عيسى عليه السلام قدوة المربين


 

بسم الله الرحمن الرحيم

لاشك أن الداعية يجب عليه أن يحرص في التجميع على العنصر الصافي الذي رعاه الله - تعالى - منذ طفولته ورباه وعصمه وأبعده عن الشهوات والرعونات والفتن، ولكن نجاح العملية التربوية في التجريب الإسلامي دل على أن أكثر من يفسق تجد بذرة الإيمان كامنة فيه، ويمكنك إصلاحه ببيان طريق التوبة له.

وبذلك كان إصلاح الفساق من قواعد الدعوة الإسلامية وأصولها، وبات الداعية الذي ينزوي لندرة المعادن الصافية معاباً. بل بذلك بات الجانب الإصلاحي في العلميات التربوية في الدعوة الإسلامية شطرا مهماً فيها من بعد شطر التربية التكميلية التي تتولى تنقية العناصر الصافية وتوعيتها وتكميل ما ينقصها من فنون العمل أو صفات الإيمان العالية.

 

ومع أن تاريخ هذه التربية الإسلامية الإصلاحية يرتقي إلى النبوات الأولى، إلا أن عيسى - عليه السلام - هو الذي شهر بها وصار قدوة المربين. فمما يتداوله أهل المواعظ: (أن يحيى وعيسى عليهما السلام كانا يصطحبان في السياحة، فإذا بلغا قرية أو مدينة يقول عيسى: دلوني على أفجر رجل في هذه المدينة وأطغاه.

ويقول يحيى: دلوني على أبر رجل وأتقاه. فيقول يحيى لعيسى: يا ابن خالة، ما لك لا تنزل على الأبرار والأتقياء؟ فيقول: إنما أنا طبيب أعالج أهل البلوى، و أداوي المرضى)(1).

 

ولا نقول للداعية اليوم أن يضيع وقته وجهده في التفتيش عن أفجر الرجال وأطغاهم ليصلحهم، فإن في الناس بقية خير واضحة بقرب وصولنا إن جعلناها ديدننا، وطغاة الرجال وفجارهم تصلحهم رهبة الشرع فيما بعد، ولكن نقول للداعية اليوم أنه طبيب وأن عليه أن لا ينسى مهمته هذه.

 

أنت طبيب أيها الداعية يراد منك أن تعالج بلوى الناس من هذا الإخلاد إلى الأرض، ومن هذه الفلسفات، والتجزيات الباطلة، والتردي في عبادة الدينار.

 

أد واجبك وفتش عن المرضى في بقية الخير هذه. إنها طائشة مختلطة مخلطة، لم تسلم السلامة الكاملة، ولم تسرف على نفسها، وفي إصلاحها وترتيبها أمل استئناف الحياة الإسلامية. لا تطل المكث عند الأتقياء من إخوانك كما كان يفعل يحيى، وإنما يكفيك معهم مجلس يسير يديم حبك لهم واتعاظك بمظهرهم وسمتهم.

 

أصرف وقتك مع المرضى معالجاً ومصلحاً. ومنهم هذه الناشئة المريضة.

هناك ناشئة من ذراري المسلمين بريئة كل البراءة، ويمكن أن تتحمل رحلة العودة إلى الإسلام، لكنها مريضة، أمرضتها مناهج الدراسة العلمانية التي تتستر بتدريس حصص الدين، وأمرضتها طوائف المدرسين الذين لا تحكم عملية اختيارهم قواعد صحيحة،وأمرضتها مناهج التلفزيون، وصور الصحف وغيرها.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply