بسم الله الرحمن الرحيم
لقد كانت حياة المختار مكرسة كلها للعلم والدعوة والجهادº طلب العلم في الزوايا التي أنشأتها الحركة السنوسية، ثم كان أحد روادها في الدعوة وتربية الناس، حتى نادى منادي الجهاد فقضى بقية عمره معتلياً صهوة جواده، ممسكاً بسلاحه، لم يهادن أبداً، ولم يستسلم لعدوه.
ولد البطل عمر المختار بن عمر في منطقة البطنان من برقة عام (1277ه) 858 1م، وكانت نشأته في بيت عز وكرم، تحيط به شهامة العرب وحرية البادية، طلب العلم في زاوية جنزور، ثم انتقل إلى زاوية الجغبوب التي كانت مركز قيادة الحركة السنوسية آنذاك، حيث أتيحت له الفرصة أن يتلقى العلم على يدي بعض المشايخ الذين كان لهم دور رئيس في نشر الدعوة الإسلامية، أمثال: السيد الزروالي المغربي الجواني، والعلامة فالح بن محمد بن عبد الله الظاهري المدني، وقد ظهرت عليه علامات النباهة ورجاحة العقل منذ الصغر.
وبعد فترة قصيرة عينه السيد المهدي السنوسي شيخاً على زاوية القصور في الجبل الأخضر، فقام بأعباء المهمة خير قيام، من تعليم الناس أمور دينهم إلى فض المنازعات بين القبائل، والسعي في مصالحهم وجمع كلمتهم، وسار في الناس سيرة غبطه عليها العقلاء، وزادت من مهابته عند غيرهم.
ثم كلف بأمر الجهاد في واداي، فقارع الاستعمار الفرنسي الذي كان قد بدأ زحفه إلى وسط إفريقيا، فبذل الوسع حتى لفت الأنظار عزمه وحزمه وفراسته، قال عنه المهدي السنوسي: \"لو كانت لدينا عشرة مثل المختار لاكتفينا\"، وبقي في واداي يعمل على نشر الإسلام ودعوة الناس وتربيتهم إلى جانب قتال الفرنسيين وحماية بلاد المسلمين، وكانت المناطق التي يتولى المختار قيادتها وحراستها أمنع من جبهة الأسد، ولا يخفى ما في ذلك من إدراك القيادي المسلم لواجبه تجاه دينه ووطنه.
ونستمع إلى كلمات المختار من وراء السنين، تكشف عن الهمة والعزيمة والإصرار التي يتميز بها عندما دعي إلى التفاوض مع إيطاليا: \"إنا حاربناكم ثمانية عشرة سنة، ولا نزال بعون الله نحاربكم، ولن تنالوا منا بالتهديد\" إلى أن يقول: \"لن أبرح الجبل الأخضر مدة حياتي، ولن يستريح الطليان فيه حتى توارى لحيتي في التراب\".
وتمكن العدو الإيطالي من القبض على المختار وأعدموه على مرأى الجميع.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد