الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
فإن المراكز الصيفية سبيل من سبل تنمية المهارات، واكتساب المعارف والقدرات، كما أنها وسيلة لتربية الأجيال القادرة على خدمة هذه الأمة ورفع قضاياها، وفي كثير منها العلم النافع، والبرامج الهادفة، والمهارات المفيدة. وليأذن لي القارئ الكريم بوقفة هنا أنتقل فيها إلى القائمين على التعليم وإلى من ينعون على القائمين بشأنه في الدول العربية أنظمتها التعليمة، ويرفضون - وحق لهم - طريقتها التقليدية التي عفا عليها الزمن، ومادتها التجريبية البالية والتي دفنتها الدول المتقدمة بعد انتهاء تاريخ صلاحيتها، ومع ذلك تأبى بعض الأنظمة التعليمية إلاّ التمسك بتلك المناهج القديمة المعتقة، مهملة تطويرها كسلة عن إدراك ركب الحضارة الذي تقدمها فذهب مذهباً بعيد. بل لا تزال بعض مناهجنا العربية تدرس وتردد عبارات أثبت العلم الحديث خطأها فالذرة عند بعضنا لا تزال أصغر جزء من المادة، ونواتها لا تزال ترفض الانقسام، والمادة - وأنف العلم الحديث راغم - لا تفنى ولا تستحدث من العدم! إن هذا وأمثاله مما يجرح المسلم الحريص على أمته ويؤلمه، ولكن الذي يزيد الجرح نكاية هو انشغال بعض هؤلاء التقليديين ممن أنيطت بهم مسؤولية التعليم عن تطوير تلك المناهج التجريبية، والدأب على تغيير المناهج الشرعية التي أثبتت عبر عقود جدارتها يوم خرجت من علماء الأمة الأفذاذ رجالاً، ومن دعاة الملة السمحة فئاماً لم تخرج المناهج التجريبية في مجالاتها من أمثالهم ولا معشارهم.
وعوداً على بدء أقول للناقمين على التعليم العربي ونظامه: إن أمام الحادبين حقاً لا تصنعاً فرصاً للعمل فهل استثمروها؟ التعليم الأهلي مثلاً فرصة تتيح مجالاً خصباً للإصلاح وتخريج بناة الأمة فهل استثمرناها كما ينبغي؟ هل استفدنا منه كما استفاد أصحاب الأغراض المشبوهة في كثير من بلاد المسلمين؟ وما قيل في التعليم الأهلي يقال في كافة الأبواب التعليمية والعملية الخدمية وغيرها والتي يتاح للعمل الشعبي أن يطرقه. ونفس السؤال يوجه للقائمين والمعنيين بشأن المراكز الصيفية.
فهذه المراكز المباركة فرصة أخرى ومجال ثانٍ,، فهل استثمرت في توجيه الشباب وفي تعليمه ما ينبغي كما ينبغي، في الإطار الذي يأذن به وضعها؟ وهل من هم القائمين عليها الرقي بها لتكون معاهد وجامعات يكمل بعضها بعضاً؟ أو على الأقل يتجاوز خطابها ونفعها التقوقع الثنائي الحاصل في بعضها من الشباب إلى الشباب وفقط، ليدخل المجتمع عامل بناء مُؤثَّراً فيه ومُؤثِّراً بها، يتعدى إليه نفعها، ويكون رافداً له. أرجو ألا يقع البعض في فخ نقد الغير ونسيان نقد الذات ومحاسبة النفس!
ثم هل أنتم - معاشر الشباب - انخرطتم في تلك المراكز وأنتم تعون أهدافكم، وتعلمون ما تريدون تحصيله منها، بحيث تخدم تلك المناشط أهدافكم؟ وهل شارك مشارككم ابتداء في المراكز التي يعتقد أنها تعينه على بلوغ هدفه ببرامجها المفيدة حقاً؟ أم كان مقياسه المتعة والصحبة وسعة الصدر فقط؟
ثم هل حرص بعدها على الأنشطة التي تخدم هدفه كحرصه على الأنشطة الرياضية والترفيهية؟
أتساءل وكلي أمل أن يكون في الشباب الواعد الواعي، وفي المشرفين الكرام الأماثل من تكون إجابته إيجابية. وأسأل الله أن يرزقنا جميعاً الحرص على الأوقات واغتنام الساعات والحذر من الشبهات، وصلى الله وسلم على معلم الناس الخير نبينا محمد وعلى من اقتفى أثره بإحسان إلى يوم الدين.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد