- المبحث الأول: مفهوم الإخلاص:-
الإخلاص هو صرف العمل والتقرب به إلى الله وحده، لا رياء ولا سمعة، ولا طلباً للعرض الزائل، ولا تصنعاً، وإنما يرجو ثواب الله ويخشى عقابه ويطمع في رضاه، ولهذا قال القاضي عياض: (ترك العمل من أجل الناس رياء، والعمل من أجل الناس شرك، والإخلاص أن يعافيك الله منهما).
وحقيقة الإخلاص: هو أن يريد العبد بعمله التقرب إلى الله - تعالى - وحده.
والإخلاص في حياة الداعية: أن يقصد بعمله وقوله وسائر تصرفاته وتوجيهاته وتعليمه وجه الله - تعالى - وحده لا شريك له ولا رب سواه.
- المبحث الثاني: أهمية الإخلاص:-
قال تعالى: (( الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً )) قال الفضيل بن عياض: هو أخلصه وأصوبه، قالوا: يا أبا يعلى: ما أخلصه وأصوبه؟ فقال: (إن العمل إذا كان خالصاً ولم يكن صواباً لم يقبل، وإذا كان صواباً ولم يكن خالصاً لم يقبل، حتى يكون خالصاً صواباً، والخالص أن يكون لله، والصواب أن يكون على سنة رسول الله، ثم قرأ قوله - تعالى-: ((فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً ))، وقال - تعالى-: ((ومن أحسن قولاً ممن أسلم وجهه لله وهو محسن)).
فإسلام الوجه: إخلاص القصد والعمل لله.
والإحسان فيه: متابعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسنته.
والإخلاص من أهم أعمال القلوب باتفاق أئمة الإسلام، ولا شك أن أعمال القلوب هي الأصل لمحبة الله ورسوله، والتوكل عليه، والإخلاص له، والخوف منه، والرجاء له، وأعمال الجوارح تبع، فإن النية بمنزلة الروح، والعمل بمنزلة الجسد للأعضاء الذي إذا فارق الروح مات، فمعرفة أحكام القلوب أهم من معرفة أحكام الجوارح.
فيجب على الداعية أن يكون مخلصاً لله - عز وجل - لا يريد رياء ولا سمعة، ولا ثناء الناس ولا مدحهم وحمدهم، إنما يدعو إلى الله يريد وجه الله - تعالى - كما قال - سبحانه -: ((قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله ))، وقال - سبحانه -: (( ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله )).
والإخلاص أعظم الصفات التي تجب على الدعاة فيريدوا بدعوتهم وجه الله والدار الآخرة، ويريدوا إصلاح الناس وإخراجهم من الظلمات إلى النور.
- المبحث الثالث: النية أساس العمل:-
- المطلب الأول: أهمية النية ومكانتها:- النية أساس العمل وقاعدته، ورأس الأمر وعموده، وأصله الذي عليه بني، لأنها روح العمل وقائده وسائقه، والعمل تابع لها يصح بصحتها، ويفسد بفسادها، وبها يحصل التوفيق، وبعدمها يحصل الخذلان، وبحسبها تتفاوت الدرجات في الدنيا والآخرة، ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم -: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى).
وقال الله - تعالى-: (( لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجراً عظيماً )).
وهذا يدل على أهمية ومكانة النية: وأن الدعاة إلى الله وغيرهم من المسلمين بحاجة إلى إصلاح النية، فإذا صلحت أعطي العبد الأجر الكبير والثواب العظيم، ولو لم يعمل وإنما نوى نية صادقة، ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم -: (إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحاً)، وقال: (ما من امرىء تكون له صلاة بليل فيغلبه عليها نوم إلا كتب له أجر صلاته، وكان نومه عليه صدقة).
- المطلب الثاني: خطر إرادة الدنيا بعمل الآخرة:- من الخطر العظيم أن يعمل الإنسان عملاً صالحاً يريد به عرضاً من الدنيا، وهذا شرك ينافي كمال التوحيد الواجب، ويحبط العمل، وهو أعظم من الرياء.
والفرق بين الرياء وإرادة الإنسان بعمله الدنيا: هو أن بينهما عموم وخصوص مطلق، يجتمعان في أن الإنسان إذا أردا بعمله التزين عند الناس ليروه ويعظموه ويمدحوه فهذا رياء، وهو أيضاً إرادة الدنيا، لأنه تصنع عند الناس، وطلب الإكرام منهم والمدح والثناء.
أما العمل للدنيا فهو أن يعمل الإنسان عملاً صالحاً لا يقصد به الرياء للناس وإنما يقصد به عرضاً من الدنيا: كمن يحج عن غيره ليأخذ مالاً، أو يجاهد للمغنم، أو غير ذلك، فالمرائي عمل لأجل المدح والثناء من الناس، والعامل للدنيا يعمل العمل الصالح يريد به عرض الدنيا، وكلاهما خاسر نعوذ بالله من موجبات غضبه، وأليم عقابه.
وقد جاءت النصوص تدل على خسران صاحب هذا العمل في الدنيا والآخرة قال - تعالى-: ((من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون ))، وقال - تعالى-: (( من كان يريد العاجلة عجلنا له ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموماً مدحوراً )).
وقد تكفل الله بالسعادة لمن عمل له فعن أنس يرفعه: (من كانت الآخرة همه جعل الله غناه في قلبه، وجمع له شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة، ومن كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه، وفرق عليه شمله، ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له).
- المطلب الثالث: أنواع العمل للدنيا:- ذكر الإمام محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله تعالى - أنه جاء عن السلف في ذلك أربعة أنواع:
النوع الأول: العمل الصالح الذي يفعله كثير من الناس ابتغاء وجه الله - تعالى- من صدقة، وصلاة، وإحسان إلى الناس، ورد ظلمº لكنه لا يريد ثوابه في الآخرة، وإنما يريد أن يجازيه الله بحفظ ماله وتنميته، أو حفظ عياله وأهله، أو إدامة النعم عليه وعليهم، ولا همة له في طلب الجنة والهرب من النار، فهذا يعطى ثواب عمله في الدنيا وليس له في الآخرة نصيب.
النوع الثاني: وهو أكبر من الأول وأخوف وهو أن يعمل أعمالاً صالحة ونيته رياء الناس لا طلب ثواب الآخرة.
النوع الثالث: أن يعمل أعمالاً صالحة يقصد بها مالاً، مثل أن يحج عن غيره لمال يأخذه، ولا يقصد بذلك وجه الله ولا الدار الآخرة، أو يهاجر لدنيا يصيبها، أو يجاهد لأجل مغنم، أو يتعلم القرآن ويواظب على الصلاة لأجل وظيفة المسجد، أو غيره من الوظائف الدينية، ولا يريد بذلك ثواباً مطلقاً.
النوع الرابع: أن يعمل بطاعة الله مخلصاً في ذلك لله وحده لا شريك له، لكنه على عمل يكفره كفر يخرجه عن الإسلام، كمن يأتي بناقض من نواقض الإسلام.
فليحذر الداعية إلى الله - تعالى- مما يحبط عمله ويعرضه لسخط الله وغضبه، وليحذر جميع المسلمين من هذه الأنواع الفاسدة - نعوذ بالله منها -.
- المبحث الرابع: خطر الرياء، وأنواعه، وأسبابه:-
- المطلب الأول: خطر الرياء:-
يظهر خطر الرياء في الأمور التالية:
1 الرياء أخطر على المسلمين من المسيح الدجال: قال - صلى الله عليه وسلم -: (ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح الدجال؟ الشرك الخفي أن يقوم الرجل فيصلي، فيزين صلاته لما يرى من نظر رجل).
2- الرياء أشد فتكاً من الذئب في الغنم قال - صلى الله عليه وسلم -: (ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسد من حرص المرء على المال والشرف لدينه).
3- خطر الرياء على الأعمال الصالحة، لأنه يذهب بركتها ويبطلها: (( كالذي ينفق ماله رئاء الناس ولا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر فمثله كمثل صفوان عليه تراب فأصابه وابل فتركه صلداً لا يقدرون على شيء مما كسبوا والله لا يهدي القوم الكافرين )).
4- أول من تسعر بهم النار يوم القيامة: قارئ القرآن، والمجاهد، والمتصدق بماله، الذين فعلوا ذلك ليقال: فلان قارئ، فلان شجاع، فلام كريم متصدق، ولم تكن أعمالهم خالصة لله - تعالى-.
5- الرياء يورث الذل والصغار والهوان والفضيحة قال - صلى الله عليه وسلم -: (من سمَّع سمَّع الله به، ومن يرائي يرائي الله به).
6- الرياء يحرم ثواب الآخرة قال - صلى الله عليه وسلم -: (بشر هذه الأمة بالسناء والدين، والرفعة والتمكين في الأرض فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا لم يكن له في الآخرة من نصيب).
7- الرياء سبب في هزيمة الأمة قال - صلى الله عليه وسلم -: (إنما ينصر الله هذه الأمة بضعيفها، بدعوتهم، وصلاتهم، وإخلاصهم) وهذا يبين أن الإخلاص لله سبب في نصر الأمة على أعدائها، وأن الرياء سبب في هزيمة الأمة!
8- الرياء يزيد الضلال قال - تعالى- عن المنافقين: (( يخادعون الله والذين ءامنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضاً ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون )).
- المطلب الثاني: أنواع الرياء:-
وأنواع الرياء:
1- أن يكون مراد العبد غير الله.
2- أن يكون قصد العبد ومراده لله - تعالى- فإذا اطّلع عليه الناس نشط في العبادة وزينها، وهذا شرك السرائر، قال - صلى الله عليه وسلم -: (يا أيها الناس إياكم وشرك السرائر)، قالوا: يا رسول الله: وما شرك السرائر؟ قال: (يقوم الرجل فيصلي فيزين صلاته جاهداً لما يرى من نظر الناس إليه فذلك شرك السرائر).
3- أن يدخل العبد في العبادة لله ويخرج منها لله فعرف بذلك ومُدح فسكن قلبه إلى ذلك المدح، ومنّى النفس بأن يحمدوه ويمجدوه، وينال ما يريده من الدنيا، وهذا السرور والرغبة في الازدياد منه، والحصول على مطلوبه يدل على رياء خفي.
4- وهناك رياء بدني: كمن يظهر الصفاء والنحول ليُري الناس بذلك أنه صاحب عباده قد غلب عليه خوف الآخرة، وقد يكون الرياء بخفض الصوت وذبول الشفتين ليدل على أنه صائم.
5- رياء من جهة اللباس أو الزي: كمن يلبس ثياباً مرقعة ليقول الناس: إنه زاهد في الدنيا، أو من يلبس لباساً معيناً يرتديه طائفة من الناس يعدهم الناس علماء فيلبس هذا اللباس ليقال عالم.
6- الرياء بالقول: وهو على الغالب رياء أهل الدين بالوعظ والتذكير، وحفظ الأخبار والآثار لأجل المحاورة والمجادلة والمناظرة، وإظهار غزارة العلم.
7- الرياء بالعمل كمراءاة المصلي بطول الصلاة والركوع والسجود، وإظهار الخشوع، والمراءاة في الصوم والحج والصدقة.
8- الرياء بالأصحاب والزائرين: كالذي يتكلف أن يستزير عالماً ليقال إن فلاناً قد زار فلاناً، ودعوة الناس لزيارته كي يقال: إن أهل الدين يترددون عليه.
9- الرياء بذم النفس بين الناس، ويريد بذلك أن يري الناس أنه متواضع عند نفسه، فيرتفع بذلك عندهم، ويمدحونه به وهذا من دقائق أبواب الرياء.
10- ومن دقائق الرياء وخفاياه: أن يخفي العامل طاعته بحيث لا يريد أن يطلع عليها أحد، ولا يُسر بظهور طاعته، ولكنه مع ذلك إذا رأى الناس أحب أن يبدءوه بالسلام، وأن يقابلوه بالبشاشة والتوقير، وأن يثنوا عليه، وأن ينشطوا في قضاء حوائجه، وأن يسامحوه في البيع والشراء، فإن لم يجد ذلك وجد ألماً في نفسه، كأنه يتقاضى الاحترام على الطاعة التي أخفاها.
11- ومن دقائق الرياء أن يجعل الإخلاص وسيلة لما يريد من المطالب قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (حكي أن أبا حامد الغزالي بلغه أن من أخلص لله أربعين يوماً تفجرت الحكمة من قلبه على لسانه، قال: فأخلصت أربعين يوماً، فلم يتفجر شيئ، فذكرت ذلك لبعض العارفين فقال لي: إنك أخلصت للحكمة لم تخلص لله)، وذلك أن الإنسان قد يكون مقصوده نيل الحلم والحكمة، أو نيل تعظيم الناس له ومدحهم له، أو غير ذلك من المطالب، وهذا لم يحصل بالإخلاص لله وإرادة وجهه، إنما حصل هذا العمل لنيل ذلك المطلوب.
- المطلب الثالث: أقسام الرياء: -
الرياء - أعاذنا الله - منه أقسام ودركات ينبغي لكل مسلم أن يعرف هذه الأقسام ليهرب منها، وهي كالتالي:
1- أن يكون العمل رياء محضاً، ولا يراد به إلا مراءاة المخلوقين كحال المنافقين: (( وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يرآءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلاً )).
وهذا الرياء المحض لا يكاد يصدر من مؤمن في فرض الصلاة والصيام، وقد يصدر في الصدقة الواجبة أو الحج وغيرهما من الأعمال الظاهرة، وهذا العمل لا شك في بطلانه، وأن صاحبه يستحق المقت من الله والعقوبة - والعياذ بالله -.
2- أن يكون العمل لله ويشاركه الرياء من أصله - أي من أوله إلى آخره - فالنصوص الصحيحة تدل على بطلانه وحبوطه أيضاً.
3- أن يكون أصل العمل لله ثم طرأت عليه نية الرياء أثناء العبادة فهذه العبادة لا تخلو من حالين:
أ: أن لا يرتبط أول العبادة بآخرها، فأولها صحيح بكل حال وآخرها باطل مثال ذلك: إنسان عنده عشرون ريالاً يريد أن يتصدق بها، فتصدق بعشره خالصة لله، ثم طرأ عليه الرياء في العشرة الباقية، فالصدقة الأولى صحيحة مقبولة، والثانية صدقة باطلة لاختلاط الرياء فيها بالإخلاص.
ب: أن يرتبط أول العبادة بآخرها فلا يخلو الإنسان حينئذ من أمرين:
الأمر الأول: أن يكون هذا الرياء خاطراً ثم دفعه الإنسان ولم يسكن إليه، وأعرض عنه وكرهه، فإنه لا يضره بغير خلاف لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تكلم به).
الأمر الثاني: أن يسترسل معه الرياء، ويطمئن إليه، ولا يدافعه، ويحبه فتبطل جميع العبادة على الصحيح، لأن أولها مرتبط بآخرها، مثال ذلك: من ابتدأ الصلاة مخلصاً بها لله - تعالى - ثم طرأ عليه الرياء في الركعة الثانية واسترسل معه إلى نهاية صلاة، ولم يدافعه فتبطل الصلاة كلها لارتباط أولها بآخرها.
4- أن يكون الرياء بعد الإنتهاء من العبادة: وأما إذا عمل المسلم العمل لله خالصاً ثم ألقى الله الثناء الحسن في قلوب المؤمنين بذلك، ففرح بفضل الله ورحمته، واستبشر بذلكº لم يضره ذلك، فقد سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الرجل يعمل العمل لله من الخير ثم يحمده الناس عليه، فقال: (تلك عاجل بشرى المؤمن).
- المطلب الرابع: أسباب الرياء ودوافعه:- إذا فصل هذا السبب والمرض الفتاك رجع إلى ثلاثة أصول:
1- حب لذّة الحمد والثناء والمدح.
2- الفرار من الذم.
3- الطمع فيما في أيدي الناس.
ويشهد لهذا ما جاء في حديث أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: الرجل يقاتل شجاعة، ويقاتل حمية، ويقاتل رياءً فأي ذلك في سبيل الله؟ قال - صلى الله عليه وسلم -: (من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو سبيل الله).
فقوله: (يقاتل شجاعة) أي ليذكر ويشكر، ويمدح ويثنى عليه.
وقوله: (يقاتل حمية) أي يأنف أن يغلب أو يقهر أو يذم.
وقوله: (يقاتل رياء) أي ليرى مكانه، وهذا هو لذة الجاه والمنزلة في القلوب.
- المبحث الخامس:- طرق تحصيل الإخلاص وعلاج الرياء: -
ومن العلاج الذي يزيل الرياء ويحصل الإخلاص - بإذن الله تعالى - ما يلي:
1- معرفة أنواع الرياء، ودوافعه، وأسبابه ثم قطعها وقلع عروقها.
2- معرفة عظمة الله - تعالى- بمعرفة أسمائه وصفاته وأفعاله معرفة صحيحة مبنية على فهم الكتاب والسنة على مذهب أهل السنة والجماعة، فإن العبد إذا عرف أن الله وحده الذي ينفع ويضر، ويعز ويذل، ويخفض ويرفع، ويعطي ويمنع، ويحيي ويميت.
فإذا عرف ذلك، وعلم بأن الله هو المستحق للعبادة وحده لا شريك لهº فسيثمر ذلك إخلاصاً وصدقاً مع الله، فلا بد من معرفة أنواع التوحيد كلها معرفة صحيحة سليمة.
3- معرفة ما أعده الله في الدار الآخرة من نعيم وعذاب، وأهوال الموت، وعذاب القبر، فإن العبد إذا عرف ذلك وكان عاقلاً هرب من الرياء إلى الإخلاص.
4- الخوف من الرياء المحبط للعمل، فإن من خاف أمراً بقي حذراً منه فينجو، ومن خاف أدلج ومن أدلج بلغ المنزلة، فينبغي للمرء بل ويجب عليه إذا هاجت رغبته إلى آفة حب الحمد والمدح أن يُذكر نفسه بآفات الرياء.
5- الفرار من ذم الله، فإن من أسباب الرياء الفرار من ذم الناس، ولكن العاقل يعلم أن الفرار من ذم الله أولى، لأن ذمه شين، كما قال رجل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا رسول الله إن مدحي زين، وذمي شين، فقال - صلى الله عليه وسلم -: (ذاك الله).
6- معرفة ما يفر منه الشيطان، لأن الشيطان منبع الرياء، وأصل البلاء، والشيطان يفر من أمور كثيرة منها الأذان، وقراءة القرآن، وسجود التلاوة، والاستعاذة بالله منه، والتسمية عند الخروج من البيت، والدخول في المسجد مع الذكر المشروع في ذلك، والمحافظة على أذكار الصباح والمساء، وأدبار الصلوات، وجميع الأذكار المشروعة.
7- الإكثار من أعمال الخير والعبادات غير المشاهدة، وإخفاؤها: كقيام الليل، وصدقة السر، والبكاء خالياً من خشية الله، وصلاة النوافل، والدعاء للإخوة في ظهر الغيب.
8- عدم الإكتراث بذم الناس ومدحهم، لأن ذلك لا يضر ولا ينفع، بل يجب أن يكون الخوف من ذم الله، والفرح بفضل الله ((قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون )) فيا عبد الله أقبل على حب المدح والثناء فازهد فيهما زهد عشاق الدنيا في الآخرة، فإذا استقام لك ذلك سهل عليك الإخلاص.
9- تذكر الموت وقصر الأمل (( كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور)).
10- الخوف من سوء الخاتمة، فعلى العبد أن يخاف أن تكون أعمال الرياء هي خاتمة عمله، ونهاية أجلهº فيخسر خسارة فادحة عظيمة.
11- مصاحبة أهل الإخلاص والتقوى، فإن الجليس المصلح لا يعدمك الخير، وتجد منه قدوة لك صالحة، وأما المرائي والمشرك فيحرقك في نار جهنم إن أخذت بعمله.
12- الدعاء والالتجاء إلى الله - تعالى-.
13- حب العبد ذكر الله له، وتقديم حب ذكره له على حب مدح الخلق (( فاذكروني أذكركم )).
14- عدم الطمع فيما أيدي الناس فإن الإخلاص لا يجتمع في القلب ومحبة المدح والثناء والطمع فيما في أيدي الناس إلا كما يجتمع الماء والنار.
15- معرفة ثمرات الإخلاص وفوائده وعواقبه الحميدة في الدنيا والآخرة، ومن ذلك أن الإخلاص سبب لنصرة الأمة، والنجاة من عذاب الله، ورفعة المنزلة والدرجة في الدنيا والآخرة، والسلامة من الضلال في الدنيا، والفوز بحب الله للعبد وحب أهل السماء والأرض.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد