بسم الله الرحمن الرحيم
وقود النار الأحجار والفجرة الكفار، كما قال الحق: (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة) [التحريم: 6]، وقال: (فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين) [البقرة: 24].
والمراد بالناس الذين توقد النار بهم الكفرة المشركون، وأما نوع الحجارة التي تكون للنار وقوداً فالله أعلم بحقيقتها، وقد ذهب بعض السلف إلى أن هذه الحجارة من كبريت، قال عبد الله بن مسعود: هي حجارة من كبريت، خلقها الله يوم خلق السماوات والأرض في السماء الدنيا يعدها للكافرين، رواه ابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم في المستدرك. وقال بهذا القول ابن عباس ومجاهد وابن جريج. (1)
وإذا كان القول هذا مأخوذاً من الرسول - صلى الله عليه وسلم - فنأخذ به، ولا نجادل فيه، وإن كان أمراً اجتهادياً مبنياً على العلم بطبائع الحجارة وخصائصها فهذا قول غير مسلّم، فإن من الحجارة ما يفوق حجارة الكبريت قوة واشتعالاً. والأوائل رأوا أن حجارة الكبريت لها خصائص ليست لغيرها من الحجارة فقالوا إنها مادة وقود النار، يقول ابن رجب: \" وأكثر المفسرين على أن المراد بالحجارة حجارة الكبريت توقد بها النار. ويقال: إن فيها خمسة أنواع من العذاب ليس في غيرها: سرعة الإيقاد، ونتن الرائحة، وكثرة الدخان، وشدة الالتصاق بالأبدان، قوة حرها إذا حميت \" (2). وقد يوجد الله من أنواع الحجارة ما يفوق ما في الكبريت من خصائص، ونحن نجزم أن ما في الآخرة مغاير لما في الدنيا.
ومما توقد به النار الآلهة التي كانت تعبد من دون الله (إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون* لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها وكلٌ فيها خالدون) [الأنبياء: 98 99].
وحصبها: وقودها وحطبها، وقال الجوهري: \" كل ما أوقدت به النار أو هيجتها فقد حصبتها \"، وقال أبو عبيدة: \" كل ما قذفته في النار فقد حصبتها به \". (3)
----------------
(1) تفسير ابن كثير: (1/107).
(2) التخويف من النار، لابن رجب: ص 107.
(3) يقظة أو لي الاعتبار:ص 61.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد