زواج المصياف


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

آخر الصرعات: (زواج المصياف) موضة تجتاح الكويت..

 

هل نقول معه: وداعا لأعباء الأسرة والأبناء بعد اليوم!

 

ليس غريبا أن تكثر الموضات والصرعات في هذا العصر الذي نعيشه، لكن الغريب حقاً أن يصبح الزواج، الذي كان لوقت طويل إكمال نصف الدين، إحدى هذه الموضات أو تلك الصرعات.

 

وبعد زواج المسيار والـ «ويك اند» والـ «تيك اواي» جاءت آخر الموضات والصرعات التي يطلق عليها «زواج الصيف» أو «زواج المصياف»، ولاقى رواجاً كبيراً في المجتمع الكويتي، خصوصاً في أوساط الشباب. وعلى الرغم من أن ما بين 70 إلى 80% من «زيجات الصيف» علنية، فإن أطرافها يفضلون إبقاءها سرية والتكتم عليها إلى أبعد الحدود في محاولة للمحافظة على استمرار قدرتهم على الزواج وتكراره لمرات.

 

والأسئلة التي تحيط بـهذه الصرعة كثيرة: فما «زواج الصيف»؟ وكيف يحصل ومتى؟ وهل هو جائز شرعا وقانونا؟ وما الظروف التي تقود إليه؟ ولماذا تظهر موضته هذه الأيام؟ ولماذا يروج في أوساط الشباب خصوصا شباب الجامعة؟ ما شروطه وما محاذيره؟ وما رأي المقدمين عليه فيه؟

 

يؤكد أبو جراح، وهو أحد المداومين على هذا النوع من الزواج أن «زواج الصيف» صحيح 100%، فيه خطبة ومهر ويوثق في المحاكم، ويعقد في وضح النهار من دون أي خوف. لكنه يستدرك بقوله:

 

ـ هذا الزواج يعقد لفترة الصيف فقط، أي انه يعقد للسفر والترحال، حيث يتفق الرجل والمرأة، مبدئيا، على الزواج المؤقت من أجل السفر. وحين يجد الرجل موافقة من المرأة يذهب إلى أهلها ليخطبها منهم خطبة رسمية، وهو «يبيّت» النية ويضمرها انه سيطلقها بعد انتهاء الفترة.

 

وهل تحدد الفترة في العقد؟ يجيب أبو جراح:

ـ لا طبعاً، لأنها لو حددت في العقد تصبح «زواج الصيغة أو المتعة» وهو محل خلاف بين السنة والشيعة، أما هذا النوع فيختلف تماما عن زواج المتعة، لأن فيه كل شروط الزواج الصحيح، ولكنه في النهاية لا يستمر.

 

وهل يعلم الأهل بنية الزوج في الطلاق وعدم استمرار الزواج؟

ـ في الغالب لا يعلم الأهل بنية الزوج، ويجري الاتفاق بين الزوج والزوجة، قبل العقد، على كل شيء، وما موافقة الأهل الا لإضفاء الرسمية والشرعية على العقد فقط، وأحيانا يعلم الأهل..ويتركون الخيار للمرأة لتقرر ما تريد.

 

مربح ومريح> وما نوعية الرجال والنساء الذين يقدمون على هذا النوع من الزواج؟

تجيب عن السؤال مناير، وهي إحدى الخاطبات الضالعات في مجال «زواج الصيف» بقولها: ـ الموضوع في غاية السرية، ولكن ما دام التحقيق من غير صور فلا بأس أن أقول لك انه في الفترة الماضية (قبل سنة تقريباً) كان 50% من المقبلين على هذا الزواج من زبائني من المتزوجين الذين مضت على زواجهم فترة طويلة، و50% من المطلقين.أما الآن فأصبحت النسبة 50% من الكبار، متزوجين أو مطلقين و50% من طلبة الجامعة.

 

هل النسبة عالية إلى هذا الحد بين شباب الجامعة؟

ـ نعم فقد بدأ ينتشر اليوم بين طلبة الجامعة، وعدد لا بأس به منهم بدأ يتجه إلى هذا الزواج.

 

وهل يتزوجون من طالبات الجامعة؟

ـ يتزوجون من طالبات وغير طالبات، من الجامعة ومن غيرها، أي أن هذا الزواج بدأ ينتشر الآن في الجامعة بصورة بدأت تهدد الاستقرار العاطفي الذي ألفناه في هذا الجيل.

 

ولكن ما دمت متضايقة من الوضع، لماذا تعملين في هذا المجال؟

ـ لست متضايقة كثيرا، لأنني أقابل أحياناً أشخاصاً أشعر أنهم بالفعل في حاجة إلى زواج جديد وتغيير مؤقت في حياتهم، بالإضافة إلى أنه مكسب مالي جيد بالنسبة إلي، وهذا ما يصبرني على العمل فيه، ولكنني أشعر في الغالب بأن الشباب والبنات «يلعبون» ويلهون ولكن بطريقة رسمية.

 

المهر 500 دينار:

ويحدد أبو سليمان (32 سنة)، الذي تزوج زواج الصيف ثلاث مرات ومستمر فيه، المهر الذي يدفعه في هذا الزواج بقوله: ـ في الغالب أدفع للمرأة 500 دينار وتكون بقية المصروفات بالطبع على حسابي، كالسفر والهدايا، وأحياناً اتفق معها على دفع أقساط سيارتها طوال فترة بقائها معي.

 

ولماذا لا تستقر وتتزوج زواجاً دائماً؟ أو بمعنى آخر ما الذي تجده في هذا الزواج؟

ـ أنا متزوج ومستقر أسرياً، ولكنني مع زوجتي الجديدة (المؤقتة) أفعل ما لا أستطيع فعله مع (أم عيالي) كالذهاب إلى البحر وارتداء المايوه والدخول إلى صالات الديسكو والرقص وغير ذلك. وتوافقه الرأي زوجته المؤقتة (حنان) وهي مطلقة سابقاً ولديها ولد واحد، إذ تقول:

 

ـ نعم.. ما يقوله صحيح، شخصياً ارتحت من الغيرة الشديدة التي كانت سبباً رئيسياً في طلاقي من والد ابني، أنا الآن اذهب مع زوجي (المؤقت) إلى كل مكان واستمتع بكل أنواع الحياة.

 

ولكن المرأة عندما تتزوج تنشد الاستقرار دائما؟

ـ هذه هي المشكلة، ولا يوجد شيء كامل، هذا النوع من الزواج يحقق للمرأة متعة مؤقتة، ولكن إذا انتهى الزواج تعيش المرأة فــي قلق، واضطراب أي انه «وناسة» ولكن مــن دون راحة نفسية.

 

الأغبياء كثيرون:

وتعترف أم علي (21 سنة) وهي طالبة جامعية مطلقة بلجوئها إلى «زواج الصيف» قائلة:

ـ تزوجت مرتين بعد طلاقي الأول خلال سنة، والدي متوفى ولدي القدرة على إقناع والدتي بما أقوم به، أنا لا ارتكب خطأ ولا أقترف حراماً، إنه زواج صحيح، وما دفعني إليه عقدتي من طليقي وسوء معاملته لي، فقررت ألا أستقر وألا أبقى عند رجل واحد أبداً.

 

ألا تحبين الاستقرار والأولاد؟

ـ بالطبع، ولكن هناك فسحة من العمر، ما دمت جميلة وصغيرة، فمن المؤكد أنني سأقابل رجلاً سيوافق على الزواج بي زواجاً دائماً.

 

وتضيف (وهي تضحك): الرجال الأغبياء في الدنيا كثيرون.

 

فيه حرية:

ويبدو أن العوامل النفسية من أبرز أسباب الإقدام على زواج الصيف، وتقول نورة (30 سنة) وهي موظفة لجأت إلى هذا النوع من الزواج:

 

ـ في البداية لا أنصح أي فتاة بالإقدام على «زواج الصيف»، بل أنصحها بالمحافظة على نفسها حتى تلتقي بالرجل المناسب الذي تجد معه الاستقرار، وشخصياً «خربت» بيتي بيدي، وعندما وجدت نفسي وحيدة بلا زوج ولا أبناء، اتجهت إلى الزواج المؤقت بعد أن فقدت الأمل في الزواج من جديد.

 

ولماذا اتجهت إليه؟

ـ لأن الزواج المؤقت يتيح لي السفر الحر مع زوجي، وبحرية تامة أمارس حياتي هناك، ويحقق لي رغباتي كامرأة تحتاج إلى رجل معها.

 

إغراءات كثيرة:

لكن كيف يبرر طلبة الجامعة إقدامهم على خوض تجربة «زواج الصيف». يقول أبو جاسم (23 سنة) وهو طالب جامعي لم ينه دراسته بعد:

 

ـ الزواج الدائم لم يحن وقته بعد، فإكمال الدراسة وبناء المستقبل أولاً ثم تأتي الأسرة بعد ذلك.

 

ويتساءل أبو جاسم:

ـ حتى ذلك الوقت لماذا أقع في الحرام ما دام الحلال أمامي؟ الزنا أمر سيئ وخطأ اجتماعي كبير، والرجل لا يستغني عن المرأة، كما أن السفر مع الشباب أصبح موضة قديمة.

 

وكيف تقنع الفتاة بالزواج المؤقت؟

ـ أولا بالفلوس.. وطبعاً بعضهن وليس كلهن، بل إن عدد من يوافقن على هذا الزواج قليل جداً، ثم بإغراء السفر.. وغالباً، من يبحثن عن هذا الزواج يكن ممن يعشقن السفر وممارسة حياتهن بحرية.

 

وهل ترضى هذا النوع من الزواج لأهلك؟ وماذا تفعل إذا خدعك من يطلب يد أختك وتزوجها زواجاً مؤقتاً؟

 

ينتفض أبو جاسم قائلاً:

ـ لن أرحمه أبداً، ولن أغفر له، وسيكون لي معه تصرف آخر، فلن أسمح لأحد أن يستغل أهلي كبضاعة.

 

أليس في ما تقوله تناقض غريب؟

ـ ليس تناقضاً، قلت لك الفتيات اللواتي يرضين ويمارسن هذا النوع من الزواج محدودات جداً، ولكنهن موجودات في الواقع.

 

أخدع أهلي:

وتعلق أم راكان وهي طالبة جامعية على رأي أبو جاسم بقولها:

ـ هذه مشكلة شبابنا لا يتحملون المسؤولية أبداً، أنا لست ضد الزواج المؤقت، ولكن على الرجل أن يكون لديه مبدأ في حياته.

 

أنت الآن متزوجة.. وجرى الاتفاق مسبقاً على الطلاق كيف تثقين في وعده؟

ـ ليس هناك أي شيء يضمن لي أن يطلقني، ممكن جدا أن يعاند ولا يطلق ولا يوجد قانون يفرض عليه الطلاق، هذا هو الفارق بين هذا الزواج الذي يسمى «بنية الطلاق» وزواج المتعة.

 

ألا تعلم إحدى صديقاتك بهذا الزواج؟

ـ لا طبعا.. زواجي هذا سري للغاية، ومحصور في حدود ضيقة جداً في دائرة أهلي فقط، وأهله بالطبع لا يعلمون شيئا عن زواجه.

 

وكيف وافق أهلك على الزواج؟ أين أهله؟

ـ عادة ما يأتي الشباب في هذا الزواج بأصدقائهم على أنهم أهله، وتنطلي الفكرة عادة على الأهل الذين لا يتعبون أنفسهم بالسؤال عن أهل الزوج، ويكتفون برأي البنت كنوع من إعطاء الثقة والحرية لها.. وهذه طامة كبرى، ولن أجعل ابنتي في المستقبل تخدعني كما اخدع أهلي الآن!

 

أنتم متناقضون تماما.. بين ما تفعلونه وما تؤمنون به؟

ـ هذا صحيح، شخصيا أؤمن بأن هذا الزواج تلاعب وفوضى ولا يحقق الاستقرار، والخاسر في النهاية فيه هو الفتاة، ولكنني على رغم ذلك أمارسه لأتجنب الوقوع في الخطيئة والحرام.

 

أتزوج كل صيف:

ويبدو أن غياب الرقابة الشرعية في المجتمع يساعد على انتشار موضة «زواج الصيف»، إذ كيف يقنع الشاب المأذون الشرعي بهذا الزواج من دون إحضار أهله.

 

يقول الجارح (26 سنة) وهو طالب جامعي:

ـ بعض المأذونين الشرعيين لا يدققون في الأوراق لا سيما بالنسبة إلى الرجل، ولا يهتمون إذا كان أهلي معي أم لا.. المهم كمال أهليتي للزواج ووجود الشهود وأهل الزوجة، وهذه بسيطة جداً، فالشباب يساعدون بعضهم دائما في مثل هذه الأمور.

 

وإذا كانت الحجج التي يسوقها شباب الجامعة لتبرير خوضهم تجربة «زواج الصيف» تعد مقبولة لدى البعض، فان الحجج التي يسوقها الكبار خصوصاً من المتزوجين الذين ينعمون بالذرية تحتاج وقفة.

 

يقول أبو الوليد (38 سنة):

 

ـ أنا متزوج ولدي أربعة أولاد، وضعي الأسري مرتاح والحمد لله، ولكنني أتزوج سراً كل صيف لأسافر مع الزوجة الجديدة بعد أن أسافر مع زوجتي وأولادي أولاً، والحمد لله لدي خاطبة (جزاها الله ألف خير) تساعدني دائماً في هذا الموضوع.

 

الموضات والصرعات باتت كثيرة جداً، ولكن يبدو أن ما يتعلق منها بالزواج يتزايد ويتجدد عاما بعد عام.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply