بسم الله الرحمن الرحيم
هل مررتَ يوماً بِحَجَر؟
ثم رأيته وَمَضَيتَ وخلّفته وراءك. ؟
هل سِرتَ بِطريق ذي عِوج..ورأيت فيه حُفَراً؟
ثم مَضَيتَ وتركتها، بعد أن تجنّبتَها..؟
هل احتجتَ يوماً لجهاز عام، أو خِدمة مُعينة.. فلم تحصل عليها؟
ثم تركت ذلك الجهاز إلى غيره.. أو ذلك المكان إلى سواه.. ؟
إنّك إن لم تُـزِل الـحَجَر تعثّرت به..
وإن لم تُصلح الخطأ.. وَقَعتَ به..
وإن لم يُصلَح الجهاز لم تستفِد منه
فلا تكن سلبيا.. بل كُـن إيجابياً..
إن مَرَرت بِحَجَر فأبعده عن الطّريق، ونـحِّـه عن المَارّة.
فقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن رجلا كان يمشي بِطَرِيقٍ, فَوَجَدَ غُصنَ شَوكٍ, على الطريق فأخَّـره، فَشَكَرَ الله له، فَغَفَرَ له. كما في الصحيحين.
هذا في المحسوسات..
إذا لم تُـزِل الـحَجَـر تعثَّـرتَ به..
فكيف به في المعنويّـات؟
إذا لم تُزِل أسباب العثرة تَعَـثّرت
وإن لم تُبعد أسباب الهلاك هلَكتَ
وإن لم تبتعد عن موارد العَطَب.. أُخِذتَ
فـكُن على حذر من:
أسباب العَثَرات
ومن موارد الهَلَكات
ومن مظانّ العَطَب
فالذَّنب له عاقـبته
والمعصية لها شؤمها
إن لم يَتُب منها صاحِبُها
ولا يَزال الشيطان جاهداً في إغواء بني آدم
قال - تعالى -: (وَإِذ قُلنَا لِلمَلائِكَةِ اسجُدُوا لآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبلِيسَ أَبَى وَاستَكبَرَ وَكَانَ مِنَ الكَافِرِينَ (34) وَقُلنَا يَا آَدَمُ اسكُن أَنتَ وَزَوجُكَ الجَنَّةَ وَكُلَا مِنهَا رَغَدًا حَيثُ شِئتُمَا وَلا تَقرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (35) فَأَزَلَّهُمَا الشَّيطَانُ عَنهَا فَأَخرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلنَا اهبِطُوا بَعضُكُم لِبَعضٍ, عَدُوُّ وَلَكُم فِي الأَرضِ مُستَقَرُّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ,).
قال الرازي:
اعلم أن في هذه الآيات تحذيرا عظيما عن كل المعاصي من وجوه:
أحدها: أنّ مَن تَصَوّر ما جرى على آدم - عليه السلام - بسبب إقدامه على هذه الزلة الصغيرة كان على وجل شديد من المعاصي.
قال الشاعر:
يا ناظرا يرنو بعيني راقد *** ومشاهدا للأمر غير مشاهد
تصل الذنوب إلى الذنوب وترتجى *** درك الجنان ونيل فوز العابد
أنسيت أن الله أخرج آدما *** منها إلى الدنيا بذنب واحد
قال فتح الموصلي أنه: كنا قوما من أهل الجنة فَسَبَانَا إبليس إلى الدنيا، فليس لنا إلا الهمّ والحزن حتى نَرِدَ إلى الدار التي أُخرِجنَا منها.
قال ابن القيم في هذا المعنى:
فَحَيّ على جنات عدنٍ, فإنها *** منازلك الأولى وفيها المخيّمُ
ولكننا سَبي العدو فهل تُرى *** نَعود إلى أوطانِنا ونُسَلَّمُ
ولذلك كان عنوان السعادة من اجتَمعت فيه ثلاث خصال:
إذا أُعطِي شَكَر، وإذا ابتُلي صَبَر، وإذا أَذنَبَ استغفر.
لأنه إن لم يَشكر زالت النعمة..
فإن الـنِّعَم إذا شُكرِت قرّت، وإذا كُفِرت فرّت
إذا كنت في نِعمة فارعها *** فإن المعاصي تُزيل النِّعَم
وإذا لم يصبر فاتَـه الأجر، وربما حصل له الوزر، مع وقوع المُصَاب.
وإذا لم يَستَغفِر إذا أذنب، فإنه قد أتى أبواباً من الشرّ:
أحدها: أنه آمِن مِن مكر الله.
ثانيها: أنه مُقيم على معصية مولاه.
ثالثها: أنه مُصرّ على ذنبه.
رابعها: أنه مُعرِض عن عفوَ مولاه..
وقد قال الله جل في عُلاه: \" يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا، فاستغفرونى أغفِر لكم \" رواه مسلم.
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: والذي نفسي بيده لو لم تُذنِبُوا لذهب الله بكم، وَلَجَاء بِقَومٍ, يُذنِبُون فَيَستَغفِرُون الله، فَيَغفِر لهم. رواه مسلم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: العبد دائما بين نعمة من الله يحتاج فيها إلى شكر، وذَنبٌ منه يحتاج فيه إلى الاستغفار، وكل من هذين من الأمور اللازمة للعبد دائما، فإنه لا يزال يتقلب في نعم الله وآلائه، ولا يزال محتاجا إلى التوبة والاستغفار. اهـ.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد