إذاعة \ المانجو \ ( 1 ) 96 FM وإشاعة الفاحشة في الذين آمنوا


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

المال عصب الحياة، وهو من زينة الحياة الدنيا: \"المال والبنون زينة الحياة الدنيا\".

والمال إما لرجل صالح، فهو نعمة عظيمة، ووسيلة كريمة لنيل القربات، وقضاء الحاجات، وتنفيس الكربات: \"نعم المالُ الصالح للرجل الصالح\"، وذهب أهلُ الدثور بالأجور والدرجات العلا: \"لا حسد إلا في اثنتين\"، إحداهما: \"ورجل آتاه الله مالاً فسلطه على هلكته في الحق\".

 

وإما لرجل طالح كقارون، والوليد بن المغيرة، ومن شاكلهما وناظرهما من المترفين المفسدين في الأرض، فهو وبال عليه ونقمة، تبين مغبتها وتظهر له سوأتها ومضرتها عند اجتياز الصراط، حيث لن تزول قدما أحد عنه حتى يُسأل عن أربع، منها: \"ماله من أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه؟ \"، فالويل لمن اكتسبه من حرام، وأنفقه فيما يغضب الرحيم الرحمن، فيصير له وزر جارٍ, يتجرع غصته، ويبوء بوزره عندما يفضي إلى ربه، حيث لا ينقص ذلك من أوزار من عمل به إلى يوم القيامة، فليستعدوا لذلك، وليهنأوا بما هنالك، فإنه آتٍ, وكل آتٍ, قريب، بل فناء الدنيا بأسرها قريب.

 

فقارون بعد أن كان من قوم موسى - عليه السلام - طغى وتجبر بسبب ما آتاه الله من المال: \"إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة إذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين. وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين. قال إنما أوتيته على علم عندي أولم يعلم أن الله أهلك من قبله من القرون من هو أشد منه قوة وأكثر جمعاً\".

 

فماذا كانت النتيجة، وبم ختم له؟

\"فخسفنا به وبداره الأرض فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين\"، فهو يجلجل فيها أي في الأرض- إلى يوم القيامة، لم يصل قعرها، كما أخبر الصادق الأمين.

 

فما أصاب قارون لا شك أنه مصيبٌ أمثاله من عبدة الدرهم والدينار والدولار، التعساء، الأشقياء، الذين استعملوا نعم الله فيما يغضب الله ويفسد خَلقه، إن لم يتوبوا عن غيهم، ويرجعوا إلى رشدهم، ويكفروا عن قبيح ما صنعوا، فإن تابوا وأنابوا وأقلعوا فإن باب التوبة مفتوح، والتوبة تجب ما قبلها إذا تمت قبل أن تلتف الساقُ بالساق، وتجتمع على المرء حسرتا الموت والفوت.

 

هذه توطئة وتذكرة لما أحب أن أوجهه إلى وكلاء شركة \"البيبسي كولا\" اليهودية دعاية لهذا المشروب، بمناسبة ما أقدمت عليه من جرم عظيم، وسبب لفساد كبير، وهو إنشاؤها وافتتاحها لمحطة إذاعة محلية \"المانجو 96\" على الـ FM، متخصصة في الأغاني المحلية والشرقية والغربية، تعمل طول ساعات اليوم، هذا بجانب تشويشها على محطة القرآن الكريم، وذلك لأن الغناء رقية الزنا، ومحرك الشهوات للفجور، ومنبت للنفاق في القلوب، ولهذا أجمعت الأمة على تحريمه، لأضراره البليغة، ومخاطره العظيمة، ولا يُلتفت لشذوذ من أباحه.

 

لهذا فإن هذه الإذاعة المتخصصة في الغناء تعتبر وسيلة خطيرة من وسائل إشاعة الفاحشة في المجتمع السوداني، وليبشر منشئوها بما توعد به الله المحبين لإشاعة الفاحشة في الذين آمنوا، والعاملين على ذلك: \"إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون\".

 

وبعملهم هذا فقد أضافوا وسيلة من وسائل الفساد والإفساد للأخلاق، حيث أضحت هذه الإذاعة من وسائل تدميرها.

  وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت ***  فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا

 

لم يكتف وكلاء هذه الشركة بدعمهم للمفسدين في الأرض من الفنانين واللاعبين وغيرهم بالاحتفاء بهم، والإشراف على علاجهم، هذا بجانب رضاهم أن يكونوا وكلاء لأحفاد القردة والخنازير، ومعينين لهم في القضاء على الإسلام وأهله في فلسطين بمدهم بالأرباح الطائلة من عائدات هذا المشروب، وهذا من باب التعاون على الإثم والعدوان الذي حرمه ربنا - سبحانه وتعالى -، حتى جاءونا بثالثة الأثافي وعظيم الدواهي، متمثلة في هذه الإذاعة.

 

ينبغي لوكلاء هذه الشركة، ولهذه الأسرة المسلمة، أن يتقوا الله ربهم في أنفسهم، وفي إسلامهم، وفي هذا الشعب، وليتذكروا الموت والوقوف بين يدي العزيز الجبار للحساب، وعليهم أن يتقيدوا بأحكام هذا الدين في كل أعمالهم وتصرفاتهم، فالله طيب لا يقبل إلا طيباً، وقد أمر الله المؤمنين بما أمر به المرسلين.

 

وليعلموا كذلك أن العاصي المعاند لن يضر إلا نفسه، وأن الله غني عن العالمين، وعليهم أن يصرفوا هذه الأموال التي منَّ الله بها عليهم في سبل الخير وما أكثرها، وليعلموا أن هذا المال هو مال الله استخلفهم وغيرهم فيه ليبتليهم، وليعلموا أن هذه الدنيا متاعها قليل، وعزيزها عما قليل يصير ذليل، وغنيها يصبح فقير، ومتعافيها يعود عليل، وشبابها بمرور الأيام يتحول إلى هرم وكبر، وسقم ومرض، وليتذكروا قول نبيهم: \"لو كانت الدنيا تساوى عند الله جناحَ بعوضة ما سقى منها كافراً جرعة ماء\"، ولذلك زواها الله عن أنبيائه وأصفيائه، وبسطها على أعدائه، استدراجاً لهم، فهي: \"سجن المؤمن وجنة الكافر\"، وإذا كان عمر - رضي الله عنه - كان يخشى أن يكون ممن يُقال لهم يوم القيامة: \"أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا\"، فكيف بنا وأنتم؟!

 

واعلموا أن الله يمهل ولا يهمل، وأنه يفرح بتوبة عباده إليه، وكذلك المؤمنون يفرحون ويسرون بتوبة العصاة والمذنبين، وبدخول الكفار في هذا الدين.

 

والله أسأل أن تجد هذه الكلمات عندكم أذناً صاغية، وقلوباً واعية، وأن يردنا وإياكم وجميع إخواننا المسلمين إليه رداً جميلاً، وأن يختم لنا بخير، ويجعل عاقبة أمورنا كلها إلى خير، وصلى الله وسلم على رسوله الكريم، ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين، والسلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، لا ينال سلامنا الكفار، والمنافقون، والمعاندون.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply