الألمان والإسلام... تجارب داعية


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

  تبادل التجارب الدعوية ضرورة تحتمها ما ينتج عنه من إثراء للدعوة, واختصار للوقت، والبناء على قواعد وأسس السابقين, والمواصلة على طريقهم. ومن هذا المنطلقº فإن تجربة الداعية الألماني المسلم الشيخ محمد صديق – خريج الجامعة الإسلاميّة – تجربة حريّة بالدراسة والاهتمام.

 

تعريف بالداعية:

ولد الشيخ محمد صديق سنة 1944 م في مدينة برلين، ودرس في جامعة أم درمان الإسلامية في الفترة 1967-1970م ثم انتقل إلى الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة, فدرس في كليّة الدعوة وأصول الدين في الفترة 1970-1974م, وتخرج منها، ثم جاء إلى ألمانيا. وأسس في دار مستأجرة بمدينة آخن الألمانية جمعيّة للدعوة سنة 1981م، ثم انتقلت الجمعيّة إلى القرية التي هي فيها الآن منذ سنة 1983م.

ومن أهداف الجمعيّة: متابعة المسلمينº لتكون لهم مراكز اجتماعيّة طيّبة في هذا البلد, كاستثمار الأموال.

وإليك نص الحوار:

 

سؤال: متى سمعت عن الإسلام في حياتك؟

جواب:كنت في الأصل بروتستانتياً ملتزماً، وسمعت عن الإسلام بادئ الأمر في المدرسة، وما سمعته كان ذم, وتشويه له. وأما أول اتصال بالمسلمين لي كان سنة 1961م في مدينة \"برلين\" حيث كانت توجد جمعيّة طلابيّة إسلاميّة من الألمان، وكان لها نشاط طيّب جدّاً في ذلك الوقت. وقد كنت راغباً في أن أسمع شيئاً عن الإسلام, فحضرت بعض الاجتماعات التي كانوا يعقدونها في الأماكن العامّة، ومنها الاحتفال بالعيد.  وبعد أن سمعت من المسلمين بعض ما يتعلّق بدينهم، ورأيت بعض تصرّفاتهم, بدأت القراءة عن الأديان الأخرى: كاليهوديّة, والنصرانيّة، وقرأت - \" لمحمد أسد\"- وبعض دواوين \"إقبال\" المترجمة إلى اللغة الألمانيّة. ودخلت في الإسلام سنة 1962م . وبدأت دعوة غير المسلمين إلى الإسلام.

 

سؤال: ما أهم ما يؤثر في الألمان من موضوعات الإسلام؟

 جواب: تصحيح الروابط الاجتماعيّة، ولا يوجد لهذه الروابط تصحيح في أي دين مثل دين الإسلام. فهنالك أمور مهمّة تشغل بال الغربيين، ولها حلول في الدين الإسلامي، بمعنى أن تناول مثل تلك المواضيع أمام الألمان, وطرح الحلول الإسلامية له تأثير كبير.

 

سؤال:هل توجد رسالة, أو كتاب عن العقيدة الإسلاميةّ باللغة الألمانيّة؟

جواب:لا توجد رسالة باللغة الألمانيّةº يمكن أن تؤثر في الألمان, وينبغي أن تؤلّف رسالة في هذا الموضوع.

 

سؤال:ما الوسائل المؤثّرة في الألمان؟

 جواب:هناك مجموعة من الوسائل التي نتبعها:

1-تجسيد الحياة الاجتماعيّة الإسلاميّةº كالمخيّمات، وتكون فيها برامج تربويّة. ومشاركة الشخص في مخيم واحد لمدّة أسبوع يؤثّر فيه بشكل كبير.

2-طباعة الكتب, وتوزيعهاº لأن المراكز الإسلاميّة, لا تغطّي الحاجة.

3-الندوات العلميّة, والمحاضرات.

4-اللقاءات الكبيرة. ونحن نقيمها كل أربعة أشهر.

5-الرحلات الجماعيّة في ألمانيا, وغيرها.

6-إقامة معارض كتب، بعد الاستئذان من البلديّة.

7-إقامة محاضرات, ويعلن عنها في يوم مفتوح, ويكون يوم الأحد. واليوم المفتوح معروف لدى الألمان، وقد خصص أوتوبيس للدعوة.

8- إقامة معارض للوحات فنية فيها ما يدل على معان إسلاميّة تلفت النظر.

أما الوسائل الإعلاميّة فقد ابتعدنا عنها لعدم وجود أشخاص يساعدوننا على نشر الحقائق الإسلاميّة من خلالها، وهذا الابتعاد تسبب في استغلال الآخرين لها, وتفوقهم باستغلالها.

وأرى ختاماً أن أهم الوسائل لنشر الإسلام, وتبيانه في ألمانياº هو إنشاء مدارس إسلاميّة فيها.

 

سؤال:هل تظن أن الحجّة قد قامت على أهل أوروبّا بالدعوة إلى الإسلام، وبخاصّة ألمانيا؟

 

جواب:أغلب الأوروبيون يعرفون عن الإسلام أفكاراً مشوّهة، ولا أرى أن الحجّة قد قامت عليهم. وأغلب المسلمين فيها لا يطبّقون الإسلام، ولذلك لا توجد القدوة الحسنة التي يراها الناس. ولو أراد الإنسان أن يبحث عن الحق فأمامه مئات الأديان والفلسفات، وتوجد التيارات المضادّة, والقدوة السيئة، وعليه فإن البيان النظري نفعه قليل مع انعدام القدوة الحسنة.

 

سؤال :ما المشكلات التي تواجهونها في الدعوة إلى الإسلام؟

جواب:عدم وجود الشخص المسلم الذي يبذل نفسه, وماله في العملº للإسلام، وأغلب الذين اعتنقوا الإسلام, إنما اعتنقوه بأسباب عمليّة, وقدوة حسنة, وعلاقات اجتماعيّة. فمثلاً الدار – أي الجمعيّة – لا تقبل المساعدات الرسميّة بسبب نظرة الناس هنا إلى من يقبل تلك المساعدات، حيث يتهمونه بأنه عميل للدولة المساعدة، ولهذا فإن المساعدات التي تردنا فرديّة أو اشتراكات من المسلمين. والذي يشارك في نشاطات المركز، كالدورة التي تقام في الصيف مثلاً، يدفع عشرة ماركات يوميّاً، والذين يسكنون في الدار يدفعون أجرة لتغطية تكاليف الصيانة وغيرها. وفكّرنا في موضوع استثماري, فاشترينا فندقاً صغيراً للمسلمين، ولم ينجح المشروع كما نريدº لأنّه لا يقصد من قبل الزوار إلا في بعض الأوقات.

ونحن حين اشترينا الدار, فوقف الناس – ومن ضمنهم عمدة القرية - ضدّنا, وحاولوا منعنا من مزاولة النشاطات الدعوية في القرية، إلا أن تصرف الأخوة, ومعاملة الناس بالحسنى دفع أهل القرية, ومنهم العمدة إلى أن يعاملوننا بالمثل.

 

سؤال:كيف تنظر لمستويات الدعاة والمدعوين؟

جواب:الدعاة لا بد أن يكونوا على مستوىº يناسب المدعوين, وكل مستوى من المدعوين له من الدعاة ما يناسبهº ولكن قد لا يؤثر الداعية الذي هو من أعلى الطبقات الاجتماعيّة في مدعوين من أقل الطبقات، وقد يؤثر الداعية الصغير فيمن هو أعلى طبقة.

 

سؤال:ماذا عن الجاليات المسلمة في ألمانيا؟

 جواب:أكثر تجمّع للمسلمين هنا هو تجمّع الأتراك، ويوجد في ألمانيا العرب المشرقيّون، والعرب المغربيون، والباكستانيّون (أكبر تجمّع لهم يوجد في فرانكفورت), والإندونيسيون. وعدد المسلمين في ألمانيا يقدّر بمليونين. وعدد المسلمين الألمان نحو عشرة آلاف. وقد سعينا للحصول على عناوين المسلمين الألمان، فلم نحصل إلا على ألف عنوان فقط، مع أننا نجد الكثير من المسلمين في المدن والقرى.  كما أن للإيرانيين مسجد كبير في مدينة هامبورج، أسس في عهد الشاة, ولهم فيه نشاطº لأن القائمين عليه شخصيّات مهمّة، حتّى إن بعض أئمّة المسجد صاروا من كبار رجال الثورة الإيرانية.

وبعض الألمان يدخلون الإسلام عن طريق الشيعة. والمجتمع الإسلامي في هذا البلد, هو مجتمع مصغّر للعالم الإسلامي بتنوعاته, من حيث المذاهب الفقهيّة، والتنظيمات الدينية, كالطرق الصوفية, وغيرها، وهذا ما يجعل وضعنا الدعوي أصعب من وضع أي بلد إسلامي أخر. وتوجد هنا تجمّعات صوفيّة ألمانيّة، فالألماني يعتنق الإسلام بنيّة طيّبة, ولو عن طريق الصوفيّة، ولكن بعض الذين يصلون إلى درجة اجتماعيّة معيّنة من الصوفيين، كالمشايخ الذين يكاد الناس يعبدونهم، تكون أغراضهم ماديّة لا دينية.

وعلى مستوى أخرº فإن الحكومة الألمانيّة, ترحّب بالقاديانيّين, وتمنحهم اللجوء السياسي، وقد أصبح لهم تجمعات, ونشاطات في كل مكان، حتّى في القرى الصغيرة, وللبهائيّة أيضاً نشاط ملحوظ، ومركزهم في مدينة فرانكفورت.

 

سؤال:هل يمكن أن تفتحوا مدرسة كاملة لأبناء المسلمين تجمع بين منهج الإسلام, واللغة العربية, والمنهج الألماني؟

جواب:ليس ذلك صعباً، والذي ينقصنا هو الإمكانيات البشريّة, والماديّة.

 

سؤال:هل يمكن للمسلمين أن يحصلوا من الحكومة الألمانيّة على ساعات إذاعيّة, أو تلفزيونيّةº لنشر أفكارهم الإسلاميّة؟

جواب:هذا صعب في ألمانيا، ولكن لو اجتهد المسلمون في طلب بعض الأوقات, فقد تحصل الموافقة بشروط معيّنة.

وختم الأخ محمد صديق بقوله: لو فهم المسلمون أن الدعوة إلى الإسلام واجبة عليهم, وقام كل واحد بالدعوة في موقعهº لنجحت الدعوة.

 

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply