بسم الله الرحمن الرحيم
بعد أن أنهيت دراستي الثانوية، عملت موظفا في أحد الشركات التجارية، وقد فصلت من العمل لكثرة تغيبي، و عدم انضباطي، عملت بعدها أعمالا مختلفة من بناء، و تجارة، و غيرها حتى استطعت أن أكون نفسي، و أجمع مبلغا من المال.
و في أحد الأيام عرض علي أحد الشباب السفر إلى أحد الدول الآسيوية، و كان يروي لي مغامراته و مشاهدته كان يجاهر بالمعصية و العياذ بالله،
يقول الشاب: كان صاحبي يحدثني عن المتع المحرمة و كأنه يغريني بالسفر حتى عزمت عليه و استحوذني الشيطان، كان صاحبي أول المرحبين و تكفل بشراء تذكرة السفر على أن أتكفل أنا هناك ببقية المصاريف،
و سافرنا هناك رأينا جموع من الشباب ليس لهم هم إلا المتعة المحرمة،
اليوم الأقصى يشتكي و الشباب يغرق في أوحال المعاصي و المنكرات،
هاهو الأقصى يلوكُ جراحة *** و المسلمون جموعهم أحادٌ
يا ويلنا ماذا أصاب رجالنا *** أو ما لنا سعد و لا مقدادٌ
يقول الشاب: رأينا هناك جموع من الشباب ليس لهم هم إلا المتعة المحرمة، فتعلمت من الشباب التدخين، و شرب الخمر، ثم الزنا، ثم تعاطي المخدرات، خضنا في كل الوحول القذرة حتى بلغنا الحضيض، ثم عدنا و بعد فترة جمعنا مبلغا أخرا من المال ثم سافرنا إلى بلد أخر أشد فساد و جربنا كل شي، و في إحدى الليالي رفض أحد الشباب إعطائي حقنة المخدرات المعهودة، و خرجت من الفندق، و قابلت مجموعة من المروجين فدعوني إلى مقرهم فذهبت معهم، و عرضوا علي أنواع كثيرة من المخدرات كنت أجهل بعضها، و مدى تأثيره على الجسم، و بعد تعاطي المخدرات، و المسكرات، دعاني أحدهم إلى الغرفة المجاورة لممارسة الزنا، بعد أن أمرني بدفع الثمن مقدما، و كنت في سكر شديد لا أدري ما أصنع، فقبلت العرض و لم أكن أدري أني أمشي برجلي إلى الهاوية، ثم بعد أيام عدنا من السفر و مارست حياتي الطبيعية، لكن شبح المخدرات كان يطاردني في كل مكان، و قد نصحني بعض المخلصين بالتوجه إلى المستشفى لتلقي العلاج، فوعدتهم بالذهاب و لم أذهب توالت السفرات لممارسة تلك الأعمال المشينة التي أصبحت جزء لا يتجزأ من حياتي البائسة المتدهورة، حتى نفذت النقود احترفت السرقة من هنا و هناك، و تعلمت فنون النصب و الاحتيال، حتى أجمع لمتعتي الحرمة، و فجأة شعرت بوعكة صحية و ذهبت إلى المركز بحثا عن العلاج، و بعد تحليل عينة من دمي أخبروني أنني حامل لفيروس الإيدز، فضاقت الدنيا في وجهي، ياللهول يا للمصيبة لقد ذهبت تلك الذات و انقضت تلك المسرات،
فلم يبقى إلا الآلام و الحسرات، وا حسرتاه على أصحاب لم ينفعوه،
وا حسرتاه على أحباب لم يشفعوه، يا حسرتاه يوم طال السفر و لم أعد زاد للحفر،
و حسرتاه على عمر مضى، و زمان ولى و انقضى و لم أتقي فيه حر لظى،
يا حسرتاه إذا كشف الديوان بخطايا اللسان، و زلات الجنان،
و قبيح العصيان، يا حسرتاه إذا وضع الكتاب، و نشر ما فيه من خطأ و صواب،
و عرض الشباب، يا حسرتاه على صلاة أضعتها، و زكاة منعتها، و أيام أفطرتها،
يا حسرتاه على أوقات أهدرتها، يا حسرتاه على ذنوب ارتكبتها و فواحش اقترفتها،
يا حسرتاه يوم لم يلهج لساني بذكره، و لم تقم جوارحي بشكره،
يا حسرتاه يوم يفوز الصالحون بالدرجات، يا حسرتاه يوم يهوي الظالمون في الدركات،
قال - سبحانه -: {و أنذرهم يوم الحسرة إذا قضي الأمر و هم في غفلة و هو لا يؤمنون أنا نحن نرث الأرض و من عليها و إلينا يرجعون}
يقول الشاب: لقد ذهبت تلك الذات و انقضت تلك المسرات،
فلم يبقى إلا الآلام و الحسرات، لم يبقى إلا الآثام و الأوزار و التبعات
تفنى اللذاذت ممن ذاق صفوتها *** من الحرام و يبقى الإثم و العار
تبقى عواقب سوء في مغبتها *** لا خير في لذة من بعدها النار
هذه حكايتي باختصار و كل ما أعرفه أني مصاب بمرض الإيدز،
و إني أنتظر الموت، و على الرغم من أني أسير إلى الموت سير سريعا فقد أفقت من غفوتي و أفقت من غفلتي، و أنصح كل شاب عاقل بالالتزام بتعاليم الدين الحنيف..
تلك التعاليم التي لطالما سمعتها و لم نتبعها
..إنما أتبعنا النفس..
هذه قصة ذكرها الشيخ خالد الراشد في شريط قوافل العائدون