ثمانية أخطاء للأهل تنعكس على الأبناء


 

بسم الله الرحمن الرحيم

من نافلة القول أن الأسرة من أهم عوامل التربية، فالخبرة الأسرية هي أول وأهم الخبرات التي يمر بها الإنسان في حياته، وربما يكون الدور الحاسم للأسرة في تشكيل سلوك الإنسان وبناء شخصيته من القضايا القليلة التي لا يختلف بشأنها الاختصاصيون في الأوساط الاجتماعية والنفسية والتربوية، والطفل منذ ولادته يتأثر بالبيئة المحيطة به، والطفل كالزهرة إن سقيتها وعنيت بها نمت وترعرعت وأينعت وأثمرت، وأن أهملتها وقطعت عنها المياه والشمس والهواء فأنها ستمرض وتجف وتذبل، والطفل أمانة في عنق والده ووالدته من حقه الرعاية والتغذية والتربية الحسنة، والاعتناء الكافي من جميع النواحي، وذلك بتخصيص أوقات كافية لتعبئته بالقيم السلوكية الجيدة، وبالأخلاق والمثل الحميدة، وبالعطف والحنان، ولكن هذه الأمور يفتقدها العديد من الآباء والأمهات، وإزاء ذلك يقعون في أخطاء سواء من خلال التعامل فيما بين الزوجين أنفسهما أومن خلال تعاملهما مع أطفالهما، ويمكننا في هذه المقالة تناول بعض أخطاء الأهل تجاه أطفالهم، وانعكاسها عليهم، ومخاطرها على الأبناء من حيث بناء الشخصية وقوتها حاضراً ومستقلاً.

 

1- الخضوع الزائد لرغبات الطفل:

قد يظن الأهل أن تحقيق جميع رغبات الطفل أمر جيد ولكن هذا السلوك يعتبر خاطئاً بل وخطراً مؤكداً على شخصية الطفل النامية فكما أن تحقيق طلبات الطفل في السنة الأولى وبسرعة من حق الطفل لأنه لا يدرك حقائق الأشياء، ولا يعي متطلبات الظروف، ولأنه لا يطيق صبراً على الحرمان أو عدم الاستجابة فيبكي لأتفه الأسباب ولأقل حرمان، الا أنه من الواجب أن نعوده من مطلع السنة الثانية من عمره بالتدريج وبالشكل المتوافق مع درجة تطوره وفهمه أن هناك حدوداً عليه ألا يتخطاها وأن هناك آخرين لهم حقوقهم كما له حقوقه، كمثال على ذلك ليس من حق الطفل أخذ أشياء وألعاب أخيه أو أخته، ولكن لابأس من استعارتها لبعض الوقت ومن ثم إعادتها، أو أن يعبث بحديقة المنزل أو بدفاتر وكتب إخوته........ الخ، وبعد أن يكبر ويصل إلى سن الثالثة عليه أن يعلم بأنه ليس مسموحاً له دائماً بالخروج من المنزل كلما طلب ذلك أو يشتري لنفسه أشياء من الدكان المجاور، كما أن الطفل عندما يشعر بأن أي أخطاء سيرتكبها ستمر دون عقاب قد يؤدي إلى فقدان الوالدين سيطرتهما عليه، إن القاعدة التربوية المنطقية الصحيحة هي تلبية حاجات الطفل ضمن حدود الحاجات الفعلية والإمكانات المتاحة للأسرة، وذلك منذ البدء وإلا فإن الطفل قد يتمادى في طلب الأشياء، وقد لا تتضح شخصيته بالشكل السوي، ويصبح أسيراً لرغباته، ونزواته بعد أن عوده أهله الخضوع لرغباته غير الناضجة وغير المتوافقة مع سنة، والنتيجة أن يصبح الطفل أنانياً يحب نفسه فقط، وعصبياً في مزاجه، ويحصل ذلك تماماًَ بسبب أن الطفل قد اعتاد التدليل وتحقيق طلباته ومن ثم يقطع عنه الأهل هذا التدليل مما يتفاجأ بذلك

ويؤدي في حالات كثيرة إلى ما يسمى ب \" عقوق الأبناء للآباء \".

 

2- طلب الكمال:

يطلب الأهل من أبنائهم في كثير من الأحيان ِأن يبذ لوا جهوداً قد تكون فوق طاقاتهم وامكاناتهم لمجاراة أقرانهم وزملائهم في المدرسة أو العمل، وعندما يعجز الطفل عن تحقيق ذلك يشعر بالنقص ويتشكل لديه مركب النقص.

 

3- الإفراط في التوجيه:

والمقصود بذلك زيادة مراقبة الطفل ومتابعته والتدخل في تصرفاته وممارساته وعدم تركه على حريته فمثلاً طفل يلعب مع أقرانه أو مع لعبته في المنزل وهو منسجم ومندمج بهذا اللعب، وتأتي ولدته لتقول تعال يا بني لأغير لك ملابسك وعندما يرفض الطفل ذلك تأخذه أمه رغماً عنه، هنا يشعر الطفل أن لحظة لذيذة ممتعة قد ذهبت منه بسبب موقف والدته مما يؤدي به إلى البكاء والصراخ، وعندما يتكرر ذلك يصبح البكاء والصراخ شبه دائمين، وقد يصبح الطفل بالنتيجة اتكالياً وقليل المبادرة، ويعتمد على أهله في كل شاردة وواردة.

 

4- الإفراط في العقاب:

ويحدث هذا الموقف كثيراً في البيئات المختلفة إذ يلجأ الأهل إلى معاقبة الطفل في كل صغيرة وكبيرة وبشدة لا تتناسب مع درجة ونوع الخطأ، وقد يكون الخطأ حاصلاً نتيجة عدم نضج الطفل العقلي والجسمي وفي هذه الحالة لا تجوز معاقبته، وإنما تنبيهه، وإرشاده إلى جادة الصواب، وفي حال تكرار الخطأ رغم النضج فإنه يجب معاقبته بشكل خفيف ومتدرج حتى يستقيم سلوكه، ويرجع عن ذلك الخطأ، وفي حال استجابة الطفل الدائمة للعقاب قد يؤدي به إلى انتقاص ذاته وتشكل مركب النقص عنده، والميل باتجاه السلوك الذي يؤنبه عليه أهله، أي أنه يبدو وكأنه يتعمد أن يظهر بمظهر الشخص غير الكفئ لتكال له عبارات الانتقاد.

 

5- الإهمال:

وهو يعني عدم توفير الوقت الكافي للاعتناء بالطفل ومشاركته في اهتمامه وألعابه بما يتناسب وتطوره العقلي والنفسي، فالطفل يحتاج إلى ملاعبة أهله وهو يجد متعة كبيرة في ذلك

ويحتاج للتنزه ورؤية الأشجار والناس والسيارات والدكاكين، وبخاصة في سنواته الأولى، وحرمانه من ذلك يؤثر عليه سلبا، كما أن إهمال متابعة دروسه وتطوره التعليمي والثقافي تشكل نقصا كامنا في شخصيته، سببه عدم

المتابعة وعدم الإطلاع على مظاهر الحياة الطبيعية والاجتماعية.

 

6- التفريق بين الأطفال في العائلة الواحدة:

يعامل الأهل أحد الأطفال معاملة تختلف عن معاملة شقيقه وذلك بشكل زائد مما قد يؤدي إلى غيرته،

وتتطور تلك الغيرة مع الزمن إلى حقد وكراهية، وتفسد شخصيته باعتماده

على الأهل بشكل مستمر، وعدم القدرة على التصرف إزاء مواقف الحياة،

وقد يكون التفريق بين الابن والبنت وهذا أيضا خطأ له نتائجه السلبية إذ تشعر البنت دائما أنها كائن ضعيف مغبون أقل أهمية من شقيقها مما يخلق حزازات وغيرة لا مبرر لها.

 

7- المشاجرة بين الأهل في المنزل:

 قد يتشاجر الأب والأم في المنزل حول مسألة ما، ومع أن الخلاف أمر عادي في أي منزل إلا أنَ الصراخ العالي والشتائم أمام مرأى ومسمع الأبناء له مخاطر سلبية كبيرة على تركيبهم النفسي حيث يشعرون بعدم الأمان وعدم الراحة والقلق، هذه النواحي خطيرة على تكوينهم التربوي ولها انعكاسات خطيرة في المستقبل

وتشير إحدى دراسات \"جتمان وكاتنر \" إلى أن الأطفال الذين يعيشون مع

والدين يتشاجران وعلاقتهما الزوجية غير مرضية يشعرون بالتوتر،

ويكونون أقل قدرة على التعامل مع مشاعرهم وأقل استطاعة على اللعب بنشاط مع أقرانهم

 

8- الإقلال من قيمة الأطفال والسخرية منهم والتشكيك في تفوقهم ونبوغهم:

وهذا خطأ فادح وخطير لأنه يؤدي إلى تشكل عقده النقص لدى الطفل، وتهتز شخصيته ويشعر دائما أنه مهما أبدع ومهما تفوق فإنه سيظل دون

مستوى أقرانه ممن ينا لون كلمات المديح والثناء والإعجاب من أهلهم

على العكس من حالته مع أهله، إن الطفل يحتاج للتشجيع والتحفيز والثقة من أهله، وبفقدان هذه العناصر الضرورية لتربية سليمة ناجحة ومعافاة

فإن الطفل قد يصبح إنطوائيا أو عصابيا أو ضعيفا في شخصيته

وعلاقاته الاجتماعية مع الآخرين، وكمثال على ذلك: بعض الأهل يقولون

عن أحد أبنائهم بأنه \" مجنون\" يطلقون هذا اللقب عليه نتيجة تصرفات

عصبية قد تكون من إفرازات تربيتهم الخاطئة معه ومع أشقائه، متناسين ما لهذه الكلمة وأمثالها من أثر سلبي على نموه التربوي الحالي والمستقبلي

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply