كان بنو النضير، وهم بطن من بطون اليهود، يسكنون في ضواحي المدينة المنورة، ولما هاجر إليها الرسول- صلى الله عليه وسلم - عقد معهم صلحاً على أن يكونوا على الحياد في حربه مع مشركي قريش.
بعد انتصار المسلمين على قريش في معركة بدر الكبرى فرح بنو النضير فرحاً شديداً، وقالوا: \"والله إنه للنبي الذي وجدنا نعته في التوراة لا تُردّ له راية\"، ولكن لما هُزم المسلمون يوم أحد ارتابوا ونقضوا عهد رسول الله- صلى الله عليه وسلم - وخططوا لاغتياله.
وقد قام تحالف بين يهود بني النضير وقريش بمبادرة من اليهود الذين قدموا إلى مكة وعاهدوا قريشاً على أن تكون كلمتهم واحد على الرسول- صلى الله عليه وسلم - وكان مبعوث اليهود كعب بن الأشرف، واستقبله أبو سفيان في مكة.
نزل جبرائيل –عليه السلام - وأخبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بما تعاقد عليه بنو النضير وقريش، وأمره بقتل كعب بن الأشرف، الذي خان العهد، وقيل إنه هجا النبي- صلى الله عليه وسلم -بأبيات، وقد قتله أحد الأصحاب وهو محمد بن مسلم الأنصاري.
ثم سار- صلى الله عليه وسلم - بجيشه إلى بني النضير وأمرهم بالجلاء عن المدينة. ولما حاول المنافقون، وعلى رأسهم عبد الله بن أُبي، أن يتحالفوا مع اليهود وقالوا لهم: \"اثبتوا ونحن معكم على محمد\" أصرّ بنو النضير على الحرب وطمعوا بالنصر، ما حدا برسول الله- صلى الله عليه وسلم - إلى أن يحاصرهم لمدة 21يوماً، كما في بعض الروايات، الأمر الذي اضطرهم إلى الاستسلام، وصالحهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الجلاء عن المدينة، فقبلوا وارتحلوا إلى بلدان متفرقة، كالشام وأريحا وخيبر والحيرة.
وفي سبيل تخليد تلك الواقعة، لاستخلاص الدروس والعبر منها، أنزل الله - سبحانه وتعالى - سورة الحشر، التي كان ابن عباس يسميها سورة بني النضير.