التفاخر المهلك


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

من أعظم ما يُبتلى به أهل الطاعة: الرياء والسمعة، والرياء: إظهار العبادة لقصد رؤية النَّاس لها فيحمدونه عليها، كالصلاة والصدقة، والسمعة: مثل الرياء إلا أنَّها تتعلق بما يُسمع من الأعمال، كالقراءة والموعظة.

والرياء والسمعة شرك في النية، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((قال الله - تعالى -: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركتُه وشركَه))، وهذا حقُّ لا مرية فيه، فإنَّ الله لا يليق بغناه التام أن يقبل العمل الذي جُعل له فيه شريك، وفي الحديث: ((من صلى يرائي فقد أشرك، ومن صام يرائي فقد

أشرك، ومن تصدق يرائي فقد أشرك، وإنَّ الله يقول: أنا خير قسيم لمن أشرك بي، فمن أشرك بي شيئاً فإنَّ جدة عمله، وقليله وكثيره لشريكه الذي أشرك به. أنا عنه غني)).

لذا فإنَّ عمل المرائي، إذا عمله ليرى النَّاس ما صنع، باطل لا ثواب له، ويأثم به، وصاحبه يستحق المقت من الله والعقوبة، لا يشك في ذلك مسلم.

وقد وقع أنَّ بعض الصحابة - رضي الله عنهم - تذاكروا يوماً المسيح الدجال، فخرج عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: ((ألا أُخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح الدجال؟ ))

قالوا: بلى يا رسول الله. قال: ((الشرك الخفي. يقوم الرجل فيصلي فيزين صلاته لما يرى من نظر رجل)).

وهذا نراه ونسمعه يقع من بعض أهل الطاعة في رمضان، إذا تذاكر أهل مجلس قيام الليل، تكلم بعضهم عن نفسه، وتحرك ليقول: إنَّه لا ينصرف حتى ينصرف الإمام، أو إنَّه حريص في كلِّ ليلة على القيام، أو يذكر من صدقاته، وما قام به من خدمة المساكين، أو يتكلم عن اعتكافه، أو مجاورته كلَّ سنة، وأنَّه منذ كذا وكذا من السنين يعتكف في رمضان، أو يكتري شقة بجوار الحرم تكلفتها كذا وكذا، ولكنَّه لا يُهمه صرف الأموال في الحرم، محاولاً أن يتكلم النَّاسُ عن حرصه على الخير، واغتنامه لشهر الخير، وكونه عبداً صالحاً، وهكذا.

وما درى هذا المسكين أنَّ قوله هذا، وتفاخره في المجالس، وحرصه على أن يعلم النَّاس بأعماله الصالحة، وأن يروها ويسمعوا بها، كلّ ذلك سيكون سبباً لإحباط عمله الصالح، ومقت الله له.

ألا فليحذر الصالحون!

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply