بسم الله الرحمن الرحيم
العُتبي: سمعت أبي يُحدِّث عن ناس من أهل الشام: أن أخوين كان لأحدهما زوجة، وكان يغيب ويخلُفه الآخر في أهله، فهويته امرأة الغائب، فراودته على نفسها فامتنع، فلما قدِمَ أخوه سألها عن حالها، فقالت: ما حالُ امرأةٍ, تُراودُ في كل حين! فقال: أخي وابن أُمِّي! وإني لا أفضحُه! ولكن لله عليَّ ألا أكلّمه أبداً. ثم حجَّ وحجَّ أخوه والمرأةُ، فلما كانوا بوادي الدّوم(1) هلك الأخُ ودفنوه وقضوا حجَّهم ورجعوا، فمرّوا بذلك الوادي ليلاً فسمعوا هاتفاً يقول:
أجدَّكَ تمضي الدَّوم ليلاً ولا ترى
عليك لأهل الدَّوم أن تتكلّما
وبالدَّوم ثاوٍ, لو ثويت مكانـــَه
ومرَّ بوادي الدَّوم حياً لسلَّما
فظنّت المرأة أن النداء من السماء، فقالت لزوجها: هذا مقام العائذ، كان من أخيك ومنَّى كيت وكيت. فقال: والله لو حلَّ قتلُك لوجدتيني سريعاً، ففارقها وضرب خيمة على أخيه وقال:
هجرتُك في طُول الحياة وأبتغي
كلاماً لما صرتُ رمساً(2) وأعظمُا
ذكرتُ ذنوباً فيك كنت أجترمتها
أنا منك فيها كنتُ أسوا وأظلــما
ولم يزل مقيماً حتى مات ودُفن بجنبِ أخيه، فالقبران معروفان. (3)
______________________
(1) وادي الدوم: مكان بالحجاز يفصل ين خيبر والعوارض.
(2) الرمس: تراب القبر.
(3) عيون الأخبار: 4/ 405.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد