فمن أعظم معجزاته وأوضح دلالاته القرآن العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه والذي أعجز الفصحـــــــــاء، وحير البلغاء، وأعياهم أن يأتوا بعشر سور مثله، أو سورة أو آية، وشهد بإعجازه المشركون وأيقن بصدقه الجاحدون والملحدون.
سأل المشركون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يريهم آية فأراهم إنشقاق القمر فانشق القمر حتى صار فرقتين وهو المراد بقوله - عز وجل -: (اقتربت الساعة وانشق القمر) وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن الله زوى لي الأرض فأريت مشارقها ومغاربها وسيبلغ ملك أمتي ما زوى لي منها، وصدق الله قوله بأن ملك أمته بلغ أقصى المغرب والمشرق ولم ينتشر في الجنوب ولا في الشمال، وكان يخطب إلى جذع فلما اتخذ المنبر وقام عليه حن الجذع حنين العشار حتى جاء فالتزمه وكان يئن كما يئن الصبي الذي يسكَّت ثم سكن، ونبع الماء من بين أصابعه غير مرة، وسبح الحصى في كفه، ثم وضعه في كف أبي بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي فسبح، وكانوا يسمعون تسبيح الطعام وهو يؤكل، وسلم عليه الحجر والشجر ليالي بعث، وكلمته الذراع المسمومة ومات الذي أكل معه من الشاة المسمومة وعاش هو - صلى الله عليه وسلم - بعده أربع سنين، وشهد الذئب بنبوته، ومر في سفره ببعير يسنى عليه فلما رآه جرجر ووضع جرانه فقال: إنه شكا كثرة العمل وقلة العلف، ودخل حائطا آخر فيه فحلان من الإبل قد عجز صاحبها عن أخذهما فلما رآه أحدهما جاء حتى برك بين يديه فخطمه ودفعه إلى صاحبه فلما رآه الآخر فعل مثل ذلك، وكان نائما في سفر فجاءت شجرة تشق الأرض حتى قامت عليه فلما استيقظ ذكرت له فقال هي شجرة استأذنت ربها في أن تسلم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأذن لها، وأمر شجرتين فاجتمعتا ثم أمرهما فافترقتا، وسأله أعرابي أن يريه آية فأمر شجرة فقطعت عروقها حتى جاءت فقامت بين يديه ثم أمرها فرجعت إلى مكانها، وأراد أن ينحر ست بدنات فجعلن يزدلفن بأيتهن يبدأ، ومسح ضرع الشاة حائل لم ينز عليها الفحل فحفل الضرع فشرب وسقى أبا بكر، ونحو هذه القضية في خيمة أم معبد الخزاعية، وندرت عين قتادة بن النعمان حتى صارت في يده فردها وكانت أحسن عينيه وأحدهما وقيل إنها لم تعرف، وتفل في عيني علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وهو أرمد فبرأ ولم يشتك ذلك الوجع بعد ذلك، وأصيبت رجل عبد الله بن عتيك الأنصاري فمسحها فبرأت من حينها، وأخبر أنه يقتل أبي بن خلف الجمحي فخدشه يوم بدر أو أحد خدشا يسيراً فمات.
وقال سعد بن معاذ لأخيه أمية بن خلف: أسمعت محمدا يزعم أنه قاتلك؟ فقتل يوم بدر كافرا، وأخبر يوم بدر بمصرع المشركين فقال: هذا مصرع فلان غدا إن شاء الله وهذا مصرع فلان فلم يغد واحد منهم مصرعه الذي سماه، وأخبر أن طوائف من أمته يغزون البحر، وأن أم حرام بنت ملحان منهم فكان كما قال، وقال لعثمان بن عفان إنه سيصيبه بلوى شديدة فقتل عثمان، وقال للحسن بن علي: إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المؤمنين عظيمتين، فكان كذلك، وأخبر بمقتل الأسود العنسي الكلاب ليلة قتله وبمن قتله وهو بصنعاء اليمن وبمثل ذلك في قتل كسرى، وأخبر عن الشيماء بنت نفيلة الأزدية أنها رفعت له في خمار أسود على بغلة شهباء فأخذت في زمن أبي بكر الصديق في جيش خالد بن الوليد بهذه الصفة، وقال لثابت بن قيس بن شماس: \" تعيش حميداً، وتقتل شهيداً \" فعاش حميداً وقُتل يوم اليمامة شهيداً، وقال لرجل ممن يدّعي الإسلام وهو معه في القتال: إنّك من أهل النار فصدّق الله قوله بأنه نحر نفسه، ودعا لعمر بن الخطاب أن يعزّ الله به الإسلام أو بأبي جهل بن هشام فأصبح عمر فأسلم ودعا لعلي بن أبي طالب أن يذهب الله عنه الحر والبرد فكان لا يجد حراً ولا برداً، ودعا لعبد الله بن العباس أن يفقهه الله في الدين ويعلمه التأويل فكان يُسمى البحر والحبر لكثرة علمه، ودعا لأنس بن مالك بطول العمر وكثرة المال والولد وأن يُبارك له فيه، فولد له مائة وعشرون ذكراً لصلبه، وكان نخله يحمل في السنة مرتين، وعاش مائة سنة أو نحوها، وكان عتيبة بن أبي لهب قد شقّ قميصه وأذاه فدعا عليه أن يسلِّط الله عليه كلباً من كلابه فقتله الأسد بالزرقاء من أرض الشام، وشُكي إليه قحوط المطر وهو على المنبر فدعا الله - عز وجل - وما في السماء قزعة فثار سحاب أمثال الجبال فمطروا إلى الجمعة الأخرى حتى شكي إليه كثرة المطر فدعا الله - عز وجل - فاقلعت وخرجوا في الشمس، وأطعم أهل الخندق وهم ألف يمشون من صاع شعير أو دونه وبهيمة فشبعوا وانصرفوا والطعام أكثر مما كان، وأطعم أهل الخندق أيضاً من تمر يسير، أتت (به) ابنة بشير بن سعد إلى أبيها وخالها عبد الله بن رواحة وأمر عمر بن الخطاب أن يزود أربعمائة راكب من تمر كالفصيل الرابض فزودهم وبقي كأنه لم ينقص تمرة واحدة، وأطعم في منزل أبي طلحة ثمانين رجلاً من أقراص شعير جعلها أنس تحت إبطه حتى شبعوا وبقى كما هو، وأطعم ا لجيش من مزود أبي هريرة حتى شبعوا كلهم ثم ردّ ما بقى ودعا له فأكل منه حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر عثمان فلما قُتل عثمان ذهب، وحمل منه فيما روى عنه خمسين وسقاً في سبيل الله - عز وجل -، وأطعم في بنائه بزينب من قصعة أهدتها له أم سليم خلقاً ثم رفعت ولا يدري الطعام فيها أكثر حين وضعت أو حين رُفعت، ورمى الجيش يوم حنين بقبضة من تراب فهزمهم الله - تعالى -وقال بعضهم، لم يبق منّا واحدٌ إلا امتلأت عيناه تراباً، وفيه أنزل الله - عز وجل -: (وما رميت إذا رميت ولكن الله رمى)، وخرج على مائة من قريش وهم ينتظرونه فوضع التراب على رؤوسهم ومضى ولم ير وه، وتبعه سراقة بن مالك بن جشعم يريد قتله أو أسره فلما اقترب منه دعا عليه فساخت يدا فرسه في الأرض فناداه بالأمان وسأله أن يدعوا له فنجّاه الله.
وله - صلى الله عليه وسلم - معجزات ودلالات ظاهرة وأخلاق طاهرة اقتصرنا منها على هذا تخفيفاً.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد