الثانوية .. للمحافظة على الحياة


  بسم الله الرحمن الرحيم

الثانوية مرحلة إعداد للحياة كما نردد دومًا.أما أن يتعلّم طالب المرحلة الثانوية كل ما يتعلق بالسلامة المرورية، من معارف ومهارات واتجاهات وميول، فلا يعتبر إعدادًا لجانب مهم من الحياة، بقدر ما يعتبر إعدادًا للمحافظة على الحياة ذاتها.

تفقد المملكة العربية السعودية سنويًا من مواطنيها والمقيمين على أرضها ما يقارب خمسة آلاف شخص سنويًا، إضافة إلى حوالي 29370 مصابًا، وذلك من جراء 1398780 حادثًا مروريًا، ناتجة عن 145123 مخالفة مرورية سنوية، ونتيجة لذلك تفقد المملكة من اقتصادها الوطني ما مقداره 21 مليار ريال سنويًا. وتشير الإحصاءات إلى أن أكبر شريحة عمرية تتسبب في هذه الكوارث وتتأثر بها هي شريحة الناشئة دون سن الثامنة عشرة ومن طلاب المرحلة الثانوية تحديدًا. من هنا جاءت أهمية هذه الدراسة التي أعدها أحد الباحثين لنيل درجة علمية في التربية والتعليم، والتي جرّبت أثر تدريس وحدة مقترحة للسلامة المرورية لطلاب المرحلة الثانوية في المملكة، من حيث إكساب طلاب هذه المرحلة قدرًا لازمًا من مفاهيم السلامة المرورية ومهاراتها والاتجاهات الإيجابية نحوها كممارسة حضارية هامة.

 

الثانوية والسيارة

إن النهضة الاقتصادية السريعة التي مرت بالمملكة العربية السعودية في السبعينيات الميلادية أتاحت للأفراد اقتناء السيارات بشكل ميسر. كما أن تملك السيارات وقيادتها يشكل أداة للإشباع النفسي، ورمزًا اجتماعيًا. وهذا ما أشاع بين طلاب المرحلة الثانوية في المملكة ظاهرة قيادة السيارات. وقد أفرزت هذه الظاهرة مشكلات أمنية وصحية واجتماعية واقتصادية للمجتمع السعودي، وكان أول المكتوين والمسببين لها هم أفراد هذه الفئة العمرية، التي يعدها المجتمع للمواطنة الصالحة ويقدم لها المعارف والأنشطة، من أجل الديمومة الدينية والاجتماعية للمجتمع، فهم شبابه اليوم وامتداده لغد وقواد دفة التنمية المستقبلية.

 

الثانوية.. تفحيط وأشياء أخرى

المرحلة الثانوية مرحلة تعليمية مهمة، وذلك لحساسية الخصائص العمرية لطلابهاº فهي تحدد المسار التعليمي والمهني للطالب، وفيها تتضح الميول والاتجاهات أكثر من أي مرحلة تعليمية أخرى. لذلك فالمرحلة الثانوية مرحلة تعليمية مصيرية يتحدد في ضوئها ما بعدها من مراحل تعليمية، لذلك كان لازمًا أن تقدم فيها المناشط والبرامج الهادفة إلى تنمية الوعي اللازم لبناء الإنسان الصالح الذي يحقق هدف الخلافة في الأرض. وللمدرسة الثانوية دور بارز في تنمية الوعي بالسلامة المرورية يفوق مراحل التعليم كافة، وذلك للأسباب التالية:

*  إن هذه المرحلة تمثل بدايات قيادة السيارة لدى غالبية الشباب في المجتمع السعوديº فمن المألوف أن يبدأ الشاب القيادة في هذه المرحلة، كما تمثل نهاية هذه المرحلة السن القانونية للحصول على رخصة قيادة نظامية.

*  يتصف أفراد هذه المرحلة العمرية بنمط ساذج من أنماط قيادة السيارات، يتمثل في سلوكياتهم أثناء القيادة كالتسابق بالسيارات والتفحيط وغيرهما. كما لا تتضح لديهم مهارات التحكم في المركبة، وتقل لديهم إمكانية مواجهة مفاجآت الطريق، وتبرز لديهم سلوكيات التهور والرعونة، وعدم تحمل المسؤولية، فهم دون سن المساءلة القانونية.

*  بحسب دراسة سابقة بلغت نسبة الطلاب الذين يقودون السيارة حوالي (87%) من طلاب المرحلة الثانوية في مدينة الرياض. ومن الملاحظ أن هناك تفاوتًا واضحًا بين الصفوف الدراسية، حيث تصل النسبة بين طلاب الصف الأول الثانوي إلى 84%، بينما تصل في الصف الثالث إلى 90%. وبلغت نسبة طلاب المرحلة الثانوية المتعرضين للحوادث (38%) من جملة عينة تلك الدراسة، مع العلم أنهم لا يشكلون إلا حوالي (5%) من العينة.

*  وأثبتت دراسة سابقة أخرى أن المخالفات المرورية جاءت في المرتبة الأولى بنسبة (64. 4%) من بين سبع مخالفات نظامية أخرى قامت الدراسة بتصنيفها لدى طلاب المرحلة الثانوية.

*  وأوردت دراسة سابقة أن من أهم أسباب ارتفاع نسبة إصابات حوادث المرور في كل من منطقة مكة المكرمة والمنطقة الشرقية قيادة طلاب المرحلة الثانوية للسيارات.

*  وجاء في إحصاءات وزارة الداخلية (1420هـ) أن عدد المشتركين في الحوادث المرورية دون سن الثامنة عشرة بلغ (47750) شخصًا.

 

الثانوية.. مربط السيارة

في المرحلة الثانوية، لا بد من إعداد الطالب إعدادًا سليمًا، مزودًا بالمعارف والسلوكيات اللازمة تجاه السلامة المرورية له ولمستخدمي الطريق أيضًا. لذلك يرى أحد الباحثين وجوب تدريس مفاهيم السلامة المرورية التالية في المرحلة الثانوية:

*  الإشارات والعلامات الإرشادية والضوئية المرورية ومدلولاتها.

*  السرعة ومسافة الوقوف.

*  استخدام الأدوية والقيادة.

*  الجوع والتعب والقيادة.

*  الأمراض النفسية والقيادة.

*  السرعة وسلامة المرور.

*  حزام الأمان وضرورته.

*  الإطارات وما يتعلق بسلامتها.

*  القيادة في ظروف طبيعية متغيرة.

*  الآثار الاجتماعية والنفسية والاقتصادية لحوادث المرور.

كما يجب أن تتوافر في المدرسة الثانوية برامج مكثفة لنشر الوعي المروري، وذلك باستخدام الملصقات والمنشورات، والنشرات الإذاعية، والأفلام وغيرها من الوسائل. كما يجب على المدرسة الثانوية أن تقدم ضمن موادها مادة تتصل بتعليم قيادة السيارات والسلامة المرورية، وألا يقل مجموع ساعات هذه المادة عن ثلاثين ساعة في العام الدراسي. ويؤمّل أن يكون من صلاحية المدرسة منح رخص القيادة لمجتازي تلك المادة.

ويقترح أحد الباحثين تقديم النظريات العلمية المتعلقة بالقيادة من سن السادسة عشرة في بداية المرحلة الثانوية، مع التدريب على جهاز المحاكاة لقيادة السيارة، لاختيار ردود الفعل لدى المراهق، وتوجيهها الوجهة السليمة، وكذلك إدخال مفهوم القيادة الدفاعية، وهو المقرر الذي يدرس بمجلس جمعية السلامة الوطنية بالولايات المتحدة الأمريكية، والذي يشتمل على ثمانية دروس هي:

*  هل يمكن تلافي الحوادث؟

*  فن البقاء على قيد الحياة.

*  كيفية التعامل مع سيارة تتبع سيارتك؟

*  كيفية تجنب الاصطدام بسيارة قادمة من الأمام؟

*  كيف تتجنب الاصطدام في تقاطع؟

*  فن التجاوز.

*  الاصطدام الغامض.

*  كيفية تجنب الأنواع الأخرى من الاصطدامات؟

وفي دراسة محلية يرى باحث آخر تقديم المعلومات التالية لطلاب المرحلة الثانوية في المملكة:

*  معلومات حول الطرق، إنشائها، وتصميمها، وصيانتها، وآدابها، وتخطيطها، وأخطارها.

*  معلومات عن السائق تتمثل في: كيفية الحصول على رخصة القيادة، ومراكز التدريب وأهميتها، وتأهيل السائق وإعداده وواجباته نحو مستخدمي الطريق.

*  معلومات عن المركبات، وأجزائها، واستعمالاتها، وصيانتها.

*  معلومات عن أنظمة وقوانين المرور.

*  معلومات عن حوادث السير: أسبابها، ونتائجها، وكيفية تجنبها.

*  معلومات حول الإسعافات الأولية.

*  معلومات حول دور الطالب في الوقاية من الحوادث.

كما أن هناك أهدافًا تعليمية يجب تحقيقها ضمن برنامج سلامة الطلاب في المرحلة الثانوية وهي:

*  معرفة نظام المرور في البلد.

*  الإلمام باللوحات المرورية الإرشادية.

*  معرفة أهمية التقيد بأنظمة المرور.

*  معرفة أهمية استخدام حزام الأمان.

*  معرفة أهمية صيانة السيارة الدورية.

*  معرفة أهمية سلامة إطارات السيارات.

*  معرفة أسباب الحوادث المرورية.

*  معرفة أنواع الحوادث المرورية.

*  معرفة حجم الحوادث المرورية في العالم بشكل عام والمملكة بشكل خاص.

*  معرفة الفئات العمرية التي تتعرض للحوادث المرورية.

*  معرفة أنواع الإصابات المرورية.

*  الاطلاع على بعض النماذج من الحوادث المرورية التي تعرض لها الشباب.

*  معرفة الجهود المبذولة للحد من الحوادث المرورية.

*  معرفة كيفية الاهتمام بالبيئة والممتلكات العامة.

 

منهج السلامة المرورية

دعت كثير من الدراسات إلى إدخال مفهوم السلامة المرورية كمقرر مستقل في المرحلة الثانوية يدرّس للطلاب فيه مواضيع السلامة المرورية، أو إدخال مفاهيم السلامة المرورية في جميع المقررات الدراسية في المدرسة الثانوية لكثرة مفاهيم السلامة المرورية وتعقدها وصعوبة تصنيفها في مادة دراسية واحدةº ففي المواد الشرعية الإسلامية يمكن إدخال مفاهيم: حفظ النفس والمال، وشكر النعمة، وجزاء القتل عمدًا، والديات، والكفارات في القتل الخطأ. وفي علم الاجتماع يمكن إدخال مفاهيم: الآثار النفسية والصحية والطبية والاقتصادية للحوادث المرورية على المجتمع. وفي مقررات الكيمياء يمكن إدخال مفاهيم: الوقود وتركيبه ومضاره، والمواد الداخلة في صناعة المركبة وأضرارها الصحية، وإمكانية إيجاد مواد بديلة للطاقة، والمواد الداخلة في صناعة المركبات والطرق. وفي مقررات الأحياء يمكن إدخال مفاهيم: الإسعافات الأولية، الملوثات البيئية من المركبات وأثرها على البيئة، التلوث الضوضائي والكهرومغناطيسي وأثره على الإنسان. وفي مقررات الفيزياء يمكن مناقشة علاقة المفاهيم التالية بالسلامة المرورية: السرعة، والمسافة، والزمن، والحركة، والقصور الذاتي، والصلابة... وغيرها.

ويعتبر المعلم المحرك الفاعل لسلوك الطلاب في المدرسة، فهو أكثر مكونات المنهج المدرسي تفاعلاً معهم، وبهذا يكون له أكبر الأثر في تنمية الوعي بالسلامة المرورية لدى طلاب المرحلة الثانوية من خلال ما يلي:

*  القدوة لطلابه في السلوكيات المرورية من حيث التأني في القيادة، وربط حزام الأمان، والالتزام بقواعد المرور.

*  ربط المادة العلمية التي يدرسها بالسلامة المرورية، فمادة الفيزياء - على سبيل المثال - تحتوي على المفاهيم التالية ذات العلاقة بقيادة السيارات: السرعة، المسافة، الزمن، الحركة، القصور الذاتي، الصلابة... إلخ.

*  تقديم النصيحة لطلابه في أوقات الفراغ، كنهاية الحصص، مستثمرًا الأحداث والمناسبات، كأسبوع المرور الخليجي، أو أسبوع التوعية الأمنية.

*  ملاحظة سلوكيات الطلاب أثناء استخدام الطريق وتوجيههم التوجيه السليم.

*  مشاركة الطلاب في المنشط، وزيارة معارض المرور المقامة سنويًا.

*  تكوين جماعة أصدقاء المرور في المدرسة.

ويمكن استثمار النشاط المدرسي، لتعزيز مفاهيم السلامة المرورية، في المرحلة الثانوية من خلال الآتي:

*  إنشاء جماعة أصدقاء المرور بالمدرسة لتقوم بتنظيم السير أمام المدرسة، وعمل المطويات والمجلات الحائطية، والندوات بهدف تنمية الوعي بالسلامة المرورية.

*  القيام بزيارات ميدانية لكل من إدارة المرور، والفحص الدوري، وأقسام الحوادث في المستشفيات، والمعارض المرورية.

*  إقامة الندوات التي يشارك فيها مجموعة من أعضاء هيئة التدريس في الجامعات ورجال المرور.

ويجب أن يكون مبنى المدرسة الثانوية، ليحقق السلامة المرورية، مصممًا بعناية من حيث الموقع والتصميم الداخليº فموقعه يجب أن يكون بعيدًا عن الطرق العامة، كما يجب عند تصميمه أن يكون ذا باحة واسعة كافية لإيقاف مركبات المعلمين والطلاب، وكذلك لابد من توفر مدخل للنقل المدرسي والخاص داخل حدود المدرسةº وذلك لضمان عدم تعرض الطلاب للحوادث المرورية. كذلك يجب ألا تكون بوابة المدرسة عمودية على الطريق، بل تشكل زاوية قائمة معه بحيث تطل على باحة خارجيةº لتخفيف اندفاع الطلاب أثناء الانصراف. كما يراعي توفر الصالات الفسيحة، لإقامة المعارض المرورية المعدة من قبل طلاب المدرسة. ويمكن الاستفادة من ساحات المدرسة وطرقاتهاº لوضع المجلات الحائطية والملصقات والمنشورات المعدة للسلامة المرورية، وإقامة المعارض المرورية الطلابية داخلها.

ولما كان للمكتبة دور بارز في التعلم، كمصدر من مصادره، أصبح لازمًا لها أن تكون أحد أهم مكونات المبنى المدرسي، التي يمكن الاستفادة منها في تثقيف الطلاب، وتوعيتهم من خلال تخصيص ركن خاص بالسلامة المرورية يعرض فيه جميع ما كتب عن السلامة المرورية، وما أنتج من أفلام وبرمجيات ومواد تعليمية أخرى إرشادية وتثقيفية.

 

إجراءات منهجية ميدانية

حدد الباحث مشكلة دراسته - بشكل عام - في السؤال التالي: «ما أثر تدريس وحدة مقترحة للسلامة المرورية في إكساب طلاب المرحلة الثانوية مفاهيم ومهارات السلامة المرورية؟ وما أثر ذلك في اتجاهاتهم نحو السلامة المرورية؟ ».

 

واستهدف الباحث من هذه الدراسة ما يلي:

*  معرفة أثر الوحدة المقترحة في إكساب طلاب المرحلة الثانوية المفاهيم المطلوبة للسلامة المرورية.

*  معرفة أثر الوحدة المقترحة في إكساب طلاب المرحلة الثانوية المهارات المطلوبة للسلامة المرورية.

*  معرفة أثر الوحدة المقترحة في إكساب طلاب المرحلة الثانوية الاتجاهات الإيجابية نحو السلامة المرورية.

ولتحقيق أهداف الدراسة قام الباحث بعدد من الخطوات المنهجية طوال الفصل الدراسي الثاني من عام 1423/1424هـ. وهي الخطوات المنهجية التالية:

إعداد وحدة تدريسية مقترحة للسلامة المرورية، بعنوان «فيزياء السلامة المرورية لطلاب الصف الأول الثانوي»، تم تحديد مفرداتها اعتمادًا على الدراسات الأدبية ذات الصلة، بالإضافة إلى استبانة تم توزيعها على بعض قطاعات المجتمع ذات العلاقة.

*  اختيار المنهج شبه التجريبي، نظرًا لملاءمته طبيعة الدراسة، الذي يتم من خلال ملاحظة نتائج وآثار حدث أو ظرف (المتغير المستقل) يفترض فيه أن تؤثر نواتجه على الذين يتعرضون له.

*  تحديد مجتمع للدراسة بجميع طلاب المرحلة الثانوية، بمنطقة المدينة المنورة، الذين يدرسون في المدارس الحكومية التابعة لوزارة التربية والتعليم في الفصل الدراسي الثاني لعام 1423/1424هـ.

*  اختيار مدرسة بالطريقة العشوائية من مدارس مجتمع الدراسة، وهي مدرسة القدس الثانوية بالمدينة المنورة، ومن ثم وبنفس الطريقة اختيار الصف الأول الثانوي (أ) بالمدرسة كمجموعة تجريبية سوف يتم تدريس الوحدة المقترحة لها، واختيار الصف الأول الثانوي (ج) كمجموعة ضابطة سوف لن تخضع لتدريس الوحدة المقترحة.

*  تصميم ثلاث أدوات للقياس لتطبيقها على عينة الدراسة قبل وبعد إجراء تجربة تدريس وحدة السلامة المرورية المقترحة. وهذه الأدوات هي: اختبار تحصيلي خاص للنواحي المعرفية، وبطاقة ملاحظة لقياس النواحي المهارية، ومقياس اتجاهات للنواحي الوجدانية.

*  إدخال العامل التجريبي وهو تدريس الوحدة المقترحة للسلامة المرورية على طلاب المجموعة التجريبية، دون طلاب المجموعة الضابطة. وذلك بمعدل حصتين أسبوعيًا، خلال الفصل الدراسي الثاني 1423/1424هـ.

*  تطبيق أدوات الدراسة الثلاثة مرة ثانية، بعد انتهاء التجربة، على كلتا مجموعتي الدراسة، لقياس أثر المتغير المستقل وهو تدريس الوحدة المقترحة للسلامة المرورية، على المتغير التابع وهو اكتساب الطلاب لمفاهيم ومهارات السلامة المرورية والاتجاهات الإيجابية نحوها.

 

*  المعالجة الإحصائية وقياس الفروق في النتائج القبلية والبعدية للتجربة، من خلال معادلة سبيرمان برون للتجزية النصفية، ومعادلة كوبر، ومعامل الصدق الذاتي، وتحليل التباين المصاحب. ومن ثم الاستنتاج الإحصائي للآثار المعرفية والمهارية والوجدانية لتدريس الوحدة المقترحة على طلاب المجموعة التجريبية.

 

تصميم الوحدة المقترحة:

لكون هذه الدراسة تتطلب تحديدًا لمفاهيم السلامة المرورية، التي ينبغي أن تدرس لطلاب المرحلة الثانوية، وتمشيًا بما ينادي به المختصون بالمناهج من ضرورة اشتراك جميع قطاعات المجتمع في بنائها وإعدادها وإبداء الرأي بصدد القضايا التربوية بعامة، حرص الباحث على توسيع دائرة المشاركين في إبداء الرأي حول مفاهيم الوحدة المقترحة، فشارك في اختيار هذه المفاهيم التربويون من أعضاء هيئة التدريس بالجامعات والكليات التربوية، ورجال المرور، ومدرسو التعليم العام. وقد مر بناء الوحدة بالخطوات الآتية:

*  إعداد قائمة بالمفاهيم الأساسية المرتبطة بالسلامة المرروية التي ينبغي إكسابها لطلاب المرحلة الثانوية، وذلك بالرجوع إلى أدبيات الدراسة والدراسات السابقة، ومن ثم توزيعها على أعضاء هيئة التدريس، ورجال المرور في منطقة المدينة المنورة ومنطقة تبوك، وعدد من معلمي المرحلة الثانوية بمنطقة المدينة المنورة.

*  صياغة الأهداف التعليمية للوحدة المقترحة بناء على المفاهيم.

*  اختيار المحتوى التعليمي للوحدة المقترحة، وطرق تدريسها، ووسائلها، وأساليب تقويمها تقويمًا بنائيًا.

*  عرض الوحدة المقترحة على مجموعة من المحكمين استعدادًا لإنتاجها.

*  طباعة الوحدة التدريسية في حلتها النهائية استعدادًا لتدريسها.

أدوات الدراسة:

صمم الباحث لهذه الدراسة ثلاث أدوات علمية لجمع البيانات، تم تطبيقها قبل وبدء إجراء تجربة تدريس الوحدة المقترحة للسلامة المرورية، وتمثلت هذه الأدوات فيما يلي:

الأداة الأولى - اختبار تحصيلي:

وأعدّت لقياس مستوى الطلاب في اكتساب بعض مفاهيم السلامة المرورية والمعلومات المعرفية بخصوصها عند مستويات دبلوم المعرفية الدنيا (التذكر والفهم والتطبيق)، وتمت صياغتها على هيئة اختبار تحصيلي مكون من (70) فقرة، واتبع الاختبار أسلوب الاختبارات الموضوعية، وتم بناؤه بعد حساب الأوزان النسبية للأهداف التعليمية، مع مراعاة المدة الزمنية المستغرقة في تدريس الموضوعات، والاهتمام الذي يحظى به كل موضوع من موضوعات الوحدة.

 

الأداة الثانية - بطاقة ملاحظة:

وأعدّت لقياس مدى إتقان الطلاب لبعض المهارات الواردة في الوحدة التدريسية المقترحة، وقد أعطيت كل خطوة من خطوات المهارة خمسة درجات مرتبة حسب إتقان المهارة (من 1إلى 5)، على أن تمثل التقديرات التالية: ضعيف، مقبول، جيد، جيد جدًا، ممتاز.

 

الأداة الثالثة: مقياس اتجاهات:

وأعدّ للتعرف على اتجاهات التلاميذ نحو السلامة المرورية ولتقدير التغير الذي يطرأ على اتجاهات العينة بعد إجراء التجربة.

 

النتائج الإحصائية:

صاغ الباحث عددًا من الافتراضات المشتقة من سؤال الدراسة الرئيس، وبعد إجراء التجربة وجمع البيانات بواسطة الأدوات الثلاث وإتمام المعالجات جاءت النتائج الإحصائية للدراسة كالتالي:

*  النتيجة الإحصائية الأولى: «توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين المجموعتين الضابطة والتجريبية، في متوسط درجات التحصيل البعدي لمفاهيم السلامة المرورية، عند مستويات التذكر والفهم والتطبيق».

*  النتيجة الإحصائية الثانية: «توجد فروق ذات دلالة إحصائية، بين المجموعتين الضابطة والتجريبية، في متوسط درجات التطبيق البعدي لمجموع مهارات السلامة المرورية».

*  النتيجة الإحصائية الثالثة: «توجد فروق ذات دلالة إحصائية، بين المجموعتين الضابطة والتجريبية، في متوسط درجات التطبيق البعدي لمقياس الاتجاه نحو السلامة المرورية».

*  النتيجة الإحصائية العامة:

في ضوء التحليل الإحصائي لنتائج الدراسة، من خلال اختبار فروضها وتفسيرها، توصلت الدراسة إلى النتيجة العامة التالية: «توجد فروق دالة إحصائيًا عند مستوى (0. 05) لصالح المجموعة التجريبية التي تم تدريسها الوحدة المقترحة للسلامة المرورية في التحصيل المعرفي عند مستويات التذكر والفهم والتطبيق، وكذا فروق دالة إحصائيًا لصالح المجموعة التجريبية في مهارات السلامة المرورية، والأمر ينسحب كذلك على اتجاهات الطلاب نحو مفاهيم السلامة المرورية».

 

توصيات

في ضوء ما أسفرت عنه هذه الدراسة من نتائج، أوصى الباحث بعدد من التوصيات منها التوصيات التالية:

*  إدراج وحدة السلامة المرورية المقترحة ضمن منهج الفيزياء للصف الأول الثانوي.

*  تأصيل مفاهيم هذه الوحدة إسلاميًا، وبيان رأي الشرع المطهر فيها، وتوجيهها الوجهة الإسلامية الصحيحة من خلال مقررات التربية الإسلامية.

*  وضع تصور عام لبرنامج لإدراج مفاهيم السلامة المرورية في جميع مراحل التعليم العام في المملكة العربية السعودية (الابتدائية، والمتوسطة، والثانوية) وكذلك كليات التربية وإعداد المعلمين، مع مراعاة العمق والتدرج الرأسي، وخصائص المستهدفين، على أن يتم توزيع هذه المفاهيم في وحدات يتم إدراجها ضمن المواد الدراسية المختلفة.

 

المقترحات للدراسات اللاحقة:

*  إجراء دراسات مماثلة في المرحلتين الابتدائية والمتوسطة لمعرفة دورها في تنمية الوعي بالسلامة المرورية، وإدراجها ضمن مناهج تلك المرحلتين.

*  إجراء دراسة تتبعية لمتابعة أثر هذه الدراسة على المجموعة التجريبية، بعد السماح لهم بقيادة المركبات لمعرفة أثرها عليهم.

*  تصميم بطاريات اختبار لمفاهيم السلامة المرورية، ومقاييس اتجاه نحو السلامة المروريةº لتستفيد منها المؤسسات المعنية بالسلامة المرورية.

عنوان الرسالة: أثر تدريس وحدة مقترحة للسلامة المرورية في إكـساب طلاب الصف الأول الثانوي بعض مفاهيم ومهارات السلامة المرورية وفي اتجاههم نحو السلامة المرورية.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply