بسم الله الرحمن الرحيم
السؤال
في حال وقوع الظلم أو الابتلاء بمصيبة ماذا يفعل الإنسان؟ بمعنى ما هي الأحاديث الصحيحة حول ماذا يفعل المسلم عند وقوع الظلم عليه من حاكم أو سلطة، وهو غير قادر على رد الظلم غير اللجوء إلى الله جل جلاله وكذلك ما الأدعية المعروفة في ذلك؟
الجواب
قبل الإجابة عن السؤال أذكر أخي السائل بأمرين:
01 أن ما يقع للإنسان في هذه الدنيا من مصائب وظلم ونحو ذلك مما ورد في السؤال، أقول قد يكون بسبب من الإنسان نفسه، كما قال الله - عز وجل-: \" وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفُ عن كثير \"[الشورى: 30]، ويقول أحد السلف: إني لأجد أثر الذنب في خُلق امرأتي ودابتي. فعلى الإنسان أن يراجع نفسه وأفعاله، فقد تكون هذه المصيبة تذكيراً وواعظاً له.
02 أن الابتلاء بظلم أو مصيبة قد أصاب الأنبياء والصالحين وخير الخلق، وكان هذا رفعة لهم في الدنيا والآخرة، كما جاء في الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: \" إذا أحب الله قوماً ابتلاهم، فمن صبر فله الصبر ومن جزع فله الجزع \" أخرجه الإمام أحمـد[23623] بإسناد صحيح. وعلى الإنسان الذي لم يرَ في حياته شيئاً من الابتلاء أن يراجع نفسه ويحذر عسى ألا يكون ذلك استدراجاً، فما من أحد إلا وقد ابتلي على قدر إيمانه، كما ورد في الحديث عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنهما - قال: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي الناس أشد بلاء؟ قال: \" الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، يُبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان دينه صلباً اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتلي على حسب دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يمشي على الأرض وما عليه خطيئة\" أخرجه الترمذي(2398) والنسائي في السنن الكبرى (7439)، وصححه الترمذي وابن حبان في صحيحه (2901. 2900) والحاكم في المستدرك (128. 127).
أما الإجابة عن سؤاله ماذا يفعل الإنسان حال وقوع الظلم أو الابتلاء بمصيبة؟ فقد بيّن الله - عز وجل - ذلك في قوله -تعالى-: \" الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون\".
يقول سعيد بن جبير: ما أعطي أحد ما أعطيت هذه الأمة، ثم ذكر الآية السابقة وقال: ولو أعطيها أحدٌ لأُعطيها يعقوب، ألم تسمع إلى قوله: \" يا أسفى على يوسف \". وعلى الإنسان أن يصبر ويحاول أن يصبّر نفسه ومن حوله وألا يجزع، ويتذكر ما أعد الله - عز وجل - للصابرين كما قال تعالى-: \" إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب\" ونحوها من الآيات.
وأما الأحاديث التي يسأل عنها مما جاء في الصبر فهي كثيرة جداً. فمن ذلك ما ورد في صحيح مسلم عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: \" عجباً لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له \". وفي الصحيحين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: \" ومن يتصبر يصبره الله، وما أعطي أحد عطاءً خيراً وأوسع من الصبر \". وفي الصحيحين أيضاً أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: \" ما يصيب المؤمن من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها إلا كفَّر الله بها من خطاياه \".
وعليه أن يتذكر الحديث الصحيح عن أم سلمة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: \" ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله -تعالى-: \" إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيراً منها، إلا أخلف الله له خيراً منها \". قالت أم سلمة: فلما مات أبو سلمة قلت: أي المسلمين خير من أبي سلمة! ثم إني قلتها، فأخلف الله لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -\" أخرجه مسلم.
وأما ما ذكره من وقوع الظلم عليه من حاكم أو سلطة فالجواب عليه داخل في ما تقدم ذكره، وهو نوع من المصائب التي عرضت لخير الناس وأفضلهم من الأنبياء والصالحين كما هو معلوم، فعليه أن يلجأ إلى الله - عز وجل - في دفع ما قد وقع به، وأن يسأله أن يكون ذلك خيراً له في الدنيا والآخرة، وليتذكر قول الله - عز وجل -:\" وعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً \"، والله أعلم.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد