الاستغفـار ... فـوائد عظيمة ومعاني جليلة


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

الاستغفار هو طلب المغفرة من العزيز الغفار

وطلب الإقالة من العثرات من غافر الذنب وقابل التوب

 

قال ابن الأثير: في أسماء الله - تعالى - الغَفّار والغَفور، وهما من أبنية المبالغة، ومعناهما الساتر لذنوب عباده وعُيوبهم المُتجاوِز عن خطاياهم وذنوبهم. وأصل الغَـفـر التغطية. يقال: غفر الله لك غفراً وغفراناً ومغفرة. والمغفرة إلباس الله - تعالى - العفو للمُذنبين. انتهى.

 

قال ذو النون المصري: الاستغفار جامع لِمَعانٍ,:

أولهما: الندم على ما مضى

الثاني: العزم على الترك

والثالث: أداء ما ضيعت من فرض الله

الرابع: رد المظالم في الأموال والأعراض والمصالحة عليها

الخامس: إذابة كل لحم ودم نبت على الحرام

السادس: إذاقة ألم الطاعة كما وجدت حلاوة المعصية.

 

وبالاستغفار تُختتم العبادات ليُقر العبد بتقصيره فيُغفر له ذنبه

قال سبحانه في الحج: (ثُمَّ أَفِيضُوا مِن حَيثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاستَغفِرُوا اللّهَ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)

وفي الأسحار عند الفراغ من قيام الليل: (كَانُوا قَلِيلا مِّنَ اللَّيلِ مَا يَهجَعُونَ * وَبِالأَسحَارِ هُم يَستَغفِرُونَ)

وأثنى الله على المستغفرين بأوقات السحر فقال: (وَالمُستَغفِرِينَ بِالأَسحَارِ)

 

ويكون الاستغفار عند جموح النفس لمواقعة الذّنب (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَو ظَلَمُوا أَنفُسَهُم ذَكَرُوا اللّهَ فَاستَغفَرُوا لِذُنُوبِهِم وَمَن يَغفِرُ الذٌّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَم يُصِرٌّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُم يَعلَمُونَ)

وقال - سبحانه و تعالى -: (وَلَو أَنَّهُم إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُم جَآؤُوكَ فَاستَغفَرُوا اللّهَ وَاستَغفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا)

 

والاستغفار جاء على ألسنة أنبياء الله ورسله

فعلى لسان نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -: (فَاستَقِيمُوا إِلَيهِ وَاستَغفِرُوه ُ)

وقال على لسان نبيّه هود - عليه الصلاة والسلام -: (وَيَا قَومِ استَغفِرُوا رَبَّكُم ثُمَّ تُوبُوا إِلَيهِ يُرسِلِ السَّمَاء عَلَيكُم مِّدرَارًا وَيَزِدكُم قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُم).

وجاء على لسان صالح - عليه الصلاة والسلام -: (يَا قَومِ اعبُدُوا اللّهَ مَا لَكُم مِّن إِلَـهٍ, غَيرُهُ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرضِ وَاستَعمَرَكُم فِيهَا فَاستَغفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مٌّجِيبٌ).

وعلى لسان شعيب - عليه الصلاة والسلام - (وَاستَغفِرُوا رَبَّكُم ثُمَّ تُوبُوا إِلَيهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ).

 

وبه تُفتّح مغاليق الأمور:

قال - سبحانه و تعالى - على لسان نبيّه محمد - صلى الله عليه وسلم - (وَأَنِ استَغفِرُوا رَبَّكُم ثُمَّ تُوبُوا إِلَيهِ يُمَتِّعكُم مَّتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ, مٌّسَمًّى وَيُؤتِ كُلَّ ذِي فَضلٍ, فَضلَهُ).

 

وبالاستغفار تُستمد الأرزاق، ويُستكثر من المال والولد، وتُستمطر الرّحمات.

قال جل جلاله على لسان نوح - عليه الصلاة والسلام -: (فَقُلتُ استَغفِرُوا رَبَّكُم إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرسِلِ السَّمَاء عَلَيكُم مِّدرَارًا * وَيُمدِدكُم بِأَموَالٍ, وَبَنِينَ وَيَجعَل لَّكُم جَنَّاتٍ, وَيَجعَل لَّكُم أَنهَارًا).

 

وبالاستغفار يُودّع الميت.

ولذا فقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال: استغفروا لأخيكم وسلوا له التثبيتº فإنه الآن يسأل. رواه أبو داود.

 

وبالاستغفار تتحاتّ الخطايا والذنوب:

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من قال أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه ثلاثا غُفرت ذنوبه وإن كان فارّاً من الزحف. رواه الحاكم وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يُخرجاه.

 

قال ابن عيينة: غضب الله داء لا دواء له.

وعقّب عليه الإمام الذهبي بقوله: دواؤه كثرة الاستغفار بالأسحار والتوبة النصوح.

 

وقد كان الذي غُفِر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخر - عليه الصلاة والسلام - يقول: والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة. رواه البخاري.

 

وقال - عليه الصلاة والسلام -: إنه ليُغان على قلبي وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة. رواه مسلم.

 

قال الإمام النووي: والمراد هنا ما يتغشى القلب. قال القاضى: قيل المراد الفترات والغفلات عن الذكر الذي كان شأنه الدوام عليه فإذا فَتَرَ عنه أو غفل عدّ ذلك ذنبا واستغفر منه.

 

وروى مكحول عن أبي هريرة قال: ما رأيت أكثر استغفاراً من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وقال مكحول: ما رأيت أكثر استغفارا من أبي هريرة. وكان مكحول كثير الاستغفار.

 

فَحَريُّ بنا ونحن نودّع عاماً ونستقبل آخر جديد أن نودّع هذا بالاستغفار ونستقبل ذاك بالاستغفار.

نستقبله باستغفار الصادقين

 

قال القرطبي: قال علماؤنا: الاستغفار المطلوب هو الذي يحل عقد الإصرار ويثبت معناه في الجنان لا التلفظ باللسان، فأما من قال بلسانه: استغفر الله، وقلبه مُصِرُّ على معصيته فاستغفاره ذلك يحتاج إلى استغفار، وصغيرته لاحقةٌ بالكبائر. وروي عن الحسن البصري أنه قال: استغفارنا يحتاج إلى استغفار.

 

قال بكر عبد الله المزني: أنتم تكثرون من الذنوب فاستكثروا من الاستغفار، فإن الرجل إذا وجد في صحيفته بين كل سطرين استغفار سرّه مكان ذلك.

 

قال سفيان الثوري لجعفر بن محمد بن علي بن الحسين: لا أقوم حتى تحدثني.

قال له جعفر: أنا أحدثك، وما كثرة الحديث لك بخير.

يا سفيان إذا أنعم الله عليك بنعمة فأحببت بقائها ودوامها فأكثر من الحمد والشكر عليها، فإن الله - عز وجل - قال في كتابه: (لئن شكرتم لأزيدنكم).

وإذا استبطأت الرزق فأكثر من الاستغفار، فإن الله - تعالى - قال في كتابه: (استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا).

يا سفيان إذا حَزَبَك أمرٌ من سلطان أو غيره فأكثر من: لا حول ولا قوة إلا باللهº فإنها مفتاح الفرج، وكنز من كنوز الجنة.

فعقد سفيان بيده وقال ثلاث ونصف ثلاث. قال جعفر: عقلها والله أبو عبد الله، ولينفعنه الله بها.

 

وفي وصية علي بن الحسن المسلمي: وأكثر ذكر الموت، وأكثر الاستغفار مما قد سلف من ذنوبك، وسل الله السلامة لما بقي من عمرك.

 

إخواني:

أخواتي:

طوبى لمن وجد في صحيفته استغفاراً كثيراً. كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

 

أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه.

أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه.

أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه.

 

وعذراً إن أطلت.

وأستودعكم الله.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply