لقد خط القرآن الكريم أسلوب التربية المثلى، ونفذه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلا قهر ولا إجبار حتى في العقيدة ومع المخالفين {لكم دينكم ولي دين} [الكافرون: 6]، وشرع الجدال بالحسنى {وجادلهم بالتي هي أحسن} [النحل: 125]، وأمره بالعفو والمعروف والإعراض عن الجاهلين {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين} [الأعراف: 199]. فكان - صلى الله عليه وسلم - لا يغضب لنفسه قط إلا أن تنتهك حرمات الله. وكان يوصي أصحابه بعدم الغضب، فقد سأله أحدهم أن يوصيه فقال له: لا تغضب. وكرر ذلك مرار.
وأمر ربنا في القرآن ببر الوالدين والإحسان إليهما، وإن كانا مشركين ورعايتهما في كبرهما وقرن الإحسان إليهما بعبادته فقال - سبحانه -: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما (23) واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا} [الإسراء: 23 - 24]. وقال - سبحانه -: {وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علمِ فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب إلي} [لقمان: 15]. فأين هذه التربية القرآنية مما نراه هذه الأيام من عقوق للوالدين وطرحهما دار المسنين دون رعاية أو شفقة أو رحمة والله يقول: {إما يبلغن عندك الكبر} [الإسراء: 23]. فما أحرانا أن نلتزم بالتربية القرآنية ونقف عند حدوده.
وفي العلاقات الأسرية فإننا نجد القرآن الكريم يتعهد بتكوين الأسرة ورعايتها وتنشئة الأبناء وتربيتهم على طاعة الله والرحمة بالزوجة وآيات القرآن الكريم في ذلك كثيرة وقد طبقها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حياته خير تطبيق، فكان لنا نعم القدوة والأسوة: {لقد كان لكم في رسول الله أسوةِ حسنةِ لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا} [الأحزاب: 21].
ويضيق المقام عن سرد آيات القرآن في هذا الجانب العظيم الذي يحل كثيرا من مشكلاتنا العصرية في مجال الأسرة التي نشأت عن البعد عن منهج القرآن في التربية الأسرية.
وعلى الجملة فلم يترك القرآن جانبا من جوانب الحياة إلا وضح فيه ما يسعد البشرية إن هي أخذت بمنهجه فيه، في جوانب الاقتصاد بالبعد عن الربا وعدم أكل أموال الناس بالباطل وتحريم الظلم، فالله لا يحب الظالمين.
وفي جانب التعاون بين البشر على البر والتقوى وعدم التعاون على الإثم والعدوان وفي ذلك حل لكثير من الصراعات القائمة اليوم في شتى بقاع الأرض نتيجة الجبروت والطغيان ونسيان الله - عز وجل -.
وفي جانب السياسة الشرعية أمر رسوله بالشورى فقال: {وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله} [آل عمران: 159]، وقال - سبحانه -: {وأمرهم شورى بينهم} [الشورى: 38].
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد