نظرت إلى عامة الناس وهم يسألون عن حكم الأضحية وحرصهم على تأديتها، ثم نظرت إليهم وهم في أيام العيد وهم يُضحون ببهيمة الأنعام، فزدت فرحاً لإحيائهم هذه السنة الثابتة عن نبينا - صلى الله عليه وسلم -.
ولكن أبت خواطري إلا أن تُحلّق عبر أجواء التاريخ، لتقع في مطار الأبطال، وإذا بها تشُّم هناك رائحة دماء، وأي دماء؟
إنها ليست دماء الأضاحي، ولا دماء الطيور، ولا دماء لحيوانات مفترسة.
إنها دماء الأبطال من الصحابة والتابعين وأتباعهم ممن سقوا بدمائهم الأرض، فجرى ذلك الدم ليقع في صفحات التاريخ ليرسم لنا أروع مبادئ \" التضحية \"..
فما أعظم الفرق بين الأضحية والتضحية..
إنها التضحية من أجل هذا الدين وبذل الوسع لنصرة المبادئ والأركان التي أرسى قواعدها النبي المختار صلى الله علية وسلم.
نعم.. إنها التضحية لأجل الدعوة ونشر الخير للناس فأين رجال التضحية؟؟
ذهب بي الخيال إلى كتب التاريخ.. فتصفح بين السطور تلك السير لأولئك الصقور.
فرجع إلي خيالي..
فسألته: ماذا وجدت؟
فقال: وجدت شباب في عمر الزهور قادوا الجيوش.. ووجدت نساء شاركوا في صناعة الأجيال.. ووجدت رجال.. يولد الواحد في مدينة.. ولكنه يموت في قارة أخرى..
فقلت له: توقف.
فقال خيالي: لن أقف.. بل سأخبرك عن ذلك الأعمى الذي يُشارك في نصرة هذا الدين.. وذلك الأعرج الذي يأبى إلا أن يطأ بعرجته في تلك الجنان.
فقلت: يا خيالي: يكفي؟؟
قال: لا.. بل سأحدثك عن بلال ذلك الرجل الأسود الذي دخل الإيمان قلبه فجاءته ألوان العذاب لكي يرجع عن دينه ولكنه يأبى إلا الثبات في زمن المتغيرات..
حينها توقف خيالي.. ونبرات الحزن قد ظهرت على أطيافه... وأما أنا.. فلم أتمالك دموعي..
وحينها سمعت قائلاً يرفع صوته وينادي \" ما أعظم الفرق بين الأضحية والتضحية \".
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد