هذه وقفة أخرى مع بعض خصائص رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم -، تلك الخصائص التي تبين مكانته العظيمة، ومنزلته الرفيعة، مما اختصه به - سبحانه - عن غيره من الأنبياء وسائر خلقه.
فمن خصائصه - صلى الله عليه وسلم - أنه صاحب الكوثر، وهو النهر العظيم الذي وعده الله به في الجنة، يُسقى منه أتباعه من أمته، ويُبعد عنه آخرون لمخالفتهم لما جاء به، وانحرافهم عن نهجه - صلى الله عليه وسلم -، فعن أنس -رضي الله عنه- قال: (بينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين أظهرنا في المسجد، إذ أغفى إغفاءة، ثم رفع رأسه متبسماً، قلنا: ما أضحكك يا رسول الله. قال: لقد أنزلت علي آنفاً سورة فقرأ {إنا أعطيناك الكوثر، فصل لربك وانحر، إن شانئك هو الأبتر}(الكوثر: 1-3). ثم قال أتدرون ما هو الكوثر؟ قلنا الله ورسوله أعلم قال: فإنه نهر وعدنيه ربي - عز وجل -، عليه خير كثير، وهو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة، آنيته عدد النجوم، فيختلج العبد منهم، فأقول رب إنه من أمتي، فيقول إنك لا تدري ما أحدث بعدك)رواه الإمام مسلم.
والكوثر نهر داخل الجنة يصب ماؤه في الحوض، ويطلق على الحوض \"كوثر\" لكونه يُمدٌّ منه، فالنهر مادة الحوض.
قال أهل العلم: مما يجب على كل مكلف أن يعلمه ويصدق به، أن الله خصّ نبيه محمداً - صلى الله عليه وسلم - بالكوثر، المصرح باسمه وصفته وشرابه في الأحاديث الصحيحة المشتهرة، التي يحصل بها العلم القطعي، وأجمع على إثباته السلف وأهل السنة من الخلف.
ومن خصائص نهر الكوثر أنه يجري من غير شق، وحافتاه قباب، وترابه مسك، وحصاه لؤلؤ، قال- صلى الله عليه وسلم -: (بينما أنا أسير في الجنة إذا أنا بنهر حافتاه قباب الدر المجوف، قلت ما هذا يا جبريل؟ قال هذا الكوثر الذي أعطاك ربك، فإذا طينه أو طيبه مسك أذفر)رواه البخاري.
وعن أنس - رضي الله عنه - أنه قرأ هذه الآية {إنا أعطيناك الكوثر} قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (أعطيت الكوثر، فإذا هو نهر يجري، ولم يشق شقا، فإذا حافتاه قباب اللؤلؤ، فضربت بيدي إلى تربته فإذا هو مسكة ذفرة، وإذا حصاه اللؤلؤ)رواه الإمام أحمد وصححه الألباني.
ومن خصائص هذا النهر أن له آنية كثيرة للشاربين، ففي الحديث: (هل تدرون ما الكوثر؟ قلنا الله ورسوله أعلم. قال: فإنه نهر وعدنيه ربي في الجنة، آنيته أكثر من عدد الكواكب) رواه النسائي، وصححه الألباني.
ومن خصائص هذا النهر- إضافة لما تقدم - أن لونه أشد بياضاً من اللبن، وطعمه أحلى من العسل، ففي مسند الإمام أحمد (أن رجلا سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ما الكوثر؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هو نهر أعطانيه الله في الجنة، أبيض من اللبن، وأحلى من العسل، فيه طيور أعناقها كأعناق الجُزُر- الإبل-، فقال عمر بن الخطاب: إنها لناعمة يا رسول الله. قال: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: آكلوها أنعم منها)وصححه الألباني.
فهنيئاً للمتبعين لرسول الله، المقرَّبين منه يوم القيامة، الشاربين من حوضه، فهم الفائزون يوم يخسر الخاسرون، وهم السعداء يوم يحزن المحدِثُون المبدلون، والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد