بسم الله الرحمن الرحيم
الفراغ نعمة! هكذا وصفه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الذي رواه البخاري في صحيحه: \"نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ\".
لكن هذه النعمة قد تنقلب إلى الضد عندما تتحول إلى مفسدةº بتضييعها فيما لا يحل، أو تعطيلها عمّا ينفع المرء في دينه ودنياه.
ومن صور تضييع هذه النعمة في البيوت: تضييع الساعات أمام الفضائيات والقنوات، وأسوأ صورها لو كانت بلا ضابط من الشرع، وأدنى منها لو كانت مع شيء من التحفظ والانتقاء (كمن يشاهد قنوات معينة يغلب عليها الخير، أو برامج محددة مفيدة) ولكنها تستحوذ على أوقات طويلة كان الأولى توزيعها وتنويعها بين العديد من الأنشطة النافعة.
ومن الصور التي تجتمع فيها مع محنة إهدار الوقت محنة أخرى: تركُ الأطفال أوقاتا طويلة أمام أفلام \"الكارتون\" الأجنبية التي تمتلئ بما يخالف ثوابتنا وقيمنا، فتضيع أوقات نفيسة من أعمار الصغار مع عدم السلامة من الوقوع في مفاسد عقدية وخلقية تضاد ما يتلقاه الطفل من مبادئ وأسس تربوية!
متى يبلغ البنيان يوما تمامه *** إذا كنت تبنيه وغيرك يهدم؟!
وإذا كان هذا في حق الصغارº لانشغال الأب في عمله، والأم بأعمال المنزل..(وليس هذا أو ذاك عذرا للتفريط في تعاهد النشء والقيام بمسؤلية التربية!) فالمحنة تشتد إذا انضم الزوجان لقافلة الاستسلام لبريق الشاشات، والانجراف شيئا فشيئا إلى استحسان ما لا يليق..ثم ما لا يحل.. إلخ! حتى تضعف حمية إنكار المنكر في القلوب!
قال - تعالى -: {يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيطَانِ وَمَن يَتَّبِع خُطُوَاتِ الشَّيطَانِ فَإِنَّهُ يَأمُرُ بِالفَحشَاء وَالمُنكَرِ.. }.
وقال - سبحانه -: {يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُم وَأَهلِيكُم نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالحِجَارَةُ عَلَيهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُم وَيَفعَلُونَ مَا يُؤمَرُونَ}.
فهل من وقفة صادقة يعيد فيها كل زوج وزوجة النظر في نعمة الفراغ على مستوى كل منهما، ثم على مستوى صغارهماº ليريا: هل استطاعا تغليب جوانب الخير في استغلال هذه النعمة، أم أنها تحولت إلى الضد فأصبحا من المغبونين فيها؟!
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد