الآثار النبوية


  

بسم الله الرحمن الرحيم

السؤال:

أثناء زيارتي لتركيا رأيت في متحف (طوب قابي سراي) في اسطنبول قاعة للأمانات المقدسة، تضم آثاراً نبويةº شعرات للرسول - صلى الله عليه وسلم -، ورسالته للمقوقس، وبردته، وأشياء أخرى، ولم ألاحظ ما يدل على ثبوت ذلك تاريخياً.

فما حقيقة هذه الآثار، و هل يصح أنها نبوية؟

الجواب

ليس هنالك ما يدل على ثبوت صحة نسبة هذه الآثار ونحوها إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم -.

 قال صاحب كتاب (الآثار النبوية) المحقق أحمد تيمور باشا ص 78 بعد أن سرد الآثار المنسوبة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بالقسطنطينية (اسطنبول): (لا يخفى أن بعض هذه الآثار محتمل الصحة، غير أنا لم نر أحداً من الثقات ذكرها بإثبات أو نفي، فالله - سبحانه - أعلم بها، وبعضها لا يسعنا أن نكتم ما يخامر النفس فيها من الريب ويتنازعها من الشكوك) الخ.

ولا شك في مشروعية التبرك بآثار نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - في حياته وبعد وفاته، ولكن الشأن في حقيقة وجود شيء من آثار الرسول - صلى الله عليه وسلم - في العصر الحاضر.

وإن مما يضعف هذه الحقيقة ما جاء في صحيح البخاري(3/186) عن عمرو بن الحارث - رضي الله عنه - أنه قال: (ما ترك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند موته درهماً ولا ديناراً، ولا عبداً ولا أمة، ولا شيئاً إلا بغلته البيضاء، وسلاحه، وأرضاً جعلها صدقة) فهذا يدل على قلّة ما خلَّفه الرسول - صلى الله عليه وسلم - بعد موته من أدواته الخاصة.

وأيضاً فقد ثبت فقدان الكثير من آثار الرسول - صلى الله عليه وسلم - على مدى الأيام والقرونº بسبب الضياع، أو الحروب، والفتن ونحو ذلك.

ومن الأمثلة على ذلك فقدان البردة في آخر الدولة العباسية، حيث أحرقها التتار عند غزوهم لبغداد سنة 656هـ، وذهاب نعلين ينسبان إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - في فتنة تيمورلنك بدمشق سنة 803هـ.

ويلاحظ كثرة ادعاء وجود وامتلاك شعرات منسوبة إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - في كثير من البلدان الإسلامية في العصور المتأخرة، حتى قيل إن في القسطنطينية وحدها ثلاثاً وأربعين شعرة سنة 1327هـ، ثم أهدي منها خمس وعشرون، وبقي ثماني عشرة.

ولذا قال مؤلف كتاب (الآثار النبوية) ص82 بعد أن ذكر أخبار التبرك بشعرات الرسول - صلى الله عليه وسلم - من قبل أصحابه - رضي الله عنهم -: (فما صح من الشعرات التي تداولها الناس بعد بذلك فإنما وصل إليهم مما قُسم بين الأصحاب - رضي الله عنهم -، غير أن الصعوبة في معرفة صحيحها من زائفها).

ومن خلال ما تقدم فإن ما يُدّعى الآن من وجود بعض الآثار النبوية في تركيا أو غيرها سواءً عند بعض الجهات، أو عند بعض الأشخاص موضع شك، يحتاج في إثبات صحة نسبته إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى برهان قاطع، يزيل الشك الوارد، ولكن أين ذلك؟ ولاسيما مع مرور أكثر من أربعة عشر قرناً من الزمان على وجود تلك الآثار النبوية، ومع إمكان الكذب في ادعاء نسبتها إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - للحصول على بعض الأغراض، كما وُضعت الأحاديث ونسبت إليه - صلى الله عليه وسلم - كذباً وزوراً.

وعلى أي حال فإن التبرك الأسمى والأعلى بالرسول - صلى الله عليه وسلم - هو اتباع ما أثر عنه من قول أو فعل، والإقتداء به، والسير على منهاجه ظاهراً وباطناً.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply