قال الحافظ ابن رجب الحنبلي:
المواعظ سياط تضرب بها القلوب ، فتؤثر في القلب كتأثير السياط في اليدن، والضرب لا يؤثر بعد انقضائه كتأثيره في حال وجوده، لكن يبقى أثر التألم بحسب قوته وضعفه، فكلما قوي الضرب كانت مدة الألم أكثر ، كان كثير من السلف إذا خرجوا من مجلس سماع الذكر خرجوا عليهم السكينة والوقار، فمنهم من كان لا يستطيع أن يأكل طعاماً عقب ذلك، ومنهم من كان يعمل بمقتضى ما سمعه مدة.
أفضل الصدقة تعليم جاهل، أو إيقاظ غافل، ما وصل المستثقل في نوم الغفلة بأفضل من ضربهبسياط الوعظ ليستيقظ.
إنما التأديب بالسوط من صحيح البدن، ثابتالقلب، قوي الذراعين، فيؤلم ضربه فيردع. وأما من هم سقيم البدن لا قوة له، فماذا ينفع تأديبه بالضرب؟ كان الحسن إذا خرج إلى الناس كأنه رجل عاين الآخرة ثم جاء يخبر عنها، وكانوا إذا خرجوا من عنده كانوا لا يعدون الدنيا شيئاً.
قال بعض السلف: إن العالم إذا لم يرد بموعظته وجه الله زلت موعظته عن القلوب كما يزل القطر على الصفا.
المواعظ ترياق القلوب، فلا ينبغي أن يسقي الترياق إلا طبيب حاذق معافى فأما لديغ الهوى فهو إلى شرب الترياق أحوج من أن يسقيه.
وغير تقي يأمر الناس بالتقى طبيب يداوي الناس وهو سقيم
ياأيها الناس الرجل المعلم غيره هلا لنفسك كان ذا التعليم
فابدا بنفسك فإنهها عن غيها فإذا انتهت عنه فأنت حكيم
فهناك يقبل ما تقول ويقتدي بالقول منك وينفع التعليم
لا تنه عن خلق وتأتي مثله عار عليك إذا فعلت عظيم
يقول الأستاذ عبد الرحمن النحلاوي:
يعتمد الوعظ من الناحية النفسية والتربوية على أمور أهمها:
1- إيقاظ عواطف ربانية كانت قد ربيت في نفس الناشئين بطريق الحوار، أو العمل والعبادة والممارسة أو غير ذلك : كعاطفة الخضوع لله، والخوف من عذابه، أو الرغبة في جنته، وكذلك يربي الوعظ هذه العواطف وينميها، وقد ينشئها من جديد.
2- الاعتماد على التفكير الرباني السليم الذي كان الموعظ قد ربى عليه ، وهو التصور السليم للحياة الدنيا والآخرة ، ودور الإنسان أو ظيفته في هذا الكون ، ونعم الله، وأنه خلق الكون والموت والحياة.
3- الاعتماد على الجماعى المؤمنة، فالمجتمع الصالح يوجد جواً يكون الوعظ فيه أشد تأثيراً، وأبلغ في النفوس، لذلك جاءت معظم المواعظ القرآنية والنبوية بصيغة الجماعة كقوله تعالى : (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ۚ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا)
وكالحديث : (وعَظَنَا رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- مَوْعِظَةً وجِلَتْ منها القلوبُ، وذَرَفَتْ منها العيونُ ، قال : فقلْنَا : يا رسولَ اللهِ، كأَنَّ هذه مَوْعِظَةُ مُودِّعٍ فَأَوْصِنا...).
4- ومن أهم آثار أسلوب الموعظة: تزكية النفس وتطهيرها، وهو من الأهداف الكبرى للتربية الإسلامية، وبتحقيقه يسمو المجتمع، ويبتعد عن المنكرات وعن الفحشاء، فلا ينبغي أحد على أحد، ويأتمر الجميع بأمر الله بالمعروف والعدل والصلاح والبر والإحسان، وقد جمعت هذه المعاني في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ).
وقد اشتمل القرآن الكريم على جمع مستكثرة من المواعظ العالية الغالية.
- فمن ذلك قوله تعالى : (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا * الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۗ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا * وَالَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ ۗ وَمَن يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا).
- وقوله تعالى : (لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا ۖ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ ۗ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ).
- ومن ذلك قول تعالى : (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ۚ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا).
- ومن ذلك قوله عز وجل: (وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ ۖ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ * وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ۖ وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ۖ وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ۚ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ * يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ * يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا أَصَابَكَ ۖ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ * وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ * وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ ۚ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ).
والقرآن كله مواعظ للمتقين كما قال تعالى: (هَٰذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ). ولقد كان وعظ النبي صلى الله عليه وسلم على أرقى مستوى وأعلى درجة ، فكان يأسر بوعظه قلوب السامعين، فإما مناً بعد وإما فداء.
وغاية الواعظ أن يصل بمن وعظه إلى الخشية الحقيقية التي تحتمع في وجل القلب، ودمع العين، وأن يتذكروا أمور الآخرة فكأنهم يرونها رأي العين، وهكذا كان وعظ النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث العرباض بن سارية قال: (وعَظَنَا رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- مَوْعِظَةً وجِلَتْ منها القلوبُ، وذَرَفَتْ منها العيونُ ، قال : فقلْنَا : يا رسولَ اللهِ، كأَنَّ هذه مَوْعِظَةُ مُودِّعٍ فَأَوْصِنا...) الحديث.
وكذا في قصة حنظلة عندما قارن بين حال قلبه في مجلس وعظ رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندما يفارق هذا المجلس إلى مجالسة الزوجات والأولاد، فقال: نكون عندك تذكرنا بالنار والجنة حتى كأنها رأي عين، فإذا خرجنا من عندك عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات، نسينا كثيراً.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (...وَالَّذِي نَفْسِي بيَدِهِ، إنْ لَوْ تَدُومُونَ علَى ما تَكُونُونَ عِندِي وفي الذِّكْرِ، لَصَافَحَتْكُمُ المَلَائِكَةُ علَى فُرُشِكُمْ وفي طُرُقِكُمْ، وَلَكِنْ يا حَنْظَلَةُ سَاعَةً وَسَاعَةً، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ).
وقد كان لوعظه صلى الله عليه وسلم سمات:
- فمن ذلك أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يكثر عليهم فيملوا، بل يجعلهم دائماً متشوقين إلى وعظه صلى الله عليه وسلم.
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتخولنا بالموعظة في الأيام مخافة السام علينا، أو قال : السآمنة علينا.
ومن فقه الرجل تقصير الخطبة، وإطالة الصلاة.
من هديه صلى الله عليه وسلم في الوعظ أنه كان يؤثر في الصحابة رضي الله عنهم بقوة يقينه وتأثره، وكان يرفع صوته ويحرك يديه كأنه منذر جيش.
عن ابن عمر رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآيات يوماً على المنبر: (وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون). ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هكذا بيده يحركها يقبل بها ويدبر: يمجد الرب نفسه: أنا الجبار، أنا المتكبر، أنا الملك، أن العزيز، أنا الكريم، فرج برسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر حتى قلنا ليخرن به. أساقط هو برسول الله صلى الله عليه وسلم.
يقول الدكتور عبد الله ناصح علوان: ولا يتصف الواعظ الداعية بهذا التأثير إلا أن يكون مخلص النية، رقيق القلب خاشع النفس، طاهر السريرة، مشرق الروح.
وفرق كبير بين داعية يتكلم بلسانه وهو متصنع بالكلام ليسبي به قلوب الرجال، وبين داعية مؤمن مخلص مكلوم القلب على الإسلام، يتكلم بنبضات قلبه ولواعج حزنه وأساه لما آل إليه حال المسلمين، فلا شك أن تأثير الثاني أبلغ، والاستجابة إليه أقوى، والاتعاظ بكلامه أعظم.
قال عمر بن ذر لأبيه: يا أبت ما لك إذا تكلمت أبكيت الناس، وإذا تكلم غيرك لم يبكهم؟ فقال: يا بني ليست النائحة الثكلى مثل النائحة المستأجرة.
-ومن هديه صلى الله عليه وسلم في الوعظ أنه كان يستعين أحياناً بضرب الأمثال، كما قال صلى الله عليه وسلم : (مثل الجليس الصالح والجليس السوء، كحامل المسك ونافخ الكير فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تشم منه رائحة طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تشم منه رائحة خبيثة).
- ومن هديه صلى الله عليه وسلم في المواعظ أنه كان يستعين أحياناً بالرسوم الإيضاحية، روى البخاري في صحيحه عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطأً مربعاً، وخط خطاً في الوسط خارجاً منه، وخط خطوطاً صغاراً إلى هذا الذي في الوسط من جانبه الذي في الوسط. فقال: (هذا الإنسان وهذا أجله محيط به ، أو قد أحاط به، وهذا الذي هو خارج –أي عن الخط- أمله، وهذه الخطوط الصغار الأعراض، فإن أخطأه هذا نهشه هذا، وإن أخطأه هذا نهشه هذا).
- ومن هديه صلى الله عليه وسلم: أنه كان يعلمهم بالدرس العملي، كما في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ أمام جمع من الناس ثم قال: (من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه).
- وصلى مرة صلى الله عليه وسلم بالناس إماماً وهو على المنبر ليروا صلاته كلهم، وليتعلموا من أفعاله ومشاهداته، فلما فرغ أقبل على الناس فقال: (يا أيها الناس إ،ما صنعت هذا لتأتموا بي ولتعلموا صلاتي).
- ومن هديه صل الله عليه وسلم أنه كان إذا أراد أن ينهى عن شيء فربما أخذه بيده، وبين حرمته ليكون أوقع في نفوس أصحابه:
عن علي رضي الله عنه قال: (أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم حريراً بشماله وذهباً بيمينه، ثم رفع بهما يده فقال: (إن هذين حرام على ذكور أمتي حل لإناثهم).
- ومن هديه صلى الله عليه وسلم في الوعظ استعمال التكرار المفيد للترغيب أو الترهيب.
يقول الأستاذ عثمان قدري مكانسي:
وبهذا الأسلوب الواضح المستأني، وبهذا التكرار المفيد يستوعب الصحابة الحديث فيحفظونه، وتثبت ألفاظه ومعانيه في العقل، وتنغرس الأفكار وظلالها، والألفاظ وإيحاءاتها في النفوس، ويتمثلون حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عملاً وتطبيقاً في مجال حياتهم، ثم تصل إلينا نقية لا شائبة فيها، حية بحيوية حامليها.
ومن الأحاديث التي ترى فيها صدق ما ذكرته سابقاً: ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (رغم أنفه ، رغم أنفه، رغم أنفه).
قالوا : يا رسول الله من ؟
قال: (من أدرك والديه عنده الكبر – أو أحدهما- فدخل النار).
أيه قشعريرة أخذتني وأنا أقرأ هذا الحديث، فأفاجا بقوله صلى الله عليه وسلم : (رغم أنفه) تتكرر ثلاث مرات ، وأن بعيد عن زمان الحديث ألفاً وأربعمائة وست عشرة سنة، فمادت بي الأرض.
ومن هذا القبيل قوله صلى الله عليه وسلم : (ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ؟ ثلاثاً ، قالوا : بلى يا رسول الله ، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وجلس وكان متكئاً فقال: ألا وقول الزور، قال: فما زال يكررها حتى قلنا : ليته سكت).
- ومن ذلك: الترغبي ببيان عظم الثواب، والترهيب بالتخويف من شدة العقوبة.
فمن الأول قول صلى الله عليه وسلم : (من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الفجر في جماعة فكأنما قام الليل كله).
ومن الثاني قوله صلى الله عليه وسلم : (لا يدخل الجنة قتات ) أي : نمام.
- ومن ذلك استعمال القسم لتأكيد ما يريد بيانه، كما قال صلى الله عليه وسلم : (والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب فيحتطب ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها، ثم آمر رجلاً فيؤم الناس، ثم أخالف إلى رجال فأحرق عليهم بيوتهم).
وكذا قوله صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ، ولبكيتم كثيراً) فغطى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وجوههم ولهم خنين) وهو البكاء الذي ينتشر من الأنف بغنة.
- ومن ذلك التحديد بالعدد حتى يسهل على أصحابه الحفظ وعدم تلفت شيء منهم، كما قال صلى الله عليه وسلم : (ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم، ولا ينظر إليهم ، ولهم عذاب أليم. فقالوا: من هم يا رسول الله ؟ فقال: شيخ زان، وملك كذاب، وعائل مستكبر).
- ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : (سبعة يظلمهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله عز وجل، ورجل قلبه معلق بالمساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه).
- ومن ذلك الترقي من المهم إلى الأهم، فإذا وجد العبد إنساناً تاركاً للصلاة، ومسبل الإزار، أو يتختم بالذهب، والثلاثة من المحرمات، إلا أن ترك الصلاة أخطر الثلاثة – وقد اختلف العلماء في تكفير تارك الصلاة – فعلى الداعي أن ينصح بالمداومة على الصلاة أولاً، ثم إذا معاذاً إلى اليمين قال: (إنك تأتي قوماً أهل كتاب، فليكن أو ما تدعوهم إليه أن يوحدوا الله تعالى، فإذا عرفوا الله فأخبرهم أن الله فرض عليهم خمس صلوات في يومهم وليلتهم، فإذا صلوا فأخبرهم أن الله افترض عليهم زكاة في أموالهم، تؤخذ من غنيهم فترد على فقيرهم، فإذا أقروا بذلك فخذ منهم، وتوق كرائم أموال الناس).
ومن هديه صلى الله عليه وسلم أنه كان يخاطب الناس على قدر عقولهم:
وقد قيل : ما أنت بمحدث قوماً حديثاً لا تبلغه عقولهم إذا كان فتنة لبعضهم.
وفي الأثر : حدثوا الناس على قدر عقولهم ، اتحبون أن يكذب الله ورسوله.
فمن ذلك ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: بال أعرابي في المسجد، فقام الناس إليه ليقعوا فيه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (دعوه، وأربقوا على بوله سجلاً من ماء – أو ذنوباً من ماء فإنما بعثتم ميسرين، ولم بعثبوا معسرين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد