الهجرة

5.1k
3 دقائق
27 شوال 1428 (08-11-2007)
100%

بسم الله الرحمن الرحيم

ما إن عاد الأنصار الى يثرب حتى أذن الرسول - صلى الله وعليه وسلم - للمسلمين بالهجرة فخرجوا من مكة زرافات و وحدانا يتسللون خوفا من منع قريش لهم و ظلت الهجرة حوالى شهرين تقريبا (من آخر ذى الحجة إلى أول ربيع الأول) حتى خلت معظم ديار المسلمين فى مكة من ساكنيها و لم يبق بمكة غير الرسول - صلى الله وعليه وسلم - و أبي بكر و علي و آل بيوتهم و المستضعفين من المسلمين

وكان وقع الهجرة على مشركي قريش سيئا فحاولوا منع المسلمين بشتى الطرق الإرهابية ولكنها لم تجد فتيلا، فتآمروا بالرسول - صلى الله عليه وسلم - فى دار الندوة و استقر رأيهم على الفتك به بطريقة تضمن تفرق دمه فى القبائل فلا يكون لأهله حتى المطالبة به فانتقوا من كل قبيلة شابا قويا، و أوكلوا إليه حصار بيت الرسول - صلى الله وعليه وسلم - و أن يقتلوه بضربة واحدة، و لكن كان تدبير الله أقوى من تدبيرهم، كما قال - تعالى -: وَيَمكُرُونَ وَيَمكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيرُ المَاكِرِينَ، فأطلع رسوله على تدبير قريش و أوصى إليه بالهجرة إلى يثرب فنام علي فى فراش الرسول - صلى الله وعليه وسلم - و تغطى ببردته ليغرر بالمحاصرين، و اصطحب الرسول - صلى الله وعليه وسلم - معه أبا بكر و خرجا ليلا إلى جنوب مكة و اختفيا فى غار جبل ثور و مكثا فيه ثلاثة أيام و كان عبد الله بن أبى بكر و أخته أسماء يحملان الأخبار و الطعام و الماء إليهما

جن جنون قريش عندما عرفت أنها باتت تحرس علي وأن الرسول - صلى الله وعليه وسلم - خرج من مكة سليما معافى، فاتجه رجالها للبحث عنه فى كل مكان و وصل بهم قصاصو الأثر حتى باب الغار الذى يختبىء فيه الرسول - صلى الله وعليه وسلم - و صاحبه، و لكن جند الله كانت تحرسه و تسهر عليه و أيده الله بجنود شاهدها الناس كالحمام و العنكبوت و جندا لم يشاهدوها و هى التى عناها الحق فى قوله - تعالى – ( وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ, لَّم تَرَوهَا) و بعد أن مكثا فى الغار ثلاثة أيام ركبا صوب يثرب و كان عليهما أن يختارا طريقا غير الطريق المعهود حتى لا تظفر بهما قريش فاتخذا من\"عبد الله بن أريقط\"دليلا لهما فسلك بهما الطريق الغربي المحاذي للبحر الأحمر و هو طريق وعر غير مسلوك لكثرة ما فيه من صعوبات و مشاق تحملها الرسول - صلى الله وعليه وسلم - و صاحبه و قطعوا مسافة 510 ميلا تحت الشمس الحارقة تطاردهم مكة بأسرها و قد أدركهم بعض المطاردين فحماهم الله منهم،

قطعوا المسافة فى ثمانية أيام و وصلوا إلى قباء ضاحية يثرب يوم الأثنين الثاني عشر من شهر ربيع الأول

سمات الدعوة الإسلامية فى دورها المكي

استغرقت الدعوة الإسلامية فى دورها المكي(من البعثة حتى الهجرة)اثنتي عشرة سنة و خمسة أشهر وواحد و عشرون يوما نزل فيها على الرسول - صلى الله عليه وسلم - معظم القرآن فنزل بمكة اثنتان وثمانون سورة من جملة سور القرآن البالغة مائة و أربع و عشرة بالإضافة إلى اثنتي عشرة سورة مشتركة بين المكي والمدني و اشتمل التشريع المكي على أهم ما جاءت من أجله الدعوة الإسلامية، كما يتميز بأنه تشريع كلي، أي أنه يهتم بالأمور الكلية ولا يتعرض لأحكام جزئية و يمكن تلخيص سمات التشريع المكي فيما يأتى :

أولا: الوحدانية و رفض عبادة الأوثان و أن تكون هذه العقيدة أساسا لبناء المجتمع الجديد

ثانيا: تقرير فكرة البعث و الحساب واليوم الآخر و أن كل إنسان يحاسب بمفرده على عمله فلا تزر وازرة وزر أخرى

ثالثا: وحدة الرسالات السماوية و أنها تستمد أصولها من منبع واحد هو الله - سبحانه وتعالى -

رابعا: بيان الصفات التي تقرب العبد من ربه و التي تبعده عنه

خامسا: إذابة الفوارق بين الطبقات و الغاء العصبية القبلية فالناس جميعا متساوون فى الحقوق و الواجبات فكلهم من ذكر و أنثى، و أن الأفضلية لا تكون إلا بمقدار تقوى العبد لربه{إِنَّ أَكرَمَكُم عِندَ اللهِ أَتقَاكُم}

سادسا: فرضت الزكاة و الصلاة في هذا العصر


مقالات ذات صلة


أضف تعليق