إسلامية الأسرة وإسلامية المدرسة


  

بسم الله الرحمن الرحيم

يقول الله - تعالى -: {فمن اتّبع هداي فلا يَضِلّ ولا يشقى * ومن أعرض عن ذكري فإنّ له معيشةً ضَنكاً}.

 

الإسلام في حقيقة منهجه تربية وهداية. وإن على المسلمين في كل زمان ومكان تحمّلَ مسؤولية تطبيق منهج الإسلام التربوي إذ فيه الرحمة والهداية، والطمأنينة والسعادة، ويعصم من الضلال والشقاء.

 

وعلى المسلمين اليوم ـ وخاصّةً الآباء والأمهات ـ مسؤولية تربوية عظيمة تجاه الجيل الذي ائتمنهم الله ربٌّهم عليه. وتكمن عظمة هذه المسؤولية ـ بالإضافة إلى أنها تكليف شرعي في أن التحديات الفكرية والتربوية للجاهلية المعاصرة خطيرة تكاد تودي بالجيل برُمّته نحو الهلاك والضياع.

 

ومن هنا نتوجّه بالخطاب إليكم ـ أيها الآباء والأمهات ـ لكي تتحملوا مسؤولياتكم التربوية لئلا تبوؤوا بإثم تضييع أولادكم في متاهات الضلال الفكري العارم أو أمواج الفساد والإباحية المتلاطمة. ونركز على مجالين من محاضن التربية.

 

الأول: الأسرة وذلك بأن تهتموا بتوفير الجو الإسلامي فيها. أو بمعنى آخر أن تعطوهم نموذجَ الإسلام عقيدةً وفكراً وسلوكاً وأخلاقاً من خلال علاقاتكم معهم. وهذا يقتضي منكم أن تكونوا أنتم أولاً قدوةً في فهمكم للإسلام، وفي معلوماتكم عن أحكامه وتعاليمه وأخلاقه، وفي تطبيقكم لفرائضه: في أدائكم للصلاة ودفعكم للزكاة وصيامكم لرمضان وبُعدكم عن الحرام، وقيامكم بفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأخيراً في حُسن تربيتهم والحرص على التعامل الخُلُقي الرفيع معهم. إنكم إن فعلتم ذلك فقد قمتم بالأمان وأحسنتم إدارة مصنع الأجيال، مصنع الأسرة، تلك الركيزة الأساسية في بُنية المجتمع والمِدماك الصٌّلب في صَرحه.

 

كما أنكم تكونون قد أفشلتم ما يخطِّطُ له الأعداء الماكرون من تقويض الأسرة، ولا ينبغي لكم أن تنسَوا التوصيات ـ فضلاً عن الأهداف ـ التي صدرت عن مؤتمر السكان الدَّولي ومؤتمر المرأة في بكّين بالصين قبل سنوات.

 

والثاني: المدرسة وذلك بأن تهتموا باختيار مدارسهم بحيث تكون مدارس تهتم بالدين وتعليم عقيدته والتربية على أخلاقه، وإلا تفعلوا تكونوا قد أذهبتم جهودكم هباءً وورّطتم أنفسكم في حساب شديد بين يدي رب العالمين يوم لا ينفع ندم ولا حسرة، وما ذلك إلا لهَول الحساب وعِظَم الموقف ولأنه يومٌ فَصلٌ وليس هو بالهزل.

 

وهنا يجب أن تعلموا أن المدارس الإرسالية واللادينية لها أهداف خطيرة، على رأسها: سَلخ أبنائكم وبناتكم عن الإسلام وتشويه عقيدته وأخلاقه، ثم نشر الفساد وتشجيع الرذيلة والسفور مما يتنافى مع الأخلاق الفاضلة وتعاليم ديننا الراقية.

 

ولا نقول هذا الكلام من قبيل الافتراء ـ معاذ الله ـ فها هو أحد المفكرين الغربيين واسمه \"جب\" يقول في كتابه \"إلى أين يتجه الإسلام\": لقد استطاع النشاط التعليمي والثقافي عن طريق المدارس العصرية والصحافة أن يترك في المسلمين أثراً يجعلهم يَبدون في مظهرهم العام لا دينيِّين إلى حدّ بعيد.

 

وقد ذكر العلاّمة المفكِّر الشيخ عبد الرحمن حَبَنَّكة في كتابه \"أجنحة المكر الثلاثة\": أن إحصائيات أجريت في الأردن في السبعينات كشفت عن وجود (140) مدرسة أجنبية!! وعدد الطلاب والطالبات من أبناء المسلمين يزيد على ثلاثين ألفاً بينما المعلمون والمعلمات معظمهم من غير المسلمين!!

 

فما هي أرقام الإحصائيات ـ يا تُرى ـ بعد 30 عاماً؟!

 

لقد نجح الأعداء في تأسيس مدارس كثيرة في بلدان العالم الإسلامي، من دُور الحضانة حتى شهادة الدراسة الثانوية، وأتقنوا بناءها ونظامها واجتذبوا إليها أعداداً هائلة من أبناء وبنات المسلمين، وكان من ثمراتها إخراجُ أجيال متنكِّرة لدينها، ولأمّتها، ولأوطانها، تابعة للغرب، متشبِّثة بذيول الحضارة الأوروبية وبريق ألوانها مع ما فيها من انحلال وفوضى خُلُقية وسلوكية ـ (على حدّ قوله - حفظه الله - وبارك له في عمره)..

 

أيها الآباء والأمهات، يا أمل الإسلام: إننا ـ بما تقدّم ـ نتطلّع إلى جهودكم الخيِّرة وإلى قوة عزمكم لتُحسنوا تربية أولادكم وبناتكم وتقوموا بأمانة بناء جيل الإسلام المنشود لئلا يتيه في مهبّ رياح اللامبالاة والضياع أو يذوب في إكسير حوامض الفساد والشهوات، والنتيجة ستكون الخسارة وحياة الشقاء والذلّ في الدنيا، ثم نارٌ شديدٌ عذابُها أليمٌ لَذعها وتحريقُها في الآخرة كما قال - تعالى -: {يا أيها الذين آمنوا قُوا أنفسكم وأهليكم ناراً وَقُودها الناسُ والحجارة}

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply