بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفى، وسلّم على عباده الذين اصطفى.. أما بعد
إخواني وأخواتي:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: إني أحبكم في الله..
من منا لا يبحث عن السعادة والحياة الطيبة؟
من منا لا يحب الأنس والراحة النفسية؟
من منا لم يذنب ويرتكب منكراً ومعصية؟
من منا لم يصبه هم وحسرة وعبرات ومدامع سيالة؟
من منا لم يحزن ويتأوه؟
من منا لم يكدر خاطره ويندم على فعلته؟
من منا لم يتضايق في بيته وعمله وسفره وغربته؟
من منا لم يبكي على فراق الآباء والأوطان والأحباب والأولاد؟
أنا وأنت وهو وهي.. ذاق من ذلك الكأس!!!
أقضي نهاري بالحديث وبالمنى ويجمعني والهم بالليل جامع..
ولكن الأمل بعد الله هو المخرج من ذلك كله. وآيات الله وسعة حلمه وعظيم عفوه تساعدنا جميعاً على جبر ما مضى وسلف ولا أعظم من! آية الليل{هو الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصراً إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون}
الليل وما أدراك ما الليل؟
هو أنيس الطائعين. وأمل المذنبين. يحبه الراكعون والساجدون. ويعرفه الخاشعون ويتلذذ به المتيمون. خلوة المسغفرين. وميدان للمسارعين بالخيرات. أنس المتهجدين
المؤمن يحب الليل. والمسلم يعشقه. لماذا؟!
لأن العبرات فيه تحلو..
والخشوع يأتي..
ويقترب فيه من مولاه..
يبث إلى خالقه أحزانه..
وينشر همومه وغمومه..
وينثر على خديه دموعه الحارة لتغسل معاصي النهار..
يعلن ويعاهد في توبته ورجوعه..
يفر من الأحزان إلى الأفراح..
غريب في الدنيا يبكي غربته وخطيئته..
مع مغيب شمس كل يوم يترقب قدومه على أحر من الجمر..
إذا هدأت الناس قام..
يرتل آيات الرحمن.. وينتظر نزول الديان {أمّن هو قانت آناء الليل ساجداً وقائماً يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه}..
وقال - تعالى -في وصف المؤمنين: {كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون}
الخائف من ربه وكثرة ذنوبه. والطامع لما عند الله من الأجر العظيم. عليه بالليل فليستمتع بروعته ولينهل من عبيره.
{تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً ومما رزقناهم ينفقون}
يبيت يجافي جنبه عن فراشه إذا استثقلت بالمشركين المضاجع.
إخواني وأخواتي:
هل تحب الله؟
هل تحب مناجاته؟
هل تريد أن تنطرح بين يديه؟
هل تريد الاعتراف والقبول؟
هل تحب الدعاء وهو قريب منك؟
هل فكرت بسؤاله يوماً ما؟
هل بكيت على ذنوبك ويأست؟
هل لازلت تذكر الكبائر والخطايا العظيمة التي أرهقتك؟
هل وهل وهل وهل تريد ذلك في كل ليلة؟
أبشر.. افرح.. هلل.. كبّر.. هذه هي البشرى! وهي في الليل..
قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (ينزل الله - عز وجل - إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يمضي ثلث الليل الأول فيقول:
أنا الملك أنا الملك من ذا الذي يدعوني فأستجيب له. من ذا الذي يسألني فأعطيه. من ذا الذي يستغفرني فأغفر له. فلا يزال كذلك حتى يضئ الفجر) رواه مسلم.
الله أكبر..
الله أكبر..
الله أكبر..
لا يأس.. لا يأس.. لا يأس.. ولا قنوط..
خير وفضل في كل ليلة ونحن عنه غافلون!!
عجيب حالنا وليلنا وسهرنا!
سلفنا الصالح كانوا ينتظرون الليل وسدوله!
كان نبينا - صلى الله عليه وسلم -.. يقوم الليل حتى تتفطر قدماه!
لما أتتك قم الليل استجبت لها العين تغفو وأما القلب لم ينم..
أزيز صدرك في جوف الظلام سرى ودمع عينيك مثل الهاطل العمم..
قال علي بن بكار:
منذ أربعين سنة ما أحزنني إلا طلوع الفجر!
قارنوا بيننا وبينهم. هم سهروا وسهرنا. ولكن الوضع مختلف!!
ربحوا وخسرنا. ليلهم سجود وبكاء وطاعة وقيام وذكر وسجود..
وليلنا إلا ما رحم الله..
ريموت وقنوات
مجون وحفلات
ضياع محطات.
غيبة ونميمة وتفاهات
رقص وعري وشاليهات
أحببنا الشياطين وأدخلناها البيوت فخرجت الملائكة
نهارنا رقاد وليلنا الله أعلم به
هل من توبة!!؟ واستدراك للوقت قبل هجوم الممات
هل اشتقت لليل وظلامه والنهار ضيائه؟
هل صممت يوماً للعودة لوكر الذاكرين وأنين الساهرين؟
هل تريد الجنة؟
عليك بالليل وسروره وعبراته.
أنت حزين ولاشك فتأوه! ومهموم فابكي! فانأس بلذة المناجاة. وطراوة المناداة..
فالليل هو أنيس الطائعين..وأمل المذنبين..فهل توافقني؟
رحمني الله وإياكم..
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد