بسم الله الرحمن الرحيم
ذات ليلة من الليالي الهادئة..كانت السماء كصفحة رُسم فيه وجه ضاحك سعيد باكتماله..وكانت النجوم تشاركه في الضحك بالبريق واللمعان مما أكسب الليل جواً ساحراً لا يتكرر.. لقد كنت أشاهد هذا المنظر من نافذة غرفتي وأنا أشعر بالملل بعد محاولاتي المضنية في النوم.. لقد تقلبتُ في فراشي ساعة كاملة ولم يغلبني النعاس بعد.. ماذا أفعل في هذه الساعة المتأخرة؟؟.. فتحتُ نافذتي وأخذتُ أتطلع للسماء.. لقد كان أمام منزلنا المتواضع فيلا أنيقة تدل على راحة أهلها.. وحول الفيلا حديقة جميلة ولكن يبدو أنه لم يعد هناك من يهتم بأشجارها وأزهارها.. آه لقد تذكرت.. لقد سافر أصحاب هذه الفيلا إلى الخارج منذ فترة ليست ببعيدة.. لقد كان ضوء القمر ينعكس على الفيلا والحديقة مما يعطي المكان منظراً كئيباً مهجوراً كما لم تطأه قدم منذ سنين ولكن لحظه.. ما هذا؟!.
فركت عينيَّ غير مصدقة لما أرى.. هناك شيء يتحرك.. نعم لقد رأيته.. لقد اختفى.. يا إلهي!! أهو لص أم شي آخر؟!.. كيف سأتصرف؟!.. لقد ظهر ثانيةً.. إنه يمشي في حذر شديد ويتلفت يمنه ويسرةً.. يبدو أنه اعتاد على فعل ذلك.. ماذا أفعل يا إلهي!!. هل أيقظ والدي؟!.. أم أتصل بالشرطة على أن المكالمة من متصل مجهول؟!. لقد وصل للباب الداخلي للفيلا.. هل سيكسر الباب أم سوف يبحث عن وسيلةً أخرى للدخول إلى الفيلا؟!.. لقد فعل ما لم يكن بالحسبان.. لقد أشعل مصباحاً صغيراً وأخذ يعبث بقفل الباب ثم.. لقد فعلها.. لقد فتح باب الفيلا واختفى داخلها.. إنه لصٌ محترفٌ إذن!!.. لم أسمع بوجود لصوص في منطقتنا.. أرى ضوءاً خافتاً عبر نوافذ الفيلا.. إنه يبحث عن أي شيء ذا قيمة لأخذه.. دعيني أنتهز هذه الفرصة بالاتصال على الشرطة.. ركضتُ بسرعة إلى الهاتف وضغطت على رقم الطوارئ.. أجابني رجل بصوت هادئ:
النجدة تتحدث.. قل ماذا يحدث عندك؟
ارتبكتُ في البداية ولكني تحدثتُ مغيرةً صوتي بصوت لا يخلو من الارتباك:
يوجد في المنزل رقم \"..... \" في الحي \".......... \" لص ما زال في المنزل.. فأرجو أن تصلوا قبل أن يذهب بغنيمته.
قال لي وهو يظن أنني فتى: انتظر يا فتى.. إنك لم تقل بعد من أنت وما...
أغلقت السماعة قبل أن يكمل تساؤله.. لقد خفتُ أن يعرف رقم المنزل وبالتالي أتورط في الأمر.. قلبي يخفق بشدة والعرق يتصبب من جبيني.. أين سيأتيني النوم في هذا الرعب الذي أعيش فيه؟؟ رجعتُ إلى النافذة.. إنه ما زال في الداخل.. لقد كان يتحرك بثقة أن لا أحد يراقبه.. لقد خرج أخيراً ومعه الغنيمة طبعاً.. إنني أرى من بعيد سيارات الشرطة قادمة.. لقد قربت نهايتك أيها اللص.. أقفل الباب خلفه بحرص حتى لا يعلو صوته.. وأخذ يعبث ثانيةً بقفل الباب.. إنه يمتلك دماً بارداً إذن!!.. سرعان ما يصبح دافئاً في مركز الشرطة.. لقد كان ضوء مصباحه ينعكس على مقبض الباب وأشياء حديدية يعبث بها اللص مع قفل الباب.. لقد انعكس ضوء المصباح على وجهه.. يا إلهي!! لقد رأيته.. لقد رأيته.. لكن المصباح سقط منه سهواً عند محاولته إدخال شيء ما في جيبه..
لقد أخذ المصباح ثانية.. لكن هذه المرة سقط ضوء المصباح على وجهه كاشفاً ملامحه بوضوح.. يا للهول!!.. يا إلهي!!... ماذا فعلت؟.. إنه أخي!!. لقد اقتربت الشرطة كثيراً.. لا أستطيع تحذيره.. يا إلهي ماذا فعلت؟!.. أطفأ المصباح.. واجتاز الحديقة حتى وصل إلى بابها وخرج من المكان.. وكان في استقباله ما لا يقل عن خمسة من رجال الشرطة وهم يصوبون أسلحتهم نحوه ويحذرونه من فعل أي شيء ويأمرونه برفع يديه أعلى رأسه.. سوف أصاب بالجنون.. لقد جنيت على أخي.. هل هو خطأي أم خطأه؟؟..
حدثوني.. هل هو خطأي.. أم خطأه.. أم قدري وقدره..
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد