الأم والحلم


بسم الله الرحمن الرحيم

 

يحكى أنه كان هنالك شاب في مقتبل العمر من رواد الانترنت الأوائل والمميزين في نفس الوقت ممن اشتهروا بتصميم السكربتات وإدارة أشهر قنوات المحادثة في الايرسي بسيرفراتها والبال توك بغرفها وأخذ دورات كثيرة في البرمجة وتصميم المواقع والفلاش وغيره، لدرجة أنه أوقف دراسته الجامعية بسبب أنه ليس لديه وقت للمذاكرة مقابل وجوده أمام شاشة الكمبيوتر. وكانت له مواقع شهيرة ومعروفة وكان من المبدعين بهذا المجال.

 

وفي ليلة من الليالي خرج مع أصحابه بنزهة على الدراجة النارية وعلى أحد الطرق وفي تلك الليلة أراد الله أن يتوفاه وتم دفنه في اليوم التالي - رحمة الله عليه -.

 

خلال فترة العزاء كانت والدة الشاب تحلم فيه بشكل شبه يومي وكأنه يستغيث بها من فتيان صغار يتجمعون حول قبره ويتبولون عليه - أكرمكم الله - ظل الحلم يراود الأم حتى فاض بها الأمر من الضيق ولجأت لأحد شيوخ الدين من أقرباءهم وباحت له بما كانت تراه في المنام، حينها أدرك الشيخ أن في الأمر جللٌ عظيم، سألها عن أعمال ولدها في الدنيا الصالح منها والطالح، فأجابت بأن ابنها كان ذو شعبية واسعة عند أبناء الجيران وعند أقرانه من أصدقاءه الشباب ولديه صدى طيب بين الأهل كذلك. وكان لا يتأخر عن تقديم المساعدة لأحد، ولم تكن لديه مشاكل ذات أهمية تذكر مع أحد، إذن ما الأمر؟

 

عادت الأم إلى المنزل وروت ما حدث لابنها المقرب لأخيه المتوفى، حيث يعلم الآخر ما الذي كان يقوم به أخيه من أعمال قبل أن يتوفاه الله، روت له الحلم الذي أقلق منامها منذ وفاة ابنها واستفسرت منه عما كان يقوم به أخيه ولا يعلمه احد غيرهما هما الاثنان، فبكى فور أن سمع الرواية من أمه بحرقة وأخذ يشتم الانترنت والساعة التي عرف فيها أخاه الانترنت.

 

انبهرت الأم!! وقالت له ما الذي تخفيه عني اخبرني، فأخبر أمه بكل ما كان يقوم به أخيه من نشر للصور الإباحية والأفلام الخليعة وسرقة الايميلات والاشتراكات عبر المواقع التي يعلن عنها في قنوات المحادثة وإدارته لبعضها، إضافة لمشاهد العري المخلة التي كانت تلتقطها شاشته لكاميرات شباب وبنات البال توك ونسخها على سي-دي وبيعها ونشرها بين الشباب وكافيهات الانترنت إضافة لاستغلال بعض الفتيات وتهديدهن بالتشهير في حال عدم تلبية مطالبه الخاصة.. الخ

 

أبعد كل هذا نتساءل عن تفسير الحلم؟؟ لقد فسر الحلم نفسه إذ عجزت الأم أقرب الناس إليه وشيخ الدين من أن يفسروه حتى باح لهم أخيه بما كان يعمل.

 

فكانت نتيجة أعماله أنه حمل فوق عاتقه وهو في قبره ذنوب كل من دخل مواقعه فالصبية الصغار في المنام كانوا ضحاياه الكثر من الشباب رواد الايرسي والبال توك من خلال الغرف والقنوات الإباحيه التي كان يديرها إضافة لسكربتاته التي كانت لا تخلو من أوامر الفلود والكلونات وبقية عدة الهكرز من ملفات تجسسيه ومواقع يدخلها كل من هو ساذج وفضولي يجره الحماس واللهفة للصور ومقاطع الأفلام.

 

فمن كان يدخل الموقع يجد فعلا صور وأفلام لكنه لم يكن يعلم أن وراء هذه الصور سيتم الدخول على جهازه وسرقة محتوياته. هذا وأصبح يحمل وزرهم ووزر ما كان يدعو له من أعمال تخريبيه ومفسده للأخلاق. فكان جزاءه في الدنيا عذاب في القبر.

اللهم إن كان محسنا فزد فيه إحسانه وإن كان مسيئا فتجاوز عن سيئاته.

 

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply