بسم الله الرحمن الرحيم
أُتي الحجاج بقوم كانوا قد خرجوا عليه، فأمر بقتلهم وبقي منهم واحد، فأقيمت الصلاة، فقال الحجاج لقتيبة بن مسلم: ليكن عندك، وتغدو به علينا، قال: فخرجت والرجل معي، فلما كنا في الطريق قال لي: هل لك في خير؟ قلت وما هو؟ قال: إن عندي ودائع للناس، وإن صاحبك لقاتلي، فهل لك أن تخلي سبيلي، لأودع أهلي، وأعطي كل ذي حق حقه، وأوصي بما عليَّ ولي، والله - تعالى - كفيل لي أن أرجع إليك بكرة. قال: فتعجبت من قوله وتضاحكت. قال: فأعاد عليّ القول وقال: يا هذا، الله كفيل أن أعود إليك. وما زال يلحّ إلى أن قلت: اذهب.
فلما توارى عنى كأنني انتبهت فقلت: ما صنعت بنفسي؟ ثم أتيت أهلي فباتوا بأطول ليلة، فلما أصبحنا إذا برجل يقرع الباب، فخرجت وإذا به، فقلت: رجعت؟ قال: جعلت الله كفيلاً ولا أرجع؟ فانطلقت، فلما بصر بي الحجاج قال: أين الأسير؟ قلت: بالباب أصلح الله الأمير، فأحضرته وقصصت عليه القصة، فجعل يردد نظره فيه، ثم قال: وهبته لك، فانصرفت به، فلما خرجت من الدار قلت له: اذهب أين شئت، فرفع بصره إلى السماء وقال: اللهم لك الحمد، ولا قال لي: أحسنت ولا أسأت، فقلت في نفسي مجنون ورب الكعبة.
فلما كان في اليوم الثاني جاءني فقال: يا هذا جزاك الله عني أفضل الجزاء، والله ما ذهب عني أمس ما صنعت، ولكن كرهت أن أشرك في حمد الله أحداً.
ـــــــــــــــــــــ
المراجع: مواقف وطرائف من التراث العربي، ص 151-152
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد