا أَكثَرُوا عَلَى عَائِشَةَ مِن التَّذكِرَةِ وَالتَّحرِيجِ طَفِقَت تُذَكِّرُهُمَا نَذرَهَا وَتَبكِي وَتَقُول: إِنِّي نَذَرتُ وَالنَّذرُ شَدِيدٌ فَلَم يَزَالا بِهَا حَتَّى كَلَّمَت ابنَ الزٌّبَيرِ وَأَعتَقَت فِي نَذرِهَا ذَلِكَ أَربَعِينَ رَقَبَةً وَكَانَت تَذكُرُ نَذرَهَا بَعدَ ذَلِكَ فَتَبكِي حَتَّى تَبُلَّ دُمُوعُهَا خِمَارَهَا ) [رواه البخاري].

5. في القبائل والطوائف، عن أَنَس - رضي الله عنه - قَالَ: قِيلَ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - لَو أَتَيتَ عَبدَ اللَّهِ بنَ أُبَيٍّ, فَانطَلَقَ إِلَيهِ النَّبِيٌّ - صلى الله عليه وسلم - وَرَكِبَ حِمَارًا فَانطَلَقَ المُسلِمُونَ يَمشُونَ مَعَهُ وَهِيَ أَرضٌ سَبِخَةٌ فَلَمَّا أَتَاهُ النَّبِيٌّ َقَالَ: إِلَيكَ عَنِّي وَاللَّهِ لَقَد آذَانِي نَتنُ حِمَارِك. فَقَالَ رَجُلٌ مِن الأنصَارِ مِنهُم: وَاللَّهِ لَحِمَارُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَطيَبُ رِيحًا مِنك. فَغَضِبَ لِعَبدِ اللَّهِ رَجُلٌ مِن قَومِهِ فَشَتَمَه، فَغَضِبَ لِكُلِّ وَاحِدٍ, مِنهُمَا أَصحَابُهُ فَكَانَ بَينَهُمَا ضَربٌ بِالجَرِيدِ وَالأيدِي وَالنِّعَالِ فَبَلَغَنَا أَنَّهَا أُنزِلَت { وَإِن طَائِفَتَانِ مِن المُؤمِنِينَ اقتَتَلُوا فَأَصلِحُوا بَينَهُمَا } [رواه البخاري] .

6. في الأموال والدماء، عَن أَبِي هُرَيرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ النَّبِيٌّ - صلى الله عليه وسلم -: (اشتَرَى رَجُلٌ مِن رَجُلٍ, عَقَارًا لَهُ فَوَجَدَ الرَّجُلُ الَّذِي اشتَرَى العَقَارَ فِي عَقَارِهِ جَرَّةً فِيهَا ذَهَبٌ فَقَالَ لَهُ الَّذِي اشتَرَى العَقَارَ خُذ ذَهَبَكَ مِنِّي إِنَّمَا اشتَرَيتُ مِنكَ الأرضَ وَلَم أَبتَع مِنكَ الذَّهَبَ، فَقَالَ الَّذِي شرى الأرضُ: إِنَّمَا بِعتُكَ الأَرضَ وَمَا فِيهَا، قال: فَتَحَاكَمَا إِلَى رَجُلٍ, فَقَالَ الَّذِي تَحَاكَمَا إِلَيهِ: أَلَكُمَا وَلَدٌ؟ قَالَ أَحَدُهُمَا لِي غُلامٌ وَقَالَ الآخَرُ: لِي جَارِيَةٌ قَالَ أَنكِحُوا الغُلامَ الجَارِيَةَ وَأَنفِقُوا عَلَى أَنفُسِكمَا مِنهُ وَتَصَدَّقَا ) [رواه مسلم] .

7. في النزاع والخصومات، عن عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قالت: سَمِع رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَوتَ خُصُومٍ, بِالبَابِ عَالِيَةٍ, أَصوَاتُهُمَ، وَإِذَا أَحَدُهُمَا يَستَوضِعُ الآخَرَ وَيَستَرفِقُهُ فِي شَيءٍ, وَهُوَ يَقُول: وَاللَّهِ لا أَفعَلُ فَخَرَجَ عَلَيهِمَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: فَقَالَ أَينَ المُتَأَلِّي عَلَى اللَّهِ لا يَفعَلُ المَعرُوفَ؟ فَقَالَ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَلَهُ أَيٌّ ذَلِكَ أَحَبَّ ) [رواه البخاري]

 

 فقه الإصلاح:

الإصلاح عزيمة راشدة ونية خيرة وإرادة مصلحة، والأمة تحتاج إلى إصلاح يدخل الرضا على المتخاصمين، ويعيد الوئام إلى المتنازعين، إصلاح تسكن به النفوس وتأتلف به القلوب، ولا يقوم به إلا عصبة خيرة من خلق الله، شرفت أقدارهم، وكرمت أخلاقهم، وطابت منابتهم، وللإصلاح فقه ومسالك دلت عليها نصوص الشرع, وسار عليها المصلحون المخلصون، ومنها:

1. استحضار النية الصالحة وابتغاء مرضاة الرب - جل وعلا – { وَمَن يَفعَل ذَلِكَ ابتِغَاءَ مَرضَاتِ اللَّهِ فَسَوفَ نُؤتِيهِ أَجراً عَظِيماً} [النساء: 114] .

2. تجنب الأهواء الشخصية والمنافع الدنيوية فهي مما يعيق التوفيق في تحقيق الهدف المنشود.

3. لزوم العدل والتقوى في الصلحº لأن الصلح إذا صدر عن هيئة اجتماعية معروفة بالعدالة والتَّقوى وجب على الجميع الالتزام به والتقيٌّد بأحكامه إذعاناً للحقِّ وإرضاءً للضمائر الحيَّة {فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا}  [الحجرات: 9]

4. أن يكون المصلح عاقلا حكيما منصفاً في إيصال كلِّ ذي حقٍّ, إلى حقِّه مدركا للأمور متمتعا بسعة الصدر, وبُعد النظر مضيقا شقَّة الخلاف والعداوة، محلا المحبَّة والسلام.

5. سلوك مسلك السر والنجوى، ولئن كان كثير من النجوى مذموماً إلا أنه في هذا الموطن محمود { لاَّ خَيرَ فِى كَثِيرٍ, مّن نَّجوَاهُم إِلاَّ مَن أَمَرَ بِصَدَقَةٍ, أَو مَعرُوفٍ, أَو إِصلَـاحٍ, بَينَ النَّاسِ } [النساء: 114].

6. الحذر من فشو الأحاديث وتسرب الأخبار والتشويش على الفهوم مما يفسد الأمور المبرمة والاتفاقيات الخيرةº لأن من الناس من يتأذى من نشر مشاكله أمام الناس، وكلما ضاق نطاق الخلاف كان من السهل القضاء عليه.

7. اختيار الوقت المناسب للصلح بين المتخاصمين حتى يؤتي الصلح ثماره ويكون أوقع في النفوس.

8. أن يكون الصلح مبنيا على علم شرعي يخرج المتخاصمين من الشقاق إلى الألفة ومن البغضاء إلى المحبة.

9. التلطف في العبارة واختيار أحسن الكلم في الصلح ولما جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيتَ فَاطِمَةَ فَلَم يَجِد عَلِيًّا فِي البَيتِ فَقَالَ: أَينَ ابنُ عَمِّك؟ وفيه دليل على الاستعطاف بذكر القرابة.

10. استحباب الرفق في الصلح وترك المعاتبة إبقاء للمودةº لأن العتاب يجلب الحقد ويوغر الصدور، وقد كتب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري: \"رد الخصوم حتى يصطلحوا فإن فصل القضاء يورث بينهم الضغائن \".

11. ابدأ بالجلسات الفردية بين المتخاصمين لتليين قلبيهما إلى قبول الصلح مع الثناء على لسان أحدهما للآخر.

12. وأخيرا.. الدعاء الدعاء بأن يجعل الله التوفيق حليفك وأن يسهل لك ما أقدمت عليه مع البراءة إليه - سبحانه - من قوتك وقدرتك وذكائك, وإظهار العجز والشدة والحاجة إليه للتأييد والتوفيق.

 

 الأمر بإصلاح ذات البين في القرآن الكريم:

* قال - تعالى -: { فمن خاف من موص جنفا أو إثما فأصلح بينهم فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم } [البقرة: 182].

* قال - تعالى -: {ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس والله سميع عليم } [البقرة: 224] .

* قال - تعالى -: {لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما } [النساء: 114].

* قال - تعالى -: {وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير } [النساء: 128].

* قال - تعالى -:{.. فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة وإن تصلحوا وتتقوا فإن الله كان غفورا رحيما } [النساء: 129].

* قال- تعالى-:{ إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون ) [الحجرات: 10]

* قال –تعالى-:  { وأًصلحوا ذات بينكم }.

ومعنى ذات البين: صاحبة البين، والبين في كلام العرب يأتي على وجهين متضادين:

1. الفراق والفرقة ومعناه: إصلاح صاحبة الفرقة بين المسلمين بإزالة أسباب الخصام والتسامح والعفو، وبهذا الإصلاح يذهب البين وتنحل عقدة الفرقة.

2. الوصل ومعناه: ومعناه: إصلاح صاحبة الوصل والتحابب والتآلف بين المسلمين، وإصلاحها يكون برأب ما تصدع منها وإزالة الفساد الذي دبّ إليها بسبب الخصام والتنازع على أمر من أمور الدنيا\" [الأخلاق الإسلامية للميداني 2/230] .

 

 فضل الإصلاح والمصلح:

* قال - تعالى -: {والذين يمسكون بالكتاب وأقاموا الصلاة إنا لا نضيع أجر المصلحين } [الأعراف: 170].

* قال - تعالى -: {وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين }

* قال - صلى الله عليه وسلم  -: (ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟ قالوا: بلى، قال: صلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة) [رواه أبو داود].

*قال - صلى الله عليه وسلم - : ( كتب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتابا بين المهاجرين والأنصار على أن يعقلوا معاقلهم، وأن يفدوا عانيهم بالمعروف [العاني الأسير] والإصلاح بين المسلمين ) [رواه أحمد].

* قال  - صلى الله عليه وسلم - : ( تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئا إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقال: أنظروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا ) [رواه مسلم].

* قال - صلى الله عليه وسلم - : ( ما عمل ابن آدم شيئاً أفضل من الصلاة، وصلاح ذات البين، وخلقِ حسن)  [الصحيحة: 1448].

* قال - صلى الله عليه وسلم - : ( كل سلامي من الناس عليه صدقة، كل يوم يعدل بين الناس صدقة ) [رواه البخاري].

* قال أنس - رضي الله عنه -: \" من أصلح بين اثنين أعطـاه الله بكل كلمة عتق رقبة \".

 

 الكذب في الإصلاح:

1. عن أُمَّ كُلثُومٍ, بِنتَ عُقبَةَ بن أبي معيط وكانت من المهاجرات الأول التي بايعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخبرته أنها سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يقول: \"(لَيسَ الكَذابُ الَّذِي يُصلِحُ بَينَ النَّاسِ فَيَنمِي [بدون تشديد بمعنى نقل ما فيه خير وصلاح وبالتشديد الإفساد] خَيرًا أَو يَقُولُ خَيرًا ) [رواه البخاري].

2. قال بن شهاب: \"ولم أسمع يرخص في شيء مما يقول الناس كذب إلا في ثلاث: الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته وحديث المرأة زوجها \" [رواه البخاري].

 

 أعدل الصلح:

قال ابن القيم - رحمه الله - :\" فالصلح الجائز بين المسلمين هو يعتمد فيه رضا الله - سبحانه - ورضا الخصمين، فهذا أعدل الصلح وأحقه، وهو يعتمد العلم والعدل، فيكون المصلح عالما بالوقائع، عارفا بالواجب، قاصدا العدل، فدرجة هذا أفضل من درجة الصائم القائم \" [أعلام الموقعين 1 / 109 ـ 110] .

 

وأخيرا..

إن المكـارم كلها لو حصلت***رجـعت جمـلتها إلى شـيئين

تعظيم أمر الله- جـل جـلاله-***والسعي في إصلاح ذات البيـن

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply