رسالة إلى من جاوز الأربعين


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

إن الله - تبارك وتعالى - خلق الإنسان في أحسن تقويم، وفضله على كثير من خلقه، وكرمه تكريماً عظيماً، وقد اقتضت حكمته - تعالى - أن ينتقل الإنسان من طور إلى طور، من طور الطفولة، إلى طور الشباب، إلى طور الكهولة، إلى طور الضعف.

ومصداق هذا قوله - عز وجل -: (الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفاً وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير). ولكل مرحلة من تلك المراحل خاصيتها وأهميتها في حياة الإنسان.

 

وهذه الرسالة تتحدث عن عمر محدد في حياة الإنسان، ومرحلة في غاية من الأهمية، وهي مرحلة ما بعد الأربعين، حيث يتصور كثير من الناس أنهم قد وصلوا إلى خريف العمر، وأنهم قد غادروا ربيع الشباب، وفقدوا الحيوية والنضارة، وبعضهم يستبد به هذا الشعور إلى درجة قد يصاب معها بجملة من الأمراض النفسية، مثل الإحباط واليأس، وفقد الرغبة في العمل والعطاء، والانكفاء على الذات، والتقليل من الخلطة إلى حد قريب من العزلة، وهذا أمر موجود سار في طبقات من الناس، على درجات مختلفة الحدة.

 

وهذه الرسالة وضعت لمناقشة هذه القضية، وبيان أن العمر الذهبي للإنسان من حيث العطاء والمشاركة في قضايا المجتمع إنما هو ما بعد الأربعين، وللإجابة على الأسئلة المتنوعة التي يسألها كثير من الناس – بلسان الحال أو المقال – حول هذه القضية، ووضع خطوات عملية لتجديد حياة المرء ومساره إذا بلغ هذا العمر، مع ذكر أمثلة مضيئة لمن قدموا وبذلوا وأعطوا بعد تقدمهم في العمر، ولم يكن لبعضهم قبل ذلك مشاركة نافعة في حياة الناس.

 

وأرجو من كل من جاز الأربعين أن يقرأ هذه الرسالة قراءة فاحصة، وليتدبرها وليعمل بما فيها مما يراه نافعاً له ومناسباً، وليقدم على الحياة باسماً متفائلاً، وليدرك أنه مهما بلغ المؤمن من السن فإنه لا يزال يستطيع التقديم والعطاء، وأنه مثله كمثل النخلة كلما قدم غرسها جاد عطاؤها، وارتفعت في الهواء، وحسن منظرها، وكملت منها الهيئة، وقوي منها العود، وعظم إليها المرتقى، وأن المؤمن لا يزال نافعاً معطاءً عاملاً حتى يلقى الله - تعالى - ، مهما تقدم به العمر، وبلغت به السن، ومصداق هذا قول الله - تعالى -: (واعبد ربك حتى يأتيك اليقين). أي الموت.

 

كان هذا أيها الإخوة جزءا من مقدمة الكتاب الجديد الذي صدر للشيخ الدكتور محمد موسى الشريف عن دار الأندلس الخضراء للنشر والتوزيع، بعنوان (جدد حياتك.. رسالة إلى من جاوز الأربعين).

 

ويقع الكتاب في ثمانين صفحة ومن عناوين فهرسه: مقياس الشباب، ونذير الشيب، وتغيير الشيب، ولطائف في خضاب الشيب وتغييره،، وأهم ما في الكتاب هو ما ذكرته الكاتب تحت عنوان ما ينبغي عمله لمن جاز الأربعين: وهي المراجعة الشاملة، والتفكير الجاد في ترك الأثر النافع، وتوريث العلم والخبرة والتجارب، والتجديد في مناحي الحياة المختلفة، ومن ذلك التجديد الإيماني، والأخلاقي، والدعوي، والثقافي، والأسري، والصحي، وتحت كل بند من هذه البنود معان جميلة وأفكار رائعة جديدة..

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply