بسم الله الرحمن الرحيم
نص الاستشارة:
شيخي الفاضل: عندي صديق أحبه كثيراً وأسال الله أن يكون حباً خالصاً لوجهه الكريم، ولكن المشكلة تكمن في كوني أحسده عندما أعلم أنه يسبقني في حفظ القرآن. أرجو أن تساعدني لأني أحبه في الله وأريد أن أتخلص من صفة الحسد المذمومة ماذا أفعل؟
إجابة الإستشارة:
جميل جداً اهتمامك أخي عبد الله بشأن القرآن الكريم، وحرصك على حفظه والعناية به.
وأحب أن أوضّح لك أن أهم ما يجب أن يتخلَّق به حافظ القرآن الكريم هو العمل به.
ولذلك يا أخي عبد الله أنت مُطالب بأن تدرك هذا الأمر جيداً، فإن الذي يحفظ القرآن ولا يعمل به، لا يكون قد حقق الغاية من الحفظ.
وحسد الآخرين قد يكون متوقعاً في لحظات الحماس والتنافس، ولكن حافظ القرآن يحذر من التسويف والاستجابة لرغبات النفس ووساوس الشيطان.
والحل في تقديري ينقسم إلى قسمين:
أ) قسم قلبي. ب) قسم عملي.
أما القسم القلبي فالمقصود به: أنك كحافظ لكتاب الله، أو في طريق حفظه عليك أن تستشعر أنك من أهل الله، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: \"أهل القرآن هم أهل الله وخاصته\" وأنك من أهل العلم، كما قال الله - تعالى -: (بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم)، ولذا فإن من كانت هذه مكانته لا يفكّر في مثل هذه الأمور.
ثم إن صاحبك لو حفظ قبلك أو حفظت قبله، ليس في ذلك مزية!. لأن المهم هو الحفظ مع الفهم والعمل. أما مجرد الحفظ الأسرع لمجرد الحفظ ليس وراء ذلك كبير طائل.
فالسلف منذ زمن الصحابة كانوا يقرأون العشر آيات من القرآن الكريم ويحفظونها ويفهمونها ويعملون بها، ولربما استغرق منهم تطبيق ذلك في سور القرآن سنوات وسنوات!
كما أنه في واقع الحياة وجدنا أناساً حفظوا القرآن متأخرا كان لهم تأثيرهم، ونور القرآن بادٍ, على وجوههم، وروح كلماتهم ظاهر أكثر ممن سبقوهم في الحفظ.
لأن روح القرآن تظهر مع كل سورة يحفظها الإنسان، ويطبق ما فيها.
إنك إن فهمت هذه المعاني، واستشعرتها لن يدب إليك داء الحسد أبداً.
وأما من الناحية العملية، فإنني أرجو أن تتنبه للتالي:
1- استعذ بالله دوماً من الشيطان الرجيم.
2- اقرأ سورة المعوذات في أذكار الصباح والمساء، وبعد الصلوات وعند النوم.
3- ادعُ الله أن يرزقك الإخلاص والسداد.
وبعد، فإن الحماس والحسد الذي هو (الغبطة)، بأن تتمنى ما عند الآخرين من خير ونجاح هو أمر طيب يدفعك للأفضل، وأما أن يدب الحسد الذي فيه تعويق الآخرين وعدم تمني نجاحهم فليس هذا هدي المؤمنين أبداً.
أسأل الله لك التوفيق والسعادة، وأن يجعلك من أهل القرآن العاملين به.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد