أطفالنا وحب الله - عز وجل -


  بسم الله الرحمن الرحيم

تمهيد:

سبحان الله العلي العظيم، والحمد لله رب العالمين - كما ينبغي لجلال وجهه الكريم، و عظيم سلطانه القديم - ولا إله إلا الله العليم الحكيم، والصلاة والسلام على خاتم النبيين المبعوث رحمةً للعالمين وبعد.

إن الطفل نبتة صغيرة تنمو، وتترعرع، فتصير شجرة مثمرة، أو وارفة الظلال...أو قد تصير شجرة شائكة، أو سامَّة والعياذ بالله.

وحتى نربي جيلاً من الأشجار المثمرة، أو وارفة الظلالº فإنه علينا أن نعتني بهم منذ البداية، مع التوكل على الله - تعالى -والاستعانة به في صلاحهم.

وما أحوجنا في هذا العصر الذي أصبحت فيه الأمم تتداعى على أمة الإسلام كما تتداعى الأكَلَة على قصعتها- كما أخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأن نربي وننشئ جيلاً قوي الإيمان يثبُت على الحق، و يحمل لواء الإسلام، ويدافع عنه بكل طاقته.

وفيما يلي تقترح كاتبة هذه السطور أول ما يمكن أن يحقق هذا الهدف النبيل، ويعين على بلوغ تلك الغاية السامية، ألا وهو: \"مساعدة أطفالنا على حب الله - عز وجل -\"... فما جاء بها من صواب فهو من توفيق الله - تعالى -وفضله ومَنِّه، وما كان من خطأ فمن نفسها والشيطان، والحمد لله أولاً وآخرا.

 

1- ما هو حب الله؟

هو أن يكون الله - تعالى -أحب إلى الإنسان من نفسه، ووالديه، وكل مايملك.

2- لماذا الأطفال؟

لأن\" الطفل هو اللبنة الأولى في المجتمع، فإذا و ضعناها بشكل سليم كان البناء العام مستقيماً، مهما ارتفع وتعاظمº كما أن الطفل هو نواة الجيل الصاعد التي تتفرع منها أغصانه وفروعه... وكما نعتني بسلامة نمو جسمه فيجب أن نهتم بسلامة مشاعره، ومعنوياته \"(1) فإذا حرصنا على ذلك فإن جهودنا سوف تؤتي ثمارها حين يشب الطفل ويحمل لواء دينه- إذا أحب ربه وأخلص العمل له- وإن لم نفعل نراه يعيش ضائعاً بلا هوية - والعياذ بالله - كما نرى الكثير ممن حولنا.

3- لماذا نعلمهم حب الله؟

أ-لأن الله - تعالى -قال عن الذين يحبونه في الآية رقم (31) من سورة آل عمران: {قُل إن كُنتم تحبون اللهَ فاتَّبعوني يُحِببكُم اللهُ، ويَغفر لكم ذنوبَكم، واللهُ غفورٌ رحيم}.

ب- لأن الله جلَّ شأنه هو الذي أوجدنا من عَدَم، وسوَّى خَلقنا وفضَّلنا على كثير ممَّن خلق تفضيلا، ومَنَّ علينا بأفضل نعمة وهي الإسلام، ثم رزقنا من غير أن نستحق ذلك، ثم هو ذا يعدنا بالجنة جزاءً لأفعال هي من عطاءه وفضله، فهو المتفضِّل أولاً وآخِرا!!!

ج- لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يدعو: (اللهم اجعل حُبك أحب إلىَّ مِن نفسي، وأهلي، ومالي، وولدي، ومن الماء البارد على الظمأ)، ولنا في رسول الله الأسوة الحسنة.

د- لأن الحب يتولد عنه الاحترام والهيبة في ا لسر والعلن، وما أحوجنا إلى أن يحترم أطفالنا ربهم ويهابونه- بدلاً من أن تكون علاقتهم به قائمة على الخوف من عقابه أو من جهنم- فتكون عبادتهم له متعة روحية يعيشون بها وتحفظهم من الزلل.

هـ- لأن الأطفال في الغالب يتعلقون بآبائهم وأمهاتهم -أو مَن يقوم برعايتهم وتربيتهم- أكثر من أي أحد، مع العلم بأن الآباء، والأمهات، والمربين لا يدومون لأطفالهم، بينما الله - تعالى -هو الحيٌّ القيوم الدائم الباقي الذي لا يموت، والذي لا تأخذه سِنةٌ ولا نوم، فهو معهم أينما كانوا وهو الذي يحفظهم ويرعاهم أكثر من والديهم... إذن فتعلقهم به وحبهم له يُعد ضرورة، حتى إذا ما تعرضوا لفقدان الوالدين أو أحدهم عرفوا أن لهم صدراً حانياً، وعماداً متيناً، وسنداً قوياً هو الله - سبحانه وتعالى -.

و- لأنهم إذا أحبوا الله - عز وجل - وعلموا أن القرآن كلامه أحبوا القرآن، وإذا علموا أن الصلاة لقاء مع الله فرحوا بسماع الأذان، و حرصوا على الصلاة وخشعوا فيها، وإذا علموا أن الله جميل يحب الجمال فعلوا كل ما هو جميل وتركوا كل ما هو قبيح، وإذا علموا أن الله يحب التوابين والمتطهرين، والمحسنين، والمتصدقين، والصابرين، والمقسطين، والمتوكلين، وأن الله مع الصابرين، وأن الله ولي المتقين، وأنه وليٌّ الذين آمنوا وأن اللهَ يدافع عن الذين آمنوا... اجتهدوا ليتصفوا بكل هذه الصفات، ابتغاء مرضاته، وحبه، وولايته لهم، ودفاعه عنهم.

أما إذا علموا أن الله لا يحب الخائنين، ولا الكافرين، ولا المتكبرين، ولا المعتدين، ولا الظالمين، ولا المفسدين، وأنه لا يحب كل خَوَّان كفور، أو من كان مختالاً فخورا... لابتعدوا قدر استطاعتهم عن كل هذه الصفات حباً في الله ورغبة في إرضاءه.

ز- لأنهم إذا أحبوا الله - جل وعلا - أطاعوا أوامره واجتنبوا نواهيه بطيب نفس ورحابة صدرº وشبٌّوا على تفضيل مراده على مرادهم، و\" تقديم كل غال وثمين من أجله، والتضحية من أجل إرضاءه، وضبط الشهوات من أجل نيل محبته، فالمُحب لمن يحب مطيع... أما إذا لم يحبوه شَبٌّوا على التفنن في البحث عن الفتاوى الضعيفة من أجل التَفَلٌّت من أمره ونهيه\"(2)

ح- لأن حب الله يعني استشعار أنه - عز وجل - يرعانا ويحفظنا في كل وقت ومكان، مما يترتب عليه الشعور بالراحة والاطمئنان والثبات، وعدم القلق أو الحزن... ومن ثم سلامة النفس والجسد من الأمراض النفسية والعضوية… بل والأهم من ذلك السلامة من المعاصي والآثام، فعلينا أن نفهمهم أن \" مَن كان الله معه، فمَن عليه؟!!! ومَن كان الله عليه فمَن معه؟!!!

ط-لأن هناك نماذج للمسلمين ترى كاتبة هذه السطور أن الحل الجذري لمشكلاتهم هو تجنب تكرارها، بتربية الطفل منذ نعومة أظفاره على محبة الله - تعالى -.

و من هذه النماذج على سبيل المثال لا الحصر:

* الذين يفصِلون الدين عن الدنيا، ويعتقدون أن الدين مكانه في المسجد، أو على سجادة الصلاة فقط، ثم يفعلون بعد ذلك ما يحلو لهم.

** الذين يسيئون الخُلُق داخل بيوت الله- ولا يستثنون من ذلك المسجد الحرام ولا المسجد النبوي!!! - وفي مجالس العلم، ظانِّين أن التعاملات اليومية والأخلاق لا علاقة لها بالدين.

*** الذين يتركون أحد أركان الإسلام مع استطاعتهم - وهي فريضة الحج- بدعوى أنهم ليسوا كبار السن وأن أمامهم حياة طويلة سوف يذنبون فيها، ولذلك سوف يحجون عندما يتقدم بهم العمر، ويشيب الشعر، ليمسحوا كل الذنوب الماضية في مرة واحدة!!!

**** اللواتي ترفضن الحجاب بدعوى أن قلوبهن مؤمنة، وأن صلاح القلوب أهم من المظهر الخارجي، غافلات -أو متغافلات- عن كونه أمراً من الله - تعالى -وفرضاً كالصلاة!!! وكذلك الآباء والأمهات والأزواج الذين يعارضون، بل ويحاربون بناتهم وزوجاتهم في ارتداء الحجاب!!!

***** الذين يعرضون عن مجالس العلم الشرعي، وكل ما يذكرهم بالله - تعالى -، قائلين أن \"لبدنك عليك حقا\"، وأن\"الدين يسر\"، و\"لا تنس نصيبك من الدنيا\"، بينما ينسون نصيبهم من الآخرة!!!

****** الذين ينبهرون بمظاهر الحضارة الغربية، وبريقها الزائف، فينفصلون عن دينهم تدريجياً ويظل كل ما يربطهم به هو الاسم المسلم، أو بيان الديانة في جواز السفر!!! ومنهم الذين تغمرهم هذه المظاهر حتى تصل بهم إلى الردة عن الدين- والعياذ بالله- ويصبح اسم الواحد منهم \"ميمي \" أو \" مايكل \" بعد أن كان \" محمداً \"!!!

ح- لأن أعز ما يملكه الإنسان - بعد إيمانه بالله - عز وجل - هو الكرامة \" وليس المال أو المنال، أو الجاه أو القدرة... فالمجرم يتعذب في داخله قبل أن يحاسبه الآخرون، لأنه على بصيرة من قرارة نفسه التي تحس بغياب الكرامة بفعل الأفعال الدنيئة، أما الإنسان المحترم الذي يحس بوفرة الكرامة لديه، فإنه أحرى أن يعتلي القمم السامية والمنازل الرفيعة... وهكذا كان شأن « يوسف » الصدِّيق - عليه السلام - حين توسم فيه عزيز مصر أن ينفعه ذات يوم، ويكون خليفة له على شعبه، أو يتخذه ولداًº لذا فقد قال لامرأته حين أتى بيوسف مستبشراً به: {أكرِمي مثواه} أي أكرمي مكانته، واجعليه محط احترام وتقدير، ولم يوصها بأي شيء آخر... فلعله رأى أن التربية القائمة على أساس الكرامة تنتهي بالإنسان إلى أن يكون عالماً، وقادراً على أًن يتخذ القرارات السليمة وفقاً لأسس وقواعد التفكير الحكيم، هذا بالإضافة إلى قدرته على وضعها موضع التنفيذ \" (3)

فإذا أردنا الكرامة ونتائجها لأطفالنا فما أحرانا بأن نهبها لهم من خلال حبهم لخالق الكرامة الذي كرَّم أباهم آدم وأسجد له الملائكة، وقال عنهم: {ولقد كرَّمنا بني آدم}... وإذا أردنا لهم الدرجات العُلا في الدنيا والآخرة، فلا مفر من مساعدتهم على حب الله الذي يقودهم إلى التقوى، فيصبحوا من الذين قال عنهم: {إن أكرمكم عند اللهِ أتقاكم}

4- كيف نزرع حب الله - عز وجل - في قلوب أطفالنا؟

تحتاج هذه المهمة في البداية إلى أن يستعين الوالدان بالله القوي العليم الرشيد، فيطلبا عونه، ويسألاه الأجر على حسن تربية أولادهما ابتغاء مرضاته، ويرددان دائماً: {رب اشرَح لي صدري، ويسِّر لي أمري، واحلُل عقدةً من لساني يفقهوا قولي}º \" مع ضرورة بناء علاقات صحيحة وسليمة بين الأهل والأولاد \" (4) ثم بعد ذلك تأتي العناية، والاهتمام، واليقظة، والحرص من الوالدين أو المربين لأنهم سوف يتحدثون عن أهم شيء في العالم، وأهم ما يحتاج إليه طفلهمº لذلك فإنهم \" يجب أن يتناولوا هذا الموضوع بفهم وعمق وحب وود \" (5)... أما إن أخطأوا، فإن الآثار السلبية المترتبة على ذلك ستكون ذات عواقب وخيمة.

لذا يجب مراعاة متطلبات المرحلة العمرية للطفل، وسماته الشخصية، وظروفه... وكلما بدأنا مبكرين كان ذلك أفضل، كما أننا إذا اهتممنا بالطفل الأول كان ذلك أيسر، وأكثر عوناً على مساعدة إخوته الأصغر على حب الله - تعالى -º لأن الأخ الأكبر هو قدوتهم، كما أنه أكثر تأثيراً فيهم من الوالدين.

و يجب أيضاً اختيار الوقت والطريقة المناسبة للحديث في هذا الموضوع معهم... وفيما يلي توضيح كيفية تعليمهم حب الله في شتى المراحل:

أولاً: مرحلة ما قبل الزواج:

إن البذرة الصالحة إذا وضعت في أرض خبيثة اختنقت، وماتت، ولم تؤت ثمارها، لذا فقد جعل الإسلام حسن اختيار الزوج والزوجة من أحد حقوق الطفل على والديه، فقد قال الله - تعالى -في كتابه الكريم: {الطيباتُ للطيبين، والطيبون للطيبات}، وقال - صلى الله عليه وسلم -: (تخيَّروا لِنُطَفِكُم، فإن العِرق دسَّاس)، وقال أيضاً: (تُنكح المرأة لأربع: لمالها، وجمالها، وحسبها، ودينها، فاظفَر بذات الدين تَرِبَت يداك)، وروي عن الإمام جعفر الصادق أنه قال: قام النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - خطيباً، فقال: (أيٌّها الناس إياكم وخضراء الدٌّمُن. قيل: يا رسول الله، وما خضراء الدٌّمُن؟ قال: المرأة الحسناء في منبت السوء).

كما أكَّد - صلى الله عليه وسلم - على أن يكون الزوج مُرضياً في خُلُقه ودينه، حيث قال: (إذا جاءكم من ترضون خُلُقه ودينه فزوجوه)، وأردف - صلى الله عليه وآله وسلم - ذلك بالنهي عن ردّ صاحب الخلق والدين فقال: (إنّكم إلاّ تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير)، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: (من زوّج ابنته من فاسق، فقد قطع رحمها).

فإذا اختلط الأمر على المقدمين على الزواج، فإن الإسلام يقدم لهم الحل في\" صلاة الاستخارة\".

ثم يأتي بعد حُسن اختيار الزوج أو االزوجة: الدعاء بأن يهبنا الله الذرية الصالحة، كما قال سيدنا زكريا - عليه السلام - مبتهلاً: {رب هَب لي ِمن لَدُنكَ ذُرِّيَةً طيبةً إنك سميعُ الدعاء}، وكما دعا الصالحون: {ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما}.

ثانياً: مرحلة الأجِنَّة:

تقترح كاتبة هذه السطور على كل أم مسلمة تنتظر طفلاً أن تبدأ منذ علمها بأن هناك رزق من الله في أحشائهاº فتزيد من تقربها إلى الله شكراً له على نعمته، واستعداداً لاستقبال هذه النعمة، فتنبعث السكينة في قلبها، والراحة في نفسها، مما يؤثر بالإيجاب في الراحة النفسية للجنينº كما يجب أن تُكثر من الاستماع إلى القرآن الكريم، الذي يصل أيضاً إلى الجنين، ويعتاد سماعه، فيظل مرتبطاً به في حياته المستقبلة إن شاء الله.

ولنا في امرأة عمران- والدة السيدة مريم- الأسوة الحسنة حين قالت: {ربِّ إني نَذَرتُ لك ما في بطني مُحرَّراً، فتقبل مني إنك أنت السميع العليم}، فكانت النتيجة: {فتقبَّلها ربٌّها بقَبول حَسَن}.

ولقد أثبتت التجربة أن أفضل الطعام عند الطفل هو ما كانت تُكثر الأم من تناوله أثناء حملها بهذا الطفل، كما أن الجنين يكون أكثر حركة إذا كان حول الأم صخباً أو ضجة، وهذا يعني تأثر الجنين بما هو حول الأم من مؤثرات.

(وهاهي الهندسة الوراثية تؤكد وجود الكثير من التأثيرات التي تنطبع عليها حالة الجنين، سواء أكانت هذه التأثيرات بيولوجية، أو سيكولوجية، أو روحية، أو عاطفية.

ونحن نطالع باستمرار مدى تأثر الجنين بإدمان الأم على التدخين، فإذا كان التدخين يؤثر تأثيراً بليغاً على صحة الجنين البدنية، فَتُرى ما مدى تأثره الأخلاقي والروحي بسماع الأم للغيبة أو أكلها للحم الخنزير، أو خوضها في المحرمات وهي تحمله في أحشائها؟! ) (6)

ويؤكد الدكتور \"علاء الدين القبانجي\" (7) هذا بقوله: \" هناك خطأ كبير في نفي التأثير البيئي على النطفة، في نفس الوقت الذي نلاحظ فيه التأثير ا لبيئي على الفرد ذاته سواء بسواء، ولن تتوقف النطفة عن التأثر بالمنبهات الكيماوية - بما فيها المواد الغذائية والعقاقير- أو بالظروف البيئية، بل ستظل تتأثر بقوة التوجه إلى الله أيضا، فروح الاطمئنان والتوجه إلى الله - تعالى -تخفف من التوترات والتفاعلات النفسية المضطربة.

ويضيف فضيلة الشيخ \"علي القرني\": \" أثبت العلم الحديث أن للجنين نفسية لا تنفصل عن نفسية أمه، فيفرح أحياناً، ويحزن أحياناً، وينزعج أحياناً لما ترتكبه أمه من مخالفات كالتدخين مثلاً، فقد أجرى أحد الأطباء تجربة على سيدة حامل في شهرها السادس وهي مدمنة للتدخين، حيث طلب منها الامتناع عن التدخين لمدة أربع وعشرين ساعة، بينما كان يتابع الجنين بالتصوير الضوئي، فإذا به ساكن هادئ، حتى أعطى الطبيب الأم لفافة تبغ، فما إن بدأت بإشعالها ووضعها في فمها حتى بدأ الجنين في الاضطراب، تبعاً لاضطراب قلب أمه.

كما أثبت العلم أيضاً أن مشاعر الأم تنتقل لجنينها، فيتحرك بحركات امتنان حين يشعر أن أمه ترغب فيه ومستعدة للقائه، بينما يضطرب وينكمش، ويركل بقدميه معلناً عن احتجاجه حين يشعر بعدم رغبة أمه فيه... حتى أن طفلة كانت أمها قد حملتها كُرهاً، وحاولت إسقاطها، دون جدوى، فلما وضعتها رفضت الطفلة الرضاعة من أمها، فلما أرضعتها مرضعة أخرى قبلت!!! ولكنها عادت لرفض الرضاعة مرة أخرى حين عصبوا عيني الطفلة، ثم أعطوها لأمها كي ترضعها!!! \" (8)

بينما نرى أماً أخرى حرصت- منذ بداية الحمل- على تلاوة القرآن والاستماع له في كل أحوالها... قائمة، وقاعدة، ومضطجعة، فكانت النتيجة أن وضعت طفلاً تمكن بفضل الله - تعالى -من ختم القرآن الكريم حفظاً، وتجويداً، وهو في الخامسة من عمره!!! فتبارك الله أحسن الخالقين\" (9)

مما تقدم نخلص إلى أن تربية الطفل تبدأ من مرحلة الأجنة، \" فإذا نشأ الجنين في بطن أمه في جو من الهدوء والسكينة - وخير ما يمنحهما هو القرب من الله - سبحانه - فإنه يستجيب بإذن ربه، ويعترف بفضل أمه عليه، ويتمتع بشخصية سوية ونفسية هادئة، يقول لسان حاله: {هل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟!!! } \" (10)

ثالثا: مرحلة مابعد الوضع حتى السنة الثانية:

\" بعد أن يولد الطفل ويبدأ بالرضاعة والنمو يكون أشد استقبالاً لمتغيرات الحياة من الشاب البالغ، لأن الوليد يكون مثل الصفحة البيضاء الجاهزة لاستقبال خطوط الكتابة، بينما يكون الشاب البالغ قد أوشكت قناعته على الاكتمال، فيصبح من الصعب التلاعب بها أو محوها \" (11)

لذا يجب أن نرقيه بالرقية الشرعية (المأخوذة من الكتاب والسنة المطهرة)، ونسمع معه التلاوات القرآنية لشيوخ ذوي أصوات ندية، كما نُكثر من الاستغفار والتسبيح والتحميد والتهليل والحوقلة ونحن نحمله، حتى تحُفٌّه الملائكة، ويتعود سماع مثل هذه الكلمات النورانية.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply