بسم الله الرحمن الرحيم
كنت أتصفح يوماً أحد مواقع الشبكة العنكبوتية التي تُعنى بكتابة رسالة صغيرة في الواجهة الرئيسية.
استوقفتني تلك الرسالة مالم تستوقفني ملايين الرسائل السابقة في كل زيارة،
استوقفتني فقرأت ما بها، وشيء ما في داخلي..
هيا فلتقرؤها معي (المؤمن يستطيع أن يحتمل الجوع، ويستطيع أن يحتمل الحرمان...... هنا هنا وجِمَت بصمت، وفكري يدور كالرحى) المؤمن يستطيع أن يحتمل الحرمان) ياه ما أقسى الكلمة أمنعتني عن إكمال القراءة للرسالة بل حتى عن التصفح كله.
ياه ما أقسى الحرمان......... وما أشد وطأته!!
تُمحى كل المغالطات إلا الحرمان يبقى كملك قد كرهه من حوله رغم سطوته...
ينسى الفرد كل ما يصيبه إلا الحرمان يعاوده ذكراه عند كل ابتسامه...
أينما اتجهت رأيت صور الحرمان...
يحرم الوالد ابنه يحرم الفقير ماله يحرم السيد سؤدده يحرم الصغير أمه يحرم المبدع معينه يحرم الحبيب حبيبه.
لكن حرماناً قاسياً أعني...
حرماناً مؤلمٌ أصور هنا... فأرجوكم أدكوا أحرفي فكروا بقلوبكم... أرجوكم أيها القراء..
حين يكون الحرمان حرمان رضا المولى - جل وعلا - تكون المهلكة ولات حين مناص.
كل معاني الحرمان تتجسد في ساعة بلاءٍ, لا يُرفع، ونداءٍ, لا يُسمع
يارب لا تحرمنا رضاك ولا تمنعنا طاعتك، فلا مأمن إذن من سخطك، ولا مهرب من قيوميتك..
أعلمتم الآن ما سر حزني من هذه الكلمة (الحرمان) لقد نكأت كل الجراح وأعادت سواد الصور.
والله لن نستطيع تحمُل الحرمان.. ولو تحملناه لشقينا وأشقينا.
* حين نـُحرم الرضا... يضيع كل شيء
تختنق البسمات، تشتد البليّات، وتعظُم المهلكات.
* حين نـُحرم الرضا نفقد الإحساس بكل شيء
تضيع النيات، تتبعثر الأطروحات، وتنهار السامقات.
* حين نـُحرم الرضا.... ينتهي كل شيئ
تتمزق الأركان، وتصفق الأيدي خسارة الدنيا.
* حين نُحرم الرضا.. فطريقنا مسدود... وسؤالنا مردود.... ونورنا محجوب.... وهمنا مغلوب...
* حين نـحرم الرضا... لن نـحصد سوى الحسرة.. وما أشقانا!!.
**** أيها الإنسان أناجي قلبك..
فيا إنسان.. لا يُشقيك حرمان الرضا.
يا إنسان... كل جراح الحرمان تندمل إلا جُرح حرمان الرضا..
يا إنسان..... مسكين إن حُرمت الرضا فهمومك لمن تبثها!!
وأشجانك تبعثها لمن؟!!
كيف لا وقد حُرمت كل شيء.. أوليس الرضا كُل شيء
دموعك لمن... وشكواك إلى من....:
كيف لا وقد حرمت العطا من المعطي
كيف لا وقد قُوبلت بالجفا من رب الأرض والسماء.
كيف لا وقد فقدت المعين والمجيب والقريب والنصير والحبيب... فواه لك!!!!
أعلمت الآن ما أقسى حرمان الرضا. !!!
مصائب وابتلاءات.. محن وفاجعات تعصف بكل فردº تقذف به هنا وهناك، ولكن من سكن الرضا قلبه حوقلت أركانه وغشيته الرحمة،
فظل رغم الأذى يكسوه الرضا... ويا روعة ذلك!!!
من منا لم يئن من المصيبة، ويبكي الألم
من منا لم يمزقه حدث، ويهزمه جرح
والله لا أحد... أجزم بها على اختلاف الالآم
هنا فقط يفيض نور الرضا يهِبُه الله لمن يحب......... فما أروع الحب والرضا!!
فالرضا تمام المحبة ويعقبه الاقتراب فما أروع أن يقترب العبد من جلال المولى - جل وعلا - فيعيش عذب المحيا وإن تراءى للناس الشقاء.
أغلب الأشياء في هذا العالم المظلم تُبعدنا عن الرضا تجعلُنا نستسيغ الحرمان، ونحن بكل سذاجة نقبلها وبـحب أيضاً... ياه ما أشد سذاجتنا!!!!!
ولا نزال باعتبارنا لما نحن فيه متباينون، لا نزال أسارى أوهام براقة، ومتغيرات متعبة، وواقع مؤسف.
لماذا الإفاقة دائماً تكون متأخرة.. والبحث عنها مفقودٌ غالباً!!؟؟
إن القدرة الفائقة التي نحتاجها في ضبط أنفسنا وتوجيهها إلى الرضا ومنعها من الأنفة والجدال ليست قدرة مختلقة بل هي موجودة حين ندرك أن ثمة معنى دقيق لمفهوم الرضا لا يدركه إلا أولو الألباب.
ولأن ضئالة المرجو نحن الملامون عليه والسبب إغراءنا لأنفسنا و ترغيبها للبحث عن الرضا ضعيف واهن ضعف بيت العنكبوت.
اعتدنا على الخيالات لمتع الدنيا والتشهي بها، ودغدغة المشاعر بطلب كل جديد فن نتقنه... ويا حسرتنا!!...
واعتدنا أيضاً أن نحزن على فوات مال أو انقضاء مصلحة ولقد كان الأولى بنا أن نطالب النفس بالاستقصاء عن الرضا الذي ندُر الطالبون له تحت وطأة الجديد المؤلم، والمستقبل المميت،
وظل الرضا بعيد المنال رغم روعة معناه.
ولأن تشطير النفس في أعمالها ومقاماتها مهلك لها ولا عجب فالفخامة المطلوبة ليست في التشطيرº وإنما في تحديد توجه النفس في طلب الرضا والرضا فقط.
فإياك أن تكون من الحمقاء والسُذجّ وأرباب الهوى الذين لا يعقلون معنى حديثي هذا... معنى الرضا!!.
وإياك أن تكون كالغنم في الليلة الشاتية المطيرة.
وإياك أن تغلق الذهن وتدمغ الفكر عن جمال الرضا.
وإياك أن تكون جيفة بالليل حمار في النهار.
صحيح أن بعضنا ينظر إلى الحياة بمنظار ضيق أفقد قلبه هذا المعنى، وحرم نفسه من أروع طلب تدافع الصحابة من أجله نحو الموت ولم يأبهُوا بأقسى العذابات.
تعال معي واجعل بين يديك كتاب ربك..
واقرأ قوله - تعالى -... {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُم خَيرُ البَرِيَّةِ جَزَاؤُهُم عِندَ رَبِّهِم جَنَّاتُ عَدنٍ, تَجرِي مِن تَحتِهَا الأَنهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا - رضي الله عنهم - وَرَضُوا عَنهُ ذَلِكَ لِمَن خَشِيَ رَبَّهُ) سورة البينة
وأقرأ قوله - تعالى -. {{قَالَ اللّهُ هَذَا يَومُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدقُهُم لَهُم جَنَّاتٌ تَجرِي مِن تَحتِهَا الأَنهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا - رضي الله عنهم - وَرَضُوا عَنهُ ذَلِكَ الفَوزُ العَظِيمُ} (119) سورة المائدة
وأقرأ قوله - تعالى -. {{يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرتَدَّ مِنكُم عَن دِينِهِ فَسَوفَ يَأتِي اللّهُ بِقَومٍ, يُحِبٌّهُم وَيُحِبٌّونَهُ أَذِلَّةٍ, عَلَى المُؤمِنِينَ أَعِزَّةٍ, عَلَى الكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَومَةَ لآئِمٍ, ذَلِكَ فَضلُ اللّهِ يُؤتِيهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} (54) سورة المائدة
وأقرأ قوله - تعالى -. {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبٌّونَهُم كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدٌّ حُبًّا لِّلّهِ وَلَو يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذ يَرَونَ العَذَابَ أَنَّ القُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللّهَ شَدِيدُ العَذَابِ} (165) سورة البقرة 2222
وقوله - تعالى -. {فَأَنذَرتُكُم نَارًا تَلَظَّى لَا يَصلَاهَا إِلَّا الأَشقَى الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتقَى الَّذِي يُؤتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى وَمَا لِأَحَدٍ, عِندَهُ مِن نِّعمَةٍ, تُجزَى إِلَّا ابتِغَاء وَجهِ رَبِّهِ الأَعلَى وَلَسَوفَ يَرضَى} (21) سورة الليل
و قوله - تعالى -{لَا تَجِدُ قَومًا يُؤمِنُونَ بِاللَّهِ وَاليَومِ الآخِرِ يُوَادٌّونَ مَن حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَو كَانُوا آبَاءهُم أَو أَبنَاءهُم أَو إِخوَانَهُم أَو عَشِيرَتَهُم أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ, مِّنهُ وَيُدخِلُهُم جَنَّاتٍ, تَجرِي مِن تَحتِهَا الأَنهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا - رضي الله عنهم - وَرَضُوا عَنهُ أُولَئِكَ حِزبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزبَ اللَّهِ هُمُ المُفلِحُونَ} (22) سورة المجادلة
وقوله - تعالى -{فَاصبِر عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّح بِحَمدِ رَبِّكَ قَبلَ طُلُوعِ الشَّمسِ وَقَبلَ غُرُوبِهَا وَمِن آنَاء اللَّيلِ فَسَبِّح وَأَطرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرضَى} (130) سورة طـه
وقوله - تعالى -{وَلَسَوفَ يُعطِيكَ رَبٌّكَ فَتَرضَى} (5) سورة الضحى
وغيرها وغيرها... وأنت مسكين محروم حتى من التفكير في الرضا...
ياه ما أحقر عيش محروم الرضا!!.
لو أحتضن صدرك كل ما توده يبقى حرمانك الرضا متعباً ومنغصاً.
أرجوك لا تُحرم الرضا...
لا تُفرط في ساعة خلوة تُناجي نفسك وتسألها ترضيه المولى - جل وعلا -..
أولسنا نحب الله فلما لا نسترضيه حين أحببنا الأولاد استرضيناهم، وحين أحببنا الأزواج استرضيناهم فماذا عن الله - جل وعلا -...
دمعة تسأل الله الرضا أنفس من صدقات بثقل جبال تهامة......... فهل تعي معنى الرضا!؟.
أرجوك لا تُحرم الرضا...
من حُرم أمه لا يضره
من حُرم أباه والله لا يضره
من حُرمهما رغم قسوة الزمن والله لايضره مادام لم يُحرم الرضا من الله.. وأسالوا فاقداً مامعنى ألم الحرمان بين عينه يخبركم اليقين..
أقرأ كتب العقيدة وتعمق بالتوحيد فكر في ذات سمت وعلت أدركت بواطن الحجر
وبكل عظمتها ترضى عنك..
ومن أنت!!
شعور جميل حين تسعى له..
أرجوك لا تُحرم الرضا...
حين يمتلئ البحث عن الرضا قلبك.
حين تجتهد أركانك طلباً للرضا.
حين تتسامى نفسك نـحو الرضا.
حينها حتما ولابد ستسعد وربي وتصل...... ويربو قلبك على ذلك
يرضى عنك الله ويُرضيك و يُرضيك...
كل لمسة حانية...... كل بسمة رقيقة...... كل إعانة مبذولة...
تنتهي وتغيب إلا الرضا يُغنيك عن ذلك كله
فهل حقاً ستبحث عن الرضا... ستطلب الرضا...
مصادمات نشاهدها في المجتمع قلب نظرك لن تجد إلا ذلك ولأسباب قذرة، وحين تعيش مع الرعيل الأول بروعتهم وبشريتهم تعلم أن هناك فرق
بين من يتطلع إلى الرضا ومن حُرم منه!!!
يوم أعلن محمد - صلى الله عليه وسلم - حب معاذ - رضي الله عنه - أوصاه بالبذل ليعلو لمنزلة الرضا (يا معاذ والله إني لأحبك لا تدعن دبر كل صلاة أن تقول اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك) فهل أنت كمعاذ. !!!!!
وأعجوبة ضمنها النبي - صلى الله عليه وسلم - لأُبي بن كعب - رضي الله عنه - حين علم صدق طلبه للرضا
(ليهنك العلم أبا المنذر)
**** حتى لا تُحرم الرضا فكر بقلبك هُنا أرجوك....
• حين تقدم الإبداعات وتسعى للإنجازات... لا يعني ذلك أنك هٌديت إلى الرضا. حتى يعرف قلبك معنى الرضا ويطلبه.
• اعقد العزم بحب الله والعمل له وفق صحيح المنهج وكلك رجاء بالوصول إلى رضا الله.
• قال أبو موسى الأشعري - رضي الله عنه - (إنما تسبق من الخيل المُضًمّرة).
• قال حماد بن سلمه - رحمه الله - (مهما سبقت فلا تُسبًقنّ بتقوى الله).
• قال معاذ بن جبل - رضي الله عنه - (إن العلم والإيمان مكانهما من ابتغاهما وجدهما).
• قال - عليه الصلاة والسلام - (ما من مسلم يقول حين يمسي وحين يصبح رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا إلا كان حقا على الله أن يرضيه يوم القيامة) صحيح من طريق أبي سلام - رضي الله عنه -.
• اتجه إلى طريق الرضا وحتماً ستجده حين يكون في جوفك صدق الالتجاء إلى الله وسترى الرضا يغشاك والسعادة ترتع في قلبك...... وحينها ما أهنأ عيشك والله.
• قال - صلى الله عليه وسلم -: (إن المعونة تأتي من الله للعبد على قدر المؤنة، و إن الصبر يأتي من الله على قدر المصيبة) صحيح الجامع من طريق أبي هريرة - رضي الله عنه -.
• أصلح سريرتك ترزق بالرضا ولا بد.
• البحث عن مُعين يدفعك إلى الرضا مطلب مهم... يا باغي الرضا.
• حدد معيارك نـحو الوصول واسرح بفكرك نـحوه......... وأنا أجزم بوصولك.
• لابد أن تثري حياتك بكل ما يزيد من سموها ورفعتها.
• لا بد أن يكون توجهنا في الاتجاه الصحيح لما يزيد من أفق الخير والرضا....
• لا بد أن تطلب الرضا... لتنال القرب.
ختاماً:
(أسماء العظمة تملأ القلب تعظيماً وإجلالاً لله. وأسماء الجمال والبر والإحسان والرحمة والجود تملأ القلب محبة له، وشوقاً إليه، ورغبة بما عنده، وحمداً وشكراً له.
وأسماء العزة، والحكمة، والعلم، والقدرة تملأ القلب خضوعاً وخشوعاً وانكساراً بين يديه - عز وجل -.
وأسماء العلم، والخبرة، والإحاطة، والمراقبة، والمشاهدة تملأ القلب مراقبةً لله في الحركات والسكنات في الجلوات والخلوات، وحراسةً للخواطر عن الأفكار الرديئة، والإرادات الفاسدة.
وأسماء الغنى، واللطف، تملأ القلب افتقاراً، واضطراراً، والتفاتاً إليه في كل وقت وحال. )2
أسال الله لي ولكم الرضا.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد