الثمن الغالي لكل رخيص


بسم الله الرحمن الرحيم

 

أخواتي وإخواني في الله سوف أذكر لكم قصة من واقع حياتنا المرير لا للمراءاة أو ضياع الوقت وإنما لأخذ العظة والعبرة وكما يقال السعيد من اتعظ بغيره والشقي من اتعظ بنفسه... القصة ستذكر بعد التغيير لأسماء الشخصيات الحقيقية مراعاة لهم..

 

تبدأ القصة بأنه توجد فتاة في السابعة عشر من عمرها أي في يانع الشباب اليافع وكان اسمها ريم لقد عاشت هذه الفتاة حياة حزن داخلي عميق..رهيب.. داخل قلبها الصغير برغم الرفاهية التي كانت تعيشها..

اعرف أنه سيتوارد إلى أذهانكم سؤال.. ما سبب كل هذا الحزن الشديد؟!..

إن السبب في ذلك أن أسرتها تشتت منذ نعومة أناملها الصغيرة وهي حتى لم تكمل عامها الثاني, فقد كانت هي الثمرة الوحيدة المجنى من زواج فاشل.. طرفا هذا الزواج أم لا حول لها ولا قوة حملها القدر وهي في ربيع العمر إلى رجل (الطرف الآخر) دمره رفقاء السوء والخراب حتى أحالوا به إلى هاوية الظلام, لا بل الشيطان. والمخدرات.. و العياذ بالله.. فذاقت تلك الزوجة ما ذاقت من ألوان المرار وهي تحمل في حجرها تلك الرضيعة البريئة.. حتى لاذت بالفرار مع ابنتها من ذاك القاسي العاصي.. وقد أعانها العزيز الجبار على أن تحصل على الطلاق الذي به نجت هي وطفلتها منه.. ولكن كما هو الحال تكبر الطفلة شيئاً فشيئاً وهي تسأل أين أبي؟ لماذا بنات خالاتي معهم آبائهم وأنا لا؟ إنها أسئلة بريئة ولكنها مدمية للقلوب.. المهم تقبلت الفتاة وضعها شيئا فشيئا وبالطبع عاشت محرومة من حنان الأب وحتى إن كلمة بابا كانت غريبة على لسانها ولا تحس بحلاوتها.. وأصبحت تعي مع فجر كل يوم وغروب كل شمس سبب هذا البعد وأجوبة أسئلتها الحائرة.. فكانت كالزهرة لمن حولها تظهر لهم البسمة والضحكة وتكتم الدمعة والآهة بصدرها, تشعرهم بسعادتها الزائفة وهي لها فاقدة معنوياً وليس مادياً.. وما نسيت أن أذكره لكم أنها حرمت نوعاً ما من حنان أمها فإنها هي وأمها كانتا تعيشان عند أهل أمها مما اضطر الأم البحث عن عمل حتى تستطيع التكفل بنفسها وبفلذة كبدها وبالفعل وجدت وظيفة ولكنها بمدينة أخرى لذلك كانت تذهب إلى عملها من الساعة السادسة صباحاً وتترك الطفلة لدى جدتها وجدها ولا ترجع إلا في الساعة السابعة مساء وبالطبع فهي ترجع منهكة متعبة لذلك فلم تكن تلك البرعمة الصغيرة تحظى حتى ولو بحنان الأم إلا لماماً.. فلم تكن تراها سوى لمدة ساعة أو ساعتين على الأكثر في اليوم الواحد وذلك بسبب عمل الأم وتعبها كذلك.. أما بالنسبة لذاك الأب قاسي القلب..مدمر العقل والفكر.. فإنها كانت كذلك لا تراه إلا من الحين للحين ومن الشهور للشهور مجرد زيارات عابرة.. فهو يعيش كذلك بمدينة أخرى.. يلهو ويسقط من هاوية إلى أخرى في درك الظلام الأسفل.. وتمر السنون تلو السنون وريم وأبيها وأمها على تلك الحال, حتى قطع عن ريم أي خبر عن أبيها ولم تعد تعرف عنه شيء سوى أنه تزوج وتركها وأصبح له ابن يرعاه..واستمرت وتيرة حياتها على هذا المنوال.. وكبرت الفتاة.. ودخلت طور المراهقة.. وفي يوم لم يخطر لريم على بال وقد أصبحت في سن الثالثة عشر في بداية عام دراسي جديد ومرحلة دراسية جديدة.. أتاها خبر مرير أليم تئن له القلوب ألا وهو خبر وفاة أعز الناس وفاة أبيها بالمستشفى لمرض أصابه من جراء تلك المخدرات اللعينة وهي لم تعلم ذلك كله إلا بعد فوات الأوان إي بعد مماته فلم تحظى حتى برؤيته وهو ميت حرمت منه في حياته وفي مماته فحزنت حزننا شديداً. وبكت دمائها في شرايينها قبل دموعها في عينيها.. بكت بالباطن وفي الظاهر.. زفرت آهات وأسقطت عبرات.. لقد كان لديها ولو بصيص أمل في أنها قد تستطيع إصلاح مابه.. ولكن ماذا نقول.. هذه هي سنة الحياة وتلك هي مشيئة الله التي لا اعتراض عليها.. وكذلك هذه هي نهاية أصحاب السوء والدمار والهلاك.. نهاية كل من يترك لرغباته وشهواته العنان.. فلا يكبحها ويلجمها بلجام التقوى ودرع الخوف من الله.. وصبرت ريم وتقبلت الوضع بعين دامعة.. وقلب باكي راجي ,, ولسان داعي من الرب بالغفران لذلك الأب الفاني.. وعاشت بخير وتفوقت دراسيا غير أنها ترخي رأسها كلما أتت سيرة أبيها خجلا من ماضيه المشين الذي تحملت أعقابه وأوزاره.. حتى كلمة ثناء لا تستطيع قولها عنه.. فخذوا العبرة يا أولي الاباب والعقول الناصحة الناضجة.

 

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply