بسم الله الرحمن الرحيم
إذن تعالوا أحبتي في الله نتأمل هذه الآيات
قال الله - تعالى -: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم \"وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خيرٌ لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شرٌ لكم والله يعلموا وأنتم لا تعلمون \".
وقال أيضاً - سبحانه وتعالى -: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم \" فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً\".
فإذا تفكرنا في الآيتين العظيمتين لوجدنا أن الآيتين الكريمتين تدعونا إلى عدم الحزن على أمر لم يتحقق, أ و مشروع لم يتم, أو نجاح لم يحرز, أو دراسة لم تستمر, أو أي أمر أهم بالإنسان وألم به وأحزنه وكدر عليه أيامه و لياليه بغض النظر عن طبيعة هذا الأمر سواء كان أمراً عظيماً أو غير ذلك فالبشر معرفتهم قاصرة ومحدودة فهم لا يعلمون أين الأصلح لهم والأفضل فقد يكون عدم إتمام الأمر وعدم حدوثه فيه خير كثير كدفعاً لبلاء كالعين مثلا وقد قال الرسول الكريم - صلى الله عليم وسلم -: \"إن العين لتورث الرجل القبر والجمل القدر \". (بما معناه)...أو أي بلاء أخر كهدم بيت أو قتل نفس أو غير ذلك من البلايا والمصائب التي تصيب الإنسان......... وأيضاً قد يكون عدم إتمام الأمر بسبب أن هناك أمر أفضل من الأمر المراد تحقيقه ولكننا بسبب معرفة البشر المحدودة والقاصرة يجهلونه أولا يرونه أولا يريدونه........ فقد قال الله - سبحانه وتعالى -: \" والله يعلم وأنتم لا تعلمون \" أيضاً قد يكون امتحان واختبار لقوة الصبر والإيمان بالقضاء والقدر فقد قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن الإيمان: \" الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وتؤمن بالقدر خير وشره \"..... أيضا قد يكون تكفير للذنوب فقد قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: \" ما أصاب المسلم من وصب ولا نصب ولا هم ولا حزن حتى الشوكة يشاكها إلا كفرت عن خطاياه \" (بما معناه) فهو تكفير لذنوبنا قبل أن نلقى الله - عز وجل - ونحن مثقلون بالذنوب وفي الآية الكريمة تنبيه آخر وهو عدم الفرح والمقصود به الفرح بسبب تحقق الأمور المرجوة ذلك الفرح الذي يصل إلى أن شخص يفقد صوابه من شدة الفرح.. ولكن حال المسلم إذا أصابه خيراً شكر وحمد الله - سبحانه وتعالى - وإذا أصابه شراً صبر وقد قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: \" عجباً لأمر المسلم إن أمره كله خير إذا أصابته سراء شكر وإذا أصابته ضراء صبر \" (بما معناه) - صلى الله عليه وسلم -وإذا تأمل القارئ للآيات الكريمات لوجد أن نهاية كل آية تشرح وتوضح و تلفت الأبصار وتنير العقول فهي تعقيب لما جاء قبلها قوله - تعالى -: \" والله يعلم وأنتم لا تعلمون\" و قوله - تعالى -: \"خيراً كثيراً \"........ فسبحانه وتعالى - فلم يقل \" خيراً \" ولكنه قال \" خيراً كثيرا ً \" ولنا أن نبحر بخيالنا ونتخيل كمية وكيفية هذا الخير الكثير......... والله أعلم
فلما الحزن و اليئس والهم على ما فات أو على مالم يحصل أو ما حصل أو ما قد يحصل
فل نبعد عن أنفسنا الحزن ولنتفاءل بالخير كرسولنا رسول الرحمة و البشرى محمد - صلى الله عليه وسلم -
وليكون حال لساننا يقول \" و الآخرة خيرٌ وأبقى \" .
ما أجمل تلك اللحظات التي يفر فيها العبد لربه ويعلم أنه وحده هو مفرج الكرب، وما أعظم الفرحة إذا نزل الفرج بعد الشدة، وقُرب الفرج وبُعده معلقٌ بدعاء العبد وعمله قبل الشدة, ومن منا له أياد مرفوعة في الرخاء والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول لابن عباس كما عند أحمد (تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة), وقال كما عند الترمذي عن أبي هريرة: (من سره أن يستجيب الله له عند الشدائد والكرب فليكثر الدعاء في الرخاء)
وعند ابن أبي حاتم والطبري وغيرهما عن أنس - رضي الله عنه -: (أن يونس - عليه السلام - لما دعا في بطن الحوت، قالت الملائكة يا رب هذا صوت معروف من بلاد غريبة، فقال الله - عز وجل -: أما تعرفون ذلك؟ قالوا ومن هو؟ قال عبدي يونس، قالوا عبدك يونس الذي لم يزل يرفع له عمل متقبل ودعوة مستجابة؟ قال نعم، قالوا يا رب أفلا ترحم ما كان يصنع في الرخاء فتنجيه من البلاء؟ قال بلى، قال: فأمر الله الحوت فطرحه بالراء) فبعمل يونس - عليه السلام - قبل الكربة شفعت له الملائكة فأنجاه الله.
أما فرعون إمام الكفر والعناد فبسبب سوء عمله وتجبره وتكبره لم يقبل الله منه يوم أن قال: (آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين) فقال الله له: (آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين) فلم يقبل الله منه توبته.
وكما شفعت الملائكة ليونس عند الله فإن الملائكة كرهت توبة فرعون كما جاء عند الترمذي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: (لما أغرق الله فرعون قال: (آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل) فقال جبريل: يا محمد فلو رأيتني وأنا آخذ من حال البحر فأدسه في فيه مخافة أن تدركه الرحمة) فالملائكة لم تشفع لفرعون بل ملئت فمه طيناً حتى لا ينطق بما يكون سبباً لرحمة الله له.
فمن عرف الله في الرخاء عرفه الله في الشدة.
وهذه وصية أوصى بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الغلام ابن عباس - رضي الله عنهما -، وكثير منا لا يعرف الله ولا يدعوه إلا إذا أصيب بمصيبة وهذا أمر لا ننكر فضله ولكن ينبغي على العبد أن يكون له ارتباط بربه ويتعرف عليه في الرخاء ليعرفه في الشدة وينجيه، أما أن يكثر العبد الغفلة ثم إذا مسه الضر دعا ربه منيباً إليه فهذه خصلة من خصال المشركين والله يقول عنهم: (فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون) .
فمن عرف الله في الرخاء ملئ الله قلبه يقيناً بالفرج وأن مع العسر يسرا، والثقة بقول الله - تعالى -: (أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء) لا تأتي إلا بعد معرفة لله في الرخاء وحسن صلة معه نسأل الله ألا يحرمنا قربه ومعرفته.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد