بسم الله الرحمن الرحيم
القبور وما القبور!!..
أقضت مضاجع الأخيار.. فكانوا قليلاً من الليل ما يهجعون.. وبالأسحار هم يستغفرون..
أي دار تلك الدار التي انقطع فيها المسافرون.. فلم ندر ما قالوا وما قيل لهم..
القبور التي لو عرف الإنسان منزلته فيها.. ومصيره إلى الله بينها.. وكيف يجزى على الإحسان إحساناً وعلى الإساءة عذاباً.. أو صفحاً وغفراناً.. دعاه ذلك أن يستهين بدنياه.. وأن يقبل على أخراه..
القبور التي توقظ القلوب من منامها وتدعوها إلى الإقبال إلى بارئها..
القبور هول مطلعها ينسي الإنسان لذة الدنيا.. ويجعله في حقيقة من إقباله على الله - تبارك و تعالى ..
زال عندها الغرور.. وبدت معها معالم الهول والنشور..
القبور التي بين النبي - صلى الله عليه وسلم - كما صح عنه أنه لو كشف للأمة عن عذابها لتركت الأجساد على وجه الأرض ولم تدفن خشية أن تلقى من فتنها وأهوالها ما لم يخطر على بالها..
القبور وما القبور!!..
تمر بها أمم هامدة.. وأجداث ساكنة.. لو علمت ما فيها من الصيحات.. وما فيها من نفحات الجنات.. وما فيها من الرضوان.. وما فيها من السعادة والغفران.. لأنساك لذة الدنيا وأشغلك عن نعيمها وشهوتها..
إنها الدار التي تنقطع عندها الأنساب.. وتنفصم لديها الأحساب.. فلا الأموال ولا الأولاد.. ولا الأخوان ولا الأحفاد.. صار إلى الله كما أقدم إلى الدنيا.. وحيداً فريداً ينادي ولا منادي له.. ويستغيث ولا مغيث له.. ويستجير ولا مجير له..
إلى الله المشتكى من غفلتنا عنها.. ولهونا مع اللاهين عن معرفتنا بحقيقتها..
إن المؤمن لو علم حقيقة هذه الدار.. لما استقر له والله القرار..
لو أن الإنسان تفكر أنه تمتع من متع الدنيا بما وجد على وجه الأرض ثم صار إلى تلك الدار فصك فيها وضيق عليها ضيقاً.. ينسى معه كل نعيم مر به..
وبذلك كم من قبور تراها في دار أو في مكان موحش.. في صحراء قاحلة لا أنيس بها ولا جليس..
ملئت من الرحمات والرضوان والنفحات.. أهلها في سرور ورضوان ومنحة من الله وغفران.. لم يخطر للعبد على بال..
وكم من قبور حولها الناس يسرحون ويمرحون ويضحكون ويلعبون.. لو نظروا إلى تلك الوجوه الكالحة.. وإلى تلك الأجساد البالية المعذبة.. والله لهانت عليهم الدنيا وما فيها..
لذلك أحبتي في الله..
إن ايقاظ القلوب بذكرها.. وعمارة القلوب بذكرها.. دليل على خير قد استقر في تلك القلوب المدكرة.. وتلك الأفئدة المؤمنة التي جائها كتاب الله وبلغت عن رسول الله فآمنت أنها روضة من رياض الجنان أو حفرة من حفر النيران..
ولنثق جميعاً أن ما غاب عنا أعظم مما ذكرت.. وما غاب عنا من هول هذه القبور ونعيمها.. نعيماً وجحيماً أشد وأعظم عند الله - تعالى - قدراً مما بلغ..
ولكن..
اللهم إليك نشتكي.. وإليك نلتجي..
اللهم بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى ووجهك الكريم.. نسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل..
اللهم إنا نسألك أن ترحمنا إذا صرنا إلى تلك القبور..
اللهم إنا نعوذ بك أن تؤاخذنا فيها بذنوبنا..
اللهم اجعل منازلنا فيها منازل الجنان.. لا تجعلها علينا حفراً من حفر النيران..
اللهم ارحمنا في القبر.. اللهم ارحمنا في القبر..
اللهم إنا نعوذ بك من وحشة القبر.. وظلمة القبر وعذاب القبر.. اللهم إنا نعوذ بك من عذاب القبر..
اللهم إنه أمرنا نبيك أن نستعيذ بك من عذاب القبر.. اللهم إنا نعوذ بك من عذاب القبر.. اللهم إنا نعوذ بك من عذاب القبر..
اللهم بنا من الذنوب والخطايا.. وبنا من العيوب والرزايا.. ما نخاف أن لو صرنا إلى تلك الدار أن نعامل بما فعلنا واقترفنا..
فنعوذ بك أنت الله لا إله إلا أنت أن تؤاخذنا فيها بأمرك..
اللهم آخذنا فيها برحمتك.. يا أرحم الراحمين يا أرحم الراحمين يا أرحم الراحمين..
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين..
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد