بسم الله الرحمن الرحيم
عاد والدي - حفظه الله - من العُمرة، ومعه عدة زجاجات بها ماء زمزم للأقارب والأصدقاء، فأعطاها لهم جميعاً إلا أحد أصدقاءه الذي ذهب إليه فلم يجده، فلما مرضت قدمي قال لي أبي إن لديَّ زجاجة بها ماء زمزم، خذيها واشربي بعضها، ثم دلِّكي قدمك بما تبقى منها، فقلت له: \" لعل صديقك يعود قريباً\"، فقال لي:\" لو كانت من قِسمَته لوجدته حين ذهبت إليه منذ أسبوع \"... فأخذتها وشكرته، ثم شربت منها شربة واحدة، ودعوت الله تعالى بالشفاء، ثم وضعتها في درج الثلاجة حتى أنتهي مما بيدي من أعمال.
وكلما تذكرت أن أدلِّك بها قدمي قلتُ لنفسي\" إنها ستكون ُمثلَّجة، وهذا قد يؤذي قدمي، إذن سأخرجها حين أفرغ من أشغالي لترتفع حرارتها قليلاً، ثم أفعل ذلك \"، وظل الحال هكذا لمدة أسبوعين، بعدها اتصلت إحدى صديقاتي تستأذن في الزيارة، فقلت لها إنني في انتظارها، وأعددتُ لها عصيراً طازجاً ثم وضعته في زجاجة مغلقة، ووضعتها بالثلاجة.
ولما جاءت قدَّمتُ لها بعض الفاكهة... وبعد فترة قمت لأحضر لها العصير، فوجدت الزجاجة قد اختفت، فاستنتجت أن أحد الأولاد قد شربها، فقلت: \"سبحان الله! إنها ليست من رزقها المقسوم\"، ففتحت درج الثلاجة أبحث عن أحد العصائر المحفوظة، فلم أجد سوى الزجاجة التي بها ماء زمزم! فقلت لنفسي:\" إنَّ هذا سيدخل السرور على قلبها كثيراً \"، وبالفعل وضعت لها بعض الماء في كوب العصير الفارغ، وقصصت عليها قصة العصير، ففرحت كثيراً وشربت شربتين من الكوب، ثم استأذنت في أن تأخذ بقية الكوب معها ليشرب منها زوجها وابنتيها ووالدتها، فقلت لها: \" سأضعها لك في الزجاجة التي لا يزال بها بعض الماء\".
وبالفعل عادت إلى البيت وهي لا تصدق أن الله رزقها بهذا الماء المبارك، فشربت منه شربة، ثم قررت أن تبدأ بوالدتها قبل زوجها وابنتيها، فشربت الوالدة منه شربة ثم قالت لها:\" أنا أعرف ما هو أحوج منا جميعا بهذا الماء\"، فقالت لها:\" مَن؟، قالت لها: إن أخو زوج أختك في غرفة العمليات الآن لإجراء عملية استئصال ورم خبيث من المخ، فإن منَّ الله عليه بنجاح الجراحة، فَمِن واجبنا أن نسقيه منها\" (قالت لي صديقتي بعد ذلك أن هذا المريض كان يعيش بألمانيا، و كان شارداً عن ربه، فارتكب- والعياذ بالله- كل الموبقات، ولكن الله تعالى منَّ عليه بالتوبة - بعد عودته إلى مصر- منذ شهر واحد، و ظل يتقرب إلى ربه، وبعد فترة وجيزة شعر بآلام، فلما أجرى التحليلات اللازمة علم بأمر مرضه... فكانت توبته وقربه من ربه هو خير عون له على تحمٌّل الصدمة، فتقبل الأمر بصدرٍ, رحب، ورضي بقضاء الله، بل ودخل إلى غرفة العمليات مستسلماً لأمر الله، وهو يقول: الحمد لله على كل حال)
فلما ذهبت إليه صديقتي مع والدتها وجدتاه قد أجريت له العملية بنجاح!!!!
وكان أول ما دخل إلى جوفه بعد أن عاد إلى الوعي هو ماء زمزم...فلم يصدق نفسه، بل شعر أنها هدية من الله سبحانه، فظل يحمده ويشكره ويقول:\" كم أنت كريم يا ربي!\"
فلما اتصلَت صديقتي لتخبرني بما حدث، حمدتُ الله العظيم أن أوصل هذا الماء المبارك إلى مَن يستحقه، وتذكرت قول الإمام الحسن البصري حين سُئِل عن سر زهده في الدنيا فقال: \"عَلِمتُ أن رزقي لن يأخذه غيري فاطمأنَّ قلبي له، وعلِمت أن عملي لا يقوم به غيري فاشتغلت به، وعلمت أن الله مطلع علي فاستحيَيتُ أن أقابله على معصية،
وعلمت أن الموت ينتظرني، فأعدَدتُ الزاد للقاء الله\" وتذكرت أيضاً قول الشاعر:
ما كان مِن رِزقي فليسَ يفوتُني وإن مكان في قاع البحار العواتق
سيأتي به اللهُ الكريمُ بِفَضلِهِ و إن لم يَكُن مِنِّي اللسانُ بِناطق
ففي أي شَيٍ, تُذهِبُ النَّفسَ حَسرةً وقد قسَّمَ الرَّزَّاقُ رِزقَ الخلائق؟؟؟!
فسبحان مقسِّم الأرزاق، وبحمده...سبحان الله العظيم!
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد