سراجك يزهر


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

إن سراجك أخي الداعية لا يزال ينير لك الظلمة ولكن ربما قل شعاعه في ساعة ضعف وفتور ولكن سرعان ما تراه يزهر مرةً أخرى لأن أصل الإيمان ومحبة الله ورسوله أرسخ فيه من أصول الشهوات. وذلك ما قرره الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان حينما قال: ((إن في قلب المؤمن سراج يزهر)).

فهو يزهر كما يقول أي: يتألق ويسطع سناه. فالله الله في إصلاح القلوب فجدد التوبة مع رب العباد وأعلم ((إن من علامات موت القلب عدم الحزن على ما فاتك من الموافقات وتـرك الندم على ما فعلته من وجود الزلات)). * ابن عطاء الله

 

يقول ابن القيم - رحمه الله -: ((فالطالب الصادق في طلبه كلما خرب شيء من ذاته جعله عمارة لقلبه وروحه. وكلما نقص شيء من دنياه جعله زيادة في أخرته. وكلما منع شيء من لذات دنياه: جعله زيادة في لذات أخرته وكلما ناله هم أو حزن أو غم جعله في أفراح أخرته)).

 

ونحن في دعوة ربانية مستمدة قوتها من رب الأرباب فيجب أن تكون أرواح دعاتها على مستوى دعوتهم السماوية. يقول الإستاد محمد أحمد الراشد: ((فدعوة الإسلام اليوم لا تعتلى حتى يذكى دعاتها شعلهم بالليل ولا تشرق أنوارها ويتحقق نصرها ما لم تلهج ألسنة دعاتها من قادتها وجنودها بقول {لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين})).

إن ما أقوله ليس بجديد ولكنها وصية الإمام البنا - رحمه الله -وهو يخاطب الدعاة فيقول: ((دقائق الليل غالية فلا ترخصوها بالغفلة)).

 

أعجزنا أخي الحبيب أن نعيد السمت الأول أم أحببنا التساهل والتسيب والكسل. إن انتصار الدعوة لا يكون بكثرة المنشورات وبالحماس في الكلمات وتضييع أوقاتنا بالمناقشات بل بتوبة نصوح ودعاءٍ, من قلب لحوح فمتى ما صفت القلوب كان الحل لورطتنا الحاضرة التي سببها الغفلة المتواصلة.

 

أخي يا من رابط على ثغر الدعوة نريد من سراجك أن يسطع نوره في الأفاق فيشرق عليك وعلى من عقدت النية على دعوتهم وذلك لا يكون إلا بالمداومة على الطاعات واجتناب المعاصي والسيئات..

 

يقول سيدنا على - رضي الله عنه -: ((إن لله - تعالى - في أرضه آنية وهى القلوب فأحبها إليه - تعالى - أرقها واصفاها واصلبها ثم فسر فقال: أصلبها في الدين واصفاها في اليقين وارقها على الإخوان)).

يقول ابن عطاء الله: ((أصل كل معصية وغفلة وشهوة الرضا عن النفس واصل كل طاعة ويقظة وعفة عدم الرضا منك عنها ولأن تصحب جاهلا لا يرضى عن نفسه خيرُُ لك من أن تصحب عالما يرضى عن نفسه فأي علم لعالم يرضى عن نفسه وأي جهل لجاهل لا يرضى عن نفسه)).

 

وكما إن للمعصية عقوبة فإن للطاعة لذة لا يدركها إلا أصحاب الطاعات الصابرين عن الشهوات والسيئات فالله يورثهم سعادة في القلب ومحبة في نفوس الخلق فتجد المؤمن يأنس بالجلسة البسيطة مع إخوانه في الله مما لا يأنس به أصحاب الملايين في لهوهم وحفلاتهم.

 

إن سراجك الذي يزهر هو الحصن الحصين لك ولدعوتك فكم نحن بحاجة إلى دعاة يحفظون الدعوة من الانزلاق بفراستهم الصـادقة. يقول الله - عز وجل -: ((إن في ذلك لآيات للمتوسمين)) قال مجاهد: للمتفرسين. ألم يقل النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله - تعالى -)). يقول أبو الدرداء - رضي الله عنه -: ((المؤمن ينظر بنور الله من وراء ستر رقيق والله إنه للحق يقذفه الله في قلوبهم ويجريه على ألسنتهم)).

 

فلنربى أنفسنا على الطاعات حتى تزهر سرجنا ولا نتبع أصحاب الهوى والشهوات فهم يريدون أن ينطفئ ذلك السراج والنور. يقول سيد قطب: ((أولى الخطوات في الطريق أن يتميز هذا المنهج ويتفرد ولا يتلقى أصحابه التوجيه من الجاهلية من حولهم حتى يظل المنهج سليماً نظيفاً إلى يأذن الله بقيادة البشرية مرةً أخرى)).

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم

 

----------

 المراجع:

إحياء علوم الدين

الحكم العطائيه

تهذيب المدارج

العوائق+ الرقائق

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply