بسم الله الرحمن الرحيم
أخوتي في الله: لاشك أن لابد للإنسان أن يرحل من هذه الدنيا طال عمره فيها أم قصر وهذه حقيقة لا ينكرها أحدا من الخلق ولكن تكمن المشكلة في على ماذا نموت ولاشك أن العبرة بالخواتيم ونسأل الله لنا حُسن الختام فينبغي على السلم أن يكون دائما مستعدا لهذا اليوم المحتوم بالأعمال الصالحات التي تنفعه في الآخرة ولكن الدنيا دار ممر والآخرة دار مقر وإما إلى جنة أو إلى نار وقبلها أهوال وفجائع وعذاب ونعيم على قدر الأعمال.
وحتى لا أطيل أذكر لكم حادثة حدثت لأحد الأخوة في منطقتنا وهو إمام وخطيب ومعروف لدينا بحُسن السيرة والأخلاق وهو في الحقيقة أعرفه جيدا بمسارعته للخير والنصح وهو كثيرا ما يجتهد لإصلاح الناس وله باع في الدعوة إلى الله - تعالى - وله كذلك سمعة كبيرة طيبة في منطقتنا.
قبل أيام كنت ذاهباً إلى وليمة ورأيت الأخ العزيز موجودا وكان الحضور طيبا، وسألته عن حادثة قد حصلت معه لأني صراحة سمعت بها فكنت أريد أن أسمعها منهº لأنه هو الذي عاصرها وعاش أحداثها.
فقال لي الحادثة بالتفصيل بدون زيادة ولا نقص فقال لنا: ذهبت إلى المقبرة لشهود الجنائز وأخذ الأجر [وهذه عادته] فلم أجد أحداً في المقبرة علماً أني جئت متأخراً، وكان وقت المغرب قد اقترب، فلما أردت الذهاب ناداني أحد الحرّاس والمغسلين [علما أنهم يعرفونه من كثرة ما يحضر للمقبرة] فقالوا له هناك جنازة ستأتي الآن، فقلت: إذن ننتظر.
فجاءت سيارة الإسعاف ومعها الجنازة وأربعة أشخاص، فأدخلناه غرفة التغسيل، فقال أحد الأشخاص الذي جاؤوا مع الجنازة: يا شيخ هلاّ ساعدتنا بتغسيله فقلت: نعم.
فكشفنا الغطاء فإذا رجل بين الستين والسبعين [يعني كبير]، فالمهم أننا بدأنا بتغسليه فإذا دما يخرج من أنفه وأذنيه ولا يتوقف فحاولنا أن نوقفه فلم نستطع، وكان وقت المغرب قد دخل، فقلت لأحدهم [من أقرباء الميت] ما رأيكم أن نؤجل ونؤخر غسله إلى غدِ، حيث يكون الدم قد توقف وكذلك يكون هناك أُناس كثيرون.
فقال لي أحدهم: الميت عمي وهذا ولده، فاذهب وقل له هذا: فذهبت وقلت له الكلام. فقال منزعجا: لا لا لا الآن نغسله وندفنه [ونفتك منه] فانصدمت واندهشت من كلامه الذي لم يعرف فيه الأدب خاصة مع والديه الميت.
المهم غسلناه وأثناء التغسيل انقلب وجهه أزرقا [يقول الشيخ] نعم أزرق بعدما كان تقريبا نفس ألواننا، وبعد قليل مال إلى الأسود فقال الشيخ: والذي نفسي بيده والله ثم والله ثم والله أنه أصبح أسوداً.. أسوداً... أسوداً كالفحم فاقشعر جلدي وتوقف شعر جسدي. المهم أسرعنا بتغسله وتكفيه وذهبا إلى القبر وقد أصبح الظلام دامس فجئنا بسياراتنا لكي تضيء القبر وحتى ندفنه، يقول الشيخ: هذه الجنازة كانت من أشق الجنائز التي مرت عليّ.
فقلت بعد أن دفناه وبعد أن عزيت ولده وأقرباءه. قلت في نفسي لابد وأن أعرف خبر هذا الميت [لأنني رأيت مالا أصدقه، فلم يخبرني أحد، ولم أسمع رواية ولم أقرأ مثل هذه وإنما حصلت معي مباشرة.
فبحثت وتحريت عنوان البيت حتى يمكنني أن أعرف شيئا عن الميت، فعرفت المكان وذهبت.
فعزيتهم وسألت أحد جيران الميت عن الميت ولم أخبره ما شاهدته، فسألت عنه وعن أخلاقه وصلاته ومعاملته وأخلاقه.
فقال الجار: كان رجلا طيبا ذو أخلاق رفيعة وكان كريماً إلا أنه لم نره ولم يسبق أننا رأيناه في المسجد.
فقال الشيخ لنفسه هذا والله هو الذي بدّل حاله وغيّر شكله وهذا أمر شاهدته بعيني ولا ندري ما هو مصيره وحاله في قبره. ولا حول ولا قوة إلا بالله
وإنا لله وإنا إله راجعون.
علما: أن المسجد قريب وقريب جدا جدا جدا من بيته.
وبعد هذه الحادثة أقول لمن لم يزل متهاونا بترك الصلاة أم يعلم أنها هي الصلة بينه وبين خالقه، ألم يعلم أن الصلاة هي أول ما يُسأل عنه، ألم يعلم بأن الصلاة هي عمود الإسلام، ألم يعلم أن الصلاة هي الآكد وتركها كفر.
فنسأل الله تبارك وتعالى أن يثبتنا وأن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا، كما نسأله أن يُحسن لنا الختام، إنه وليّ ذلك والقادر عليه.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد