بسم الله الرحمن الرحيم
السؤال:
إن أبي دائما يحث أخي على الدين، ويلح عليه بالصلاة في المسجد، وينهاه عن المنكر، فأبي يريد الخير لأبنائه، فهو متدين وملتزم جدا، فقرر أخي ترك المنزلº لأنه يقول إن أبي دائما يوبخه ولا يشعر بالحرية، وبعدها فوجئنا بشخص يأتي مع أخي، ويقول لنا إن أخي ينجذب إلى شباب وأنه من الشواذ، لقد كانت صدمة كبيرة جدا لنا، وأهلي لم يتركوه، و أرغموه على الرجوع إلى البيت، فقال لأهلي إنه ذاهب لرحلة مع أصدقاء العمل، واتضح أنه يكذب، فقد ذهب مع أصحاب سوء إلى مكان فيه فساد كبير. وأنا في حيرةº لاُن أهلي لا يريدونه بالبيت، يريدون أن يتبرؤوا منه، ولا يريدونه كابن لهم. أفيدوني ماذا أفعل؟
الجواب:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
استطعت من خلال هذا السؤال وضع يدك على الجرح الذي نحن بحاجة ماسة إلى الحذر من الوقوع فيه.
مرحلة أخيك مرحلة مراهقة، وتعني عدم نضج نفسي تجاه حاجاته النفسية، بمعنى أن لديه حاجات لم تلمسوها من خلال تعاملكم معه، ففي هذه المرحلة عادة ما يميل الذكور إلى تحقيق شخصياتهم والاستقلال بآرائهم، ويسعون إلى إثبات ذلك بكل الوسائل، ولا تستغربي أن يكون أخوك قد فعل ما فعل قاصدا الانتقام من أبيك نفسيا بفعله السلوك السيئ إن ثبت، فأنتم حتى الآن لم يثبت لكم ما نوع السلوك الذي يفعله، بقدر ما هو كلام من إنسان رآه برفقة شواذ، ولا نستطيع القطع بأي حكم على تلك النوعية من السلوكيات، وقد تكونون بطريقة معالجتكم للمشكلة ساعدتموه في اعتناق ذلك السلوك من حيث لا تشعرون، أما تخلي أهلك عنه، وطرده من المنزل فهو هروب من المشكلة، وتخلٍّ, عن المسؤولية التي أوكلها الله لهم، وعليهم بالصبر والمجاهدة والمعاملة بالرفق معه، فما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه، وأخوك يحتاج إلى محبتكم له الآن أكثر من أي وقت مضى، فاحرصوا على إشباع تلك الحاجة لديه.
الخطوات التي نرى أهمية الأخذ بها عاجلا:
أولا: العمل على مساعدة أخيك في فهم ذاته من خلال اللقاء معه من قِبَل من ترون أن لديه القدرة على سماع ما لديه، وفهم حاجاته، والوقوف على أسباب طرقه لهذا السلوك، والذي أراه أن والدك لم يصب في الضغط عليه، فكان الأولى دعوته بالرفق واللين، والإكثار من الدعاء له، فالبشر عليهم هداية الدلالة، والله - سبحانه وتعالى - يملك وحده - سبحانه - هداية التوفيق.
ثانيا: الدعاء وهو في المقام الأول من قبل الجميع وخاصة والديه، ولا يملوا ولا ييأسوا فإن في الدعاء شفاء له بإذن الله.
ثالثا: من ترون ممن يحبهم ويقدرهم ادفعوهم لصحبته، والصبر على ما قد يبدر منه رغبة في صلاحه، فإن ذلك مع الوقت يجعله يستبصر بمشكلته أكثر، ويقف مع نفسه، ويستمع لصوت الحق بإذن الله.
رابعا: عاملوه لذاته بغض النظر عن سلوكه، فإن مثل هؤلاء باحثون عن الحب، فإذا لم يجدوه في بيوتهم طلبوه من الشارع بأي وسيلة كانت، أشعروه بمحبتكم ورفقكم به، وساعدوه فيما قد يطلبه منكم وفيه خير له، أو ليس فيه ضرر عليه.
خامسا: والدك ووالدتك يجب أن يدركا أن ما حدث مرحلة، وسوف تزول بإذن الله، وأنه يجب أن لا يشعرا ابنهم بمقدار غضبهم منه، والأولى أن يظهرا شفقتهما عليه، بمعنى ألا يكونا سلبيين تجاهه، ويشعراه بأن القرار قراره، وأن الذي يريانه هو كذا وكذا، وهو من يقرر، ولا يظهرا السخط منه متى ما قرر ما يخالفهماº لأنه قد يفعل ما يثيرهما رغبة في معرفة صدق مشاعرهما تجاهه، وعليهما ألا يتحدثا معه أو يناقشا مشكلته أو سلوكا خاطئا ارتكبه علانية أمام أحد، سواء منكم أو من غيركم داخل أو خارج المنزل، واحرصوا على كتمان مشكلتكم معه عن الآخرين الذين قد يتندرون بها، فتدفعه إلى الانتقام أو ارتكاب ما هو أكبر و أعظم.
سادسا: يجب أن تبصري والديك بهذا الأمر، وألا يتخليا عن ابنهما، بل يبقياه معهما في المنزل مع محاولة تنفيذ ما ورد في الفقرات من أولاً حتى رابعا، فإن ذلك بإذن الله - تعالى -سوف يعيده تدريجيا إلى نعيم أسرتكم المباركة.
سابعا: مثل هذه المشكلات قد يلحظ فيه التغيير تدريجيا وبطيئا، فلا تستعجلوا النتائج، فالأهم هو مساعدته في فهم ذاته، واستبصاره بمشكلته فهذا نصف العلاج.
ثامنا: عليكم النظر في أسباب سلوكه لهذا الأمر، والتي ذكرت منها توبيخ والدك له، والضغط عليه كثيرا، دون الاستماع له وتلبية حاجاته النفسية، فلعلكم تتداركون هذا الأمر معه فيما يساعده على الاستقرار النفسي بإذن الله.
أسأل الله له الهداية والصلاح، وأن ينفع به الإسلام والمسلمين.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد